( بقلم : عبد الرزاق السلطاني )
يوما بعد يوم تتواصل العملية السياسية في العراق بوتيرة تصاعدية، بعد ان نقطت الاجهزة الامنية مكامن الارهاب واستقرأت دواعيه فكان لعملية اقتلاعه وتقويضه من بعض مناطق العراق صرخة مدوية صمت آذان الارهابيين وحلفائهم الصداميين بمختلف مسمياتهم بعد ان شرعوا بفصول الارهاب المختلفة بشكل ممنهج ونفذوا اخطر حلقات الاجرام وشرائع الغاب بحق الابرياء دون سبب او جريرة، فالتطهير العرقي الذي قامت به الانظمة المتعاقبة على العراق لا سيما الصداميين والتكفيريين اثبتت مدى وحشيتهم وحقدهم، فالمقابر الجماعية التي زرعت بها البطاح بمئات الالاف دون اي وازع او رادع فضلا عن عمليات الانفلة التي طالت الاطفال والنساء وحولت السماء حينها الى سحب كثيفة من الغازات فهي لن تختلف عن الاولى في التصفية الجماعية، ان تلك العمليات مثلت المراحل الاولى لمخطط تشعبي للابادة الجماعية محاولين تسييس تلك الممارسات الاجرامية باستغلال المناخات وقتذاك لتنفيذ تلك الفصول التي اظهرت للعالم المتمدن اسوء ما مرت به البشرية من المصير المجهول وفضحت غياهب السجون وعرضت تراجيديا مسلسل مرعب لا مثيل له في تاريخ الانسانية، والامر الغريب هو استمرار تلك الحلقات الاجرامية على الرغم من هزيمة اللانظام الصدامي، فتفاقم التهجير القسري لاتباع اهل البيت(ع) بشكل مضطرد هو من الحلقات المتقدمة لافراغ محيط بغداد بغية عزلها، وما رافق هذه العمليات كسابقها من تعتيم سياسي واعلامي يقودهم تنسيق دقيق بين تلك القوى الاجرامية وحواضنها التي تميعت في بعض مفاصل الحكومة، فالاختفاء خلف الدبلوماسيات بات من المظاهر المكشوفة لدى جميع العراقيين، والخطاب التحريضي الديني والسياسي المبعثر هو بحد ذاته من الاخطاء الاستراتيجية التي تؤذي الجسد العراقي، اذ لابد من فضح المجرمين وكشف تلك البؤر من الحواضن وارتباطاتها وامتداداتها للوصول الى الجناة الحقيقيين الذين يحاولون استمرار النزيف العراقي والاسراع في الحملات الاستباقية المدروسة لتسير وفق المسارات الصحيحة لدرئ الخطر ولتحديد الارهاب المدعوم من خارج الحدود، فنحن بحاجة الى موقف ديني وثقافي لتعريف الارهاب ومواجهته وبالتالي كبح المواقف المتطرفة، اما الذي ندعوا له من الاعتدال والوسطية الذي يستحيل ان يولد في ظل حالات التراشق فالخطورة التي نواجهها ليست بعدم قدرتنا على معالجة واعطاء الحلول المناسبة لها انما الاشكالية في كيفية الخلاص من الحواضن الارهابية، وهذه تعد من المؤشرات التي تجاوزت المخاطر الامنية، واصبحت بذلك هي المشكلة بعد ان كان يظن البعض انها جزء منها، فقد اثبتت الايام انه لا يمكن احلال السلام والاستقرار في اي منطقة من العالم من دون بناء اواصر الثقة وقناعة القيادات باهمية السلام، فالارهاب يستهدف ترويع الاخرين فضلا عن هدم البنى التحتية ليحرف الانظار اتجاهه اذا لم يجد من ينظر اليه، فاستعدائه امر طبيعي كونه وليد ظروف غير طبيعية.
ان افهام معنى الفيدرالية لمن لا يعرفها يصب بلا شك في مصلحة العراق ففيها تحقيق امالهم وامانيهم مثلما تحققت امال الكثير من الشعوب الغربية والعربية، ولا غرابة في ان نرى بعض السياسيين والكتاب الذين تولدت لهم قناعات على خلاف التغير البنيوي الذي حصل على الساحة العراقية فبدأوا يكيلون التهم للشخصيات العربية العراقية بذريعة تجزأة العراق وعمالتهم للجهة التي يختارها هؤلاء الاقزام، ولكن بمتابعة بسيطة لما يعرض ويكتب عن الموضوع الحيوي اي (اقليم الوسط والجنوب) في الاعلام العربي المرئي والمكتوب تظهر حقيقة مؤلمة هي ان جمهرة كبيرة من المناهضين لتبنيه لا تعرف عن الفيدرالية وعن مزاياها وتطبيقاتها في دول العالم المختلفة، فهم يمارسون دورا سلبيا في تظليل الناس واخفاء الحقائق وحرفها وتصوير الامور بطريقة لا تخدم بالمحصلة النهائية الا القوى الظلامية والفاشية في المنطقة، فهذه المشاريع الاستراتيجية تبنتها قيادات فذة وجبارة، قلبت بفترة وجيزة نظريات قرون متعاقبة وتراكمات اعلامية مزيفة، اننا ندعوا اليوم الى بناء دولة المؤسسات من خلال التحاور ودعوت الاخرين الى معيار المواطنة والتعايش ونبذ العنف الذي لا طائل منه، فالعفو العام عن السجناء ليس من الحلول المثالية وبالخصوص لمن ثبت تورطه بدماء العراقيين ولا يمكن الصفح عنه تحت مبدأ(عفى الله عما سلف) ليرزح العراقيون(48) سنة اخرى تحت الظلم والعبودية والطغيان
https://telegram.me/buratha