بقلم: المحامي طالب الوحيلي
تتحدث التقارير الصحفية والبيانات الرسمية عن ادعاءات بتازم الوضع الامني طائفيا وان البلاد تسير نحو الحرب الاهلية او الطائفية ،وقد كان ذلك خطابا متشائم يروج اعلاميا لنشوب مثل هذه الحرب حسب معطياته الخاصة ،كالجنرال (ابي زيد) وتوقعه استمرار التصعيد الخطير للاحتراب الطائفي الذي وجد له مناخا صالحا عبر الارتجال في معالجة الملف الامني وعدم التفكير باستراتيجية كاملة لمعالجته وايقاف تدهوره من خلال الاعتماد على القنوات الوطنية المثابرة ،والتي يمكنها وضع خططا ايجابية مستفيدة من وطأة الحاجة الشعبية له ومن الامكانات الذاتية ذات الدراية الكاملة بالواقع الاجتماعي والسياسي التي تمكنت من امتلاك الخبرات الحقيقية كونها تعرف بواطن الامور وظواهرها ،ومكامن الخطر وبؤر الفعل الارهابي ومما يمكن ان ترسمه من خارطة دقيقة لمثابات قوى الامن ومتاريسها وخطوط الصولة ونقاط الدفاع ،فيما تعد خبرات قوات الامن في اقليم كردستان العراق خير دليل على الانموذج الحيوي في امكانية الاستفادة الذاتية في فرض الامن العام كونها قد استكملت منذ مدة لاباس بها كافة ممهدات السيادة الشعبية ،لاسيما وانها على حدود اقرب النقاط الساخنة ،كالموصل وكركوك مثلا والتي يعد الانفلات الامني فيها عاملا معرقلا للحركة الاقتصادية الرابطة للاقليم مع محيطه ،وتلك معضلة تختزل الميزة السياسية لتجربة الفيدرالية على وجه العموم ،مما يعني ذلك فقدان الرابط الحيوي والوجداني في الكيان السياسي العراقي .لقد افرزت التجربة السياسية الجديدة في العراق ،علامات مميزة في التعاطي المذهبي والاثني عبر توحد متناغم في النسيج العراقي ،ومحاولات جادة للقوى الوطنية لتجاوز خطاب الماضي المبني على دكتاتورية الطائفة الواحدة وانحسار السلطات لها ،فيما يقف الجميع امام حقيقة لا مراء فيها وهي ان الجميع يعيش على متن سفينة تمخر عباب بحر هائج ،فاذا ما خرمت فانها سوف تغرق بمن فيها ولا عاصم للجميع الا الله ،وقد عرف كل اناس مشربهم ،وحجمهم ومصادر قوتهم ،تلك القوة التي لو تماشت تحت لواء الوطن الواحد ،لاصبحت المثل الارقى لمجتمع مابعد الديكتاتورية والاستبداد .الخطاب الصائب الذي يفيض تفاؤلا واشراقا نحو مستقبل آمن ،ماتبنته الحكومة بمعظم اركانها ،مستمدة ذلك من الدعوات الصادقة للمرجعية الدينية وللقوى الوطنية التي ،تجاوزت بكثير مؤثرات الفعل ورد الفعل السلبي ،داعية الى فتح قنوات الحوار والرغبة بالمصالحة الوطنية بالرغم من تحفظها المستمر على هذا المصطلح ،اذا ما أريد تفسير معنى المصالحة باضيق معانيها السياسية والقانونية على وجه التحديد،وقد وجدت في ذلك معيارا جديدا وامتحانا للنوايا الوطنية الصادقة التي تروم قبر الماضي بكافة مخلفاته ،مع الاقرار بحقوق طالما هضمتها الانظمة البائدة ولاسيما النظام الصدامي ،او البراءة من المجازر التي ارتكبت بعد سقوط ذلك الطاغية من خلال القوى التي لا يمكن فصلها عن عقيدة ذلك النظام ،وبذلك تبرز الخط الفاصل الذي لا يمكن تعديه مهما كانت النتائج.لقد شهد المواطن العراقي الخطة الامنية التي طبقت من قبل الحكومة الحالية نولم يلمس فيها الا شيء من التدهور الامني جاء على خلفية تداعيات كثيرة هي امتداد لسلبيات الخطط الامنية المتلاحقة ،واسلوب الادارة المعلوماتية والحركاتية والتعبوية التي اتخد ،وقد اولت الحكومة لخطتها المزمع اعلان ساعة انطلاقها خلال اوقات لاحقة ،اولتها اكثر من عنصر نجاح عبر تنسيق متكامل فيما بين قوات وزارة الدفاع وقرينتها الداخلية ،ووزارة الامن الوطني ،والقوات متعددة الجنسيات التي تتهيأ كما يبدو من احداث الايام الاخيرة على وفق خطة مغايرة تعتمد على حبكة تقنية جديدة وسياقات اكثر جدية في اقتحام بؤر التوتر بالرغم مما في ذلك من حسابات تميل نحو الافراط في استخدام القوة في المناطق المكتضة السكان والتي يمكن ان توقع خسائر فادحة بالافراد الذين طالما فقدوا الكثير من ابنائهم واحلامهم بسبب الارهاب ،لذا فيجب الحذر من وقوع الكوارث التي شهدنا بعضها في مدينة الصدر مثلا ليل الاثنين الماضي .ما اشار اليه مستشار وزير الدفاع للشؤون العسكرية في مؤتمر صحفي له ،الى نجاحات تحققت خلال اليومين الماضيين ادت الى القبض على اكثر من 295 مشتبها به ،والى مستوى التنسيق بين الوزارتين ذاتي الاختصاص ،يذكرنا بالموقوفين الذين اطلق سراح عدد كبير منهم دون عرض اوراق اكثرهم على القضاء ،مما يدعو الى تعبئة اخرى لوزارة العدل ولمجلس القضاء الاعلى وهيئة الادعاء العام ،تلك السلطات القضائية يجب ان يكون لها القول الفصل في تقرير مصير المتهمين الذين يضبطون متلبسين خلال الاشتباكات المسلحة او في اجوائها ،بالرغم من اننا يفترض ان نكون تحت ولاية قانون السلامة الوطنية واحكام الطوارئ الذي لم نلمس منه ادنى موقف مؤثر على سير الاحداث وتاثيره على النظام القضائي في العراق،وقد استسلم المواطن العراقي الى اليأس من رجحان كفة القضاء الجنائي الذي لم يكن ملما بما يجري من زخم اجرامي اتخذته الزمر الارهابية التي امكنها طغيانها التفوق على سلطة القانون ومؤسساته لاسباب كثيرة منها قلة الكادر القضائي وعدم توفير الحماية الكافية للقضاة والقائمين بالتحقيق ،كذلك وجود بعض عوامل الفساد الاداري التي لم يتم تطهيرها فبقيت شاخصة في اروقة ودهاليز بعض المحاكم ،فيما بقي الادعاء العام بعيدا عن الفعل المحرك للدعوى الجزائية ،لاميدانيا ولا عبر مراقبة تطبيق قانون العقوبات والقوانين العقابية الاخرى لاسيما قانون مكافحة الارهاب الذي لايمكن تطبق الكثير من احكامه الاعبر تحريك الدعوى عن طريق الادعاء العام ومتابعتها حتى مراحلها الاخيرة ،وهذا ضرب من الخيال في ظل النظام القانوني السائد وخصوصا قانون الادعاء العام مما ينبغي اعادة النظر فيه ليكون اكثر حيوية ،مع التاسيس لسلطة مطلقة لهذه الهيئة تفوضها في مقاضاة اكبر مراكز النفوذ في البلاد فيما لو وقع ما ينتهك القانون.إذا على الحكومة ان لا تغفل تعبئة كافة الجهات ذات الاختصاص القضائي والضبط الاداري والمعلوماتي في تطبيقها للخطة الامنية ،بما في ذلك الالتفات الى النظام الانضباطي داخل اجهزتها الامنية والعسكرية .
وكالة أنباء براثا (واب)
https://telegram.me/buratha