( بقلم جعفر الصفار )
لايخفى على أحد من المهتمين والمتابعين أن في الإسلام مذاهب عديدة في الفكر والفقه حيث انقسم العالم الإسلامي إلى مذهبين رئيسيين معروفين هما السنة والشيعة، أما بن لادن وتنظيم القاعدة وحركة طالبان وكافة امتداداتهم في العالم فهم ينتمون الى مذهب أخر غير الذي يعرفه عموم المسلمين، انه مذهب ( محمد بن عبد الوهاب) الوريث الفكري والفقهي لابن تيمية والذي استطاع ان ينقل تلك الأفكار من موقع الاتهام والملاحقة والتكفير والمحاكمة له من قبل عموم المسلمين، الى موقع آخر استمد قوته واتساع نفوذه من ظروف منطقة( نجد) القبلية والاجتماعية والاقتصادية وطبيعة العلاقة التي تربط أهلها آل سعود مع عموم محيط الجزيرة العربية وذلك قبل ما يقرب من 240 عام وهي الفترة التي انطلق فيها محمد بن عبد الوهاب للتبليغ والدعوة لافكاره .
فقد اتضح وبصورة جلية بأن الخطر الحقيقي يكمن في هذا التيار الفكري والفقهي الذي ينتمي اليه هؤلاء الا وهو مذهب (محمد بن عبد الوهاب) الوريث الفكري والفقهي لابن تيميه , ولا يمكن للسلام ان يستتب في العالم الاسلامي اذا لم تتبرأ المذاهب الاسلامية من هذا الفكر التكفيري وتحرر مكة والمدينة المنورة من ايدي شيوخ هذا المذهب اصحاب الاسلام الوهابي الذي فصّل لخدمة العائلة السعودية الا مباركة؟!؟ والتي تتحمل وزر ما يحصل في العراق و في كل مكان يحاول آل سعود نشر هذا المذهب العفن فيه ....اما آن الآوان لمحاسبة حكام السعودية عما فعلوه ومازالوا يفعلوه بالمسلمين والاسلام الى متي يستمر صمت العالم الاسلامي عن جرائمهم واستهانتهم بكل المذاهب وتكفير كل من لا ينتمي للسلفية الوهابية الى متى يبقى بيت الله وقبر الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله وسلم رهينة بيد هادم الحرمين الشريفين . متى نحرر ما تبقى من علماء الدين الأحرار (حيث معظمهم يقبع داخل السجون السعودية ) .... فابن لادن لم يأت من فراغ ولم يكن نتاج عائلته أو بيئته القريبة انما هو جزء من تيار تكفيري ضارب في عمق التاريخ الأسلامي البعيد اذا اردنا فهمه لا بد من رصد بداياته ومتابعة تطوراته عبر المحطات التاريخية المختلفة لقد اطلق محمد بن عبد الوهاب على نفسه واتباعه لقب (أهل التوحيد) وشاع في الفتره الأخيره لقب (اتباع السلف الصالح) و(السلفيين) وهي التسميه المتعارفه بينهم في عصرنا ألحالي ، اما باقي السنه المسلمين فانهم يطلقون عليهم لقب الوهابيين وهي تسميه يرفضها هؤلاء ولا يقبلونها مع احترامهم الشديد للشيخ محمد بن عبد الوهاب مؤسس هذه الفرقه.
أسامة بن لادن ، الحضرموتي المولد واليماني الأصل والعائلة ، والسعودي الجنسية الذي قضى شبابه في الدول الغربية وامريكا كما هو واضح من الصوره النادره المنشوره اسفل مقالنا هذا , والداعية الذي تفرغ لما طلبته منه المخابرات الامريكية بعد ان ادعى بأنه زهد بما ورثه عن عائلته وأبيه من مال وجاه وسطوه ، وتفرغ الى ما يؤمن به هو من تعاليم الدين وشعاراته الزائفة وما توجبه تلك التعاليم عليه من طاعة ودعوة( وجهاد) ضد من يعتبرهم كفار أو مشركين ، تعلم من خبرته في أفغانستان عندما كان حليفا للأميركان في مقاتلتة لعسكر الاتحاد السوفيتي المحتل للبلد المسلم ، وكان مركز تعبئة لألاف الرجال من كل الأمصار لتدريبهم وزجهم في ساحات القتال ، انفتح على العالم وخبر أصول التعامل بين القوى والدول والمصالح ، وتعاون مع الأميركان واستفاد من دعمهم وخبرتهم وتصميمهم على طردالسوفيت من هذه ألأرض دخل السياسة وتنافس القوى في الباكستان البلد الجار الذي امتلك أسباب حفظ التوازن مع الهند ويزخر بالكثير من مقومات تطوير القوة والسلاح . بن لادن وبعد انسحاب السوفيت من افغانستان وسقوط امبراطوريتهم هجر موطنه ليستقر فيها رغم كل ما ورثته من انعدام الأستقرار والفقر والتناحر والقتال بين أخوة ألأمس.
مكث في أفغانستان وعينيه ترنو صوب ألباكستان الجاره الأهم التي قرر ان يدخلها هي ألأخرى من بابها ألأوسع والأسهل بالنسبة اليه ، باب الجوامع والمساجد ، ومدارس الدين والتبليغ ، ودور النشر والتأليف ، والجمعيات والمؤسسات ثم الأحزاب السياسية ، ذات الطابع الديني الشعبي التي بدأت تقترب من الخطوط الحمر في السياسة الباكستانية عن طريق ألأنتخابات المتاحة للناس هناك وفي الباكستان ولدت طالبان لتدخل افغانستان فجأة وتكتسح بسرعة مذهلة كل القوى والتناقضات وتقيم دولة (أمير المؤمنين) ومن وراءها يقف بن لادن ومعه زعماء القاعده مع انتصار طالبان وسيطرتهم على غالبية أرض افغانستان بدأت دولة (ألأسلام) وفق النموذج الذي يؤمن به بن لادن والتيار الفكري والفقهي التكفيري الذي ينتمي اليه وينظر الى العالم من خلاله .
ولا شك انه تيار طارء في تاريخ الأسلام ترك بصماته واضحة على جميع نواحي الحياة ومرافقها في افغانستان، ومهما يكن التقييم لتلك الدولة وطبيعتها فيبدوان بن لادن وهو الزعيم الحقيقي الذي يقف وراء قيامها لا يطمح لها باكثر من ذلك بعد ان حولها الى معسكر غير معلن ومختبر طموح وملجأ مفتوح يستقطب كل الصعاليك الهاربين من الحياة والعاشقين للموت في سبيل المبادىء التي روج لها وكذلك مدرسة ينطلق منها الدعاة الى شتى أنحاء العالم يبحثون عن مواقع جديدة يتبوؤنها من خلال ظروف قريبة الشبه بظروف أفغانستان كما هي في الصومال والجزائر وجزء من شمال العراق ( بل في جميع ارجاء العراق بعد الأحتلال الأمريكي ) وجبال الضنية في لبنان والشيشان وجنوب الفلبين وألبوسنيا وكوسوفو فضلا عن دول مستقره كأليمن وألكويت ومصر وغيرها.
بعد أحداث الحادي عشر من ايلول وما تبعها من تطورات أدت الى سقوط وزوال دولة طالبان في أفغانستان واختفاء بن لادن والملا عمر وبنفس الوقت تصميم اميركا على متابعة وملاحقة جميع قادة فلول تنظيم القاعدة بتحالف عالمي غير مسبوق فقد. اتضح للعالم ان الخطر يكمن في التيار االفكري والفقهي الذي ينتمي اليه هؤلاء وما يمتلكه من جذور تاريخية وسياسية وعقائدية , لقد مر هذا التيار بمراحل تاريخية مختلفة شهدت صعودا وهبوطا، اتساعا وضمورا، نصرا واندحارا، موتا ثم بعثا لكن الربع الاخير من القرن المنصرم شهد البداية لتطور جديد في فاعلية هذا التيار اذ خرج عن صمته تجاه ما يسميهم بـ (المشركين ) في العالم الاسلامي؟ وتجاه (الكفار) في مختلف انحاء العالم ؟ وقام نشطاؤه باعمال عديدة ومثيرة مثل احتلال الحرم المكي الشريف في شهر محرم عام 1400 هـ الموافق لسنة 1979 ميلادية، بقيادة جهيمان العتيبة ومحمد بن عبد الله ثم تتالت الاحداث خلال العقدين السابقين في مختلف مناطق العالم الاسلامي … بدءا بمصر من العمليات ضد السواح الأجانب وقتال الأقباط واليمن من خطف الأجانب وقتل من قتل منهم والاقتتال الداخلي في الجزائر بعد إلغاء نتائج الانتخابات التي فازت بها جبهة الإنقاذ ثم المعارك الطاحنة لحركة طالبان في أفغانستان، وخطف وقتل السواح الأجانب في جنوب الفلبين، واختطاف المسيحيين وقتلهم في جبال الضنية بنواحي طرابلس في لبنان فضلا عن الكثير من الأحداث الكبيرة التي سبقت ولحقت أحداث 11 أيلول عام 2001….
واخيرا وليس اخرا المعارك مع الأحزاب الكردية في منطقة البيارة في شمال العراق ، وتفجيرات بالي في اندونسيا والمعارك التي دارت في معان في الأردن وفتاوى محمد جمعه في وادي خالد بتكفير الشيعه وأباحه قتل النصارى وأنعكاساتها على أحداث ثكنه ألراعي ألصالح في لبنان( فضلا عن التفجيرات والأشتباكات الأخيره في السعوديه, والعمليات القتاليه والأنتحاريه في العراق لمواجهه الأمريكان والأمم المتحده واحتمال مسؤوليتهم عن قتل واستشهاد سماحة السيد محمد باقر الحكيم) قدس سره وما سيتوالى من أحداث يمكن ان يشهدها العالم خلال الأيام والأشهر والسنين المقبلة……بالطبع قد تكون تلك الأعمال جاءت من قبل تنظيمات عديدة ومنفصلة من الناحية التنظيمية لكنها تقوم على قاعدة واحدة من المتبنيات الفكرية والفقهية وتنتمي إلى نفس المدرسة التكفيرية بنفس المنطلقات الدينية والدوافع الشرعية مثل تنظيم المقبور ابو مصعب الزرقاوي التوحيد والجهاد في بلاد الرافدين , وجند الشام والى آخره من التسميات والتي تعود الى التنظيم الاساس المتمثل بالتيار الفكري والتنظيمي لهذه الجماعة التي اتمنى من كل قلبي ان تكون هي المقصودة بالحديث النبوي الشريف المثبت صحتحه من قبل كل المذاهب . قال الامام علي (ع) سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول : (يأتي في آخر الزمان قوم ، حدثاء الأسنان ، سفهاء الأحلام ، يقولون من غير قول البرية ، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم ، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم ، فإن قتلهم أجر لمن قتلهم يوم القيامة ) .
(بقلم جعفر الصفار)
https://telegram.me/buratha