( بقلم عبدالاله البـلداوي )
المقدمة:الوضع الأمني المتدهور في العراق بات يهدد مستقبل العراق أرضاً وشعباً وكل الآمال التي تطلعنا الى تحقيقها بعد سقوط نظام صدام المقبور، وبالرغم من بناء الأجهزة الأمنية من الجيش والشرطة مازال الأمن والأستقرار مفقوداً في الشارع العراقي، والإرهابيون يصولون ويجولون في البلاد من شماله الى جنوبه ومن شرقه الى غربه ينشرون الرعب بين المواطنين.ان عراق اليوم يواجه هجمة إرهابية عالمية شرسة، تحول بها الى ساحة حرب عالمية على الأرهاب الدولي، وساحة لتصفية حسابات الدول فيما بينها على أرضه.نحن نتوقع أن الأيام القادمة حبلى بما قد لا يحسب له الآخرون أهتمام يتناسب مع حجمه وخطورته، صراع القوى الدولية في العراق لم تنتهي مراحلها بعد، الزلزال قادم وقد يُدمر الجميع ، فهل تستطيع الحكومة العراقية أن تعيد ترتيب أوراقها لمواجهة متطلبات المرحلة القادمة .ان الوضع الأمني في العراق متأزم جداً ونال الشعب العراقي الكثير من العذاب بسبب الإرهاب وعدم الاستقرار، ولا يتحمل المزايدات السياسية على أمنه والكسب السياسي الشخصي والفئوي على حساب المصلحة الوطنية.فهل هناك متسع من الوقت لكي تتدبر الحكومة العراقية وجميع الخيرين المتصدين من الكتل السياسية أمرها من أجل العراق والعراقيين.ان الوضع الأمني في العراق لايزال مضطرباً، وآخذ في التدهور، ولايبدو في الأفق نهاية لهذا الوضع، حيث أصبح العراق تمزقه الجريمة والارهاب الدامي.وسببه يعود الى مايلي:(1) تزايد ونمو عدد وقوة الأرهابيين.(2) اتساع مدى العنف.(3) ضعف أداء الحكومة العراقية وخصوصاً الأجهزة الأمنية في مكافحة الأرهاب.(4) صراعات الكتل السياسية حول المناصب واقتسام الغنائم والأنشغال بالأمور الثانوية وترك الأمور الأساسية.(5) الملف الأمني لايزال بأيدي الأمريكيين، والقوة الموجودة لديهم في العراق غير قادرة على السيطرة على الأرهاب. (6) الاستراتيجية التي تعتمد عليها قوات التحالف في مكافحة الأرهاب لن تنجح في هزيمة الأرهاب.(6) عدم تعاون دول الجوار للعراق في ضبط حدودها لمنع تسلل الأرهابيين.- ان جرائم الشوارع والطرقات تثير قلق وخوف العراقيين بشكل يفوق الأهتمام بأعمال العنف والأرهاب، حيث أصبح الكثير من العراقيين يخافون من ترك منازلهم للذهاب الى العمل أو إرسال أطفالهم – خاصة بناتهم – الى المدارس.إذاً الملف الأمني ملف معقد وشائك وتتحمله عدة جهات، وهي:- قوات التحالف.- الحكومة العراقية.- دول الجوار.- أزلام النظام السابق والتكفيريون.- الكتل والاحزاب السياسية.- الإنسان العراقي.قوات التحالف: ان وجود القوات متعددة الجنسيات في العراق يعتبر أمراً ضرورياً لتأمين السلام في العراق، ولكن في نفس الوقت، فإن هذه القوات في حد ذاتها تعتبر جزءاً من المشكلة لأنها تشعل الفتنة. اذن المطلوب منها القيام بالأعمال التالية:- تدريب وتسليح الأجهزة الأمنية من الجيش والشرطة وتزويدهما بالتجهيزات العالية وبالأسلحة المتطورة الحديثة.- ضبط الحدود من خلال بناء مخافر حدودية مجهزة بأحدث أجهزة الرصد لكشف المتسللين.- تنظيف المدن من الأرهابيين.- الضغط على دول الجوار في ضبط حدودها مع العراق.- خروج قوات التحالف من المدن الى معسكرات خارجها بعد تنظيفها من الأرهابيين.- جعل جهاز المخابرات الذي يقوده الشهواني وزارة حفظ الأمن وربطها بالحكومة العراقية.الحكومة العراقية: أن يكون همها الأول الأمن وإرجاع الأمان الى المواطنين، لذا أرى عليها القيام بالأعمال التالية:- تحديد جدول زمني لأنسحاب القوات المتعددة الجنسيات من العراق.- زيادة ملاك أجهزة الشرطة والجيش الى الضعف أو أكثر بالعدة والعدد.- وضع عناصر كفوءة ومخلصة وشجاعة ولها خبرة واسعة على رأس هذه الأجهزة.- إرجاع أصحاب السوابق من المجرمين والقتلة والسراق والخطف وقطاع الطرق (الذين أخرجهم صدام من السجون قبل الحرب) الى السجون.- طرد العرب المقيمين من العراق الى حين إستتباب الأمن.- منع إرسال دورات تدريب للجيش والشرطة الى دول الجوار.- منع إستيراد السيارات المستعملة من الأردن.- سحب الأسلحة من الناس عن طريق الشراء بأسعار مغرية مثلما حصلت سابقاً في مدينة الصدر.- الأهتمام بالبطالة وإيجاد فرص العمل لهم لأنهم أحدى ركائز الأرهاب. أقترح سحب ثلاث أو أربعة وجبات التي لم تدعو للخدمة العسكرية منذ سقوط صدام ووضع برنامج ثقافي تربوي لهؤلاء بالاضافة الى التدريب العسكري وتقديم راتب لابأس به وتقصير فترة إيجازاتهم .- كسب شيوخ العشائر وزجهم في العملية السياسية من خلال تقديم رواتب شهرية لهم.- إبعاد وزارتي الدفاع والداخلية عن التحزب والتدخلات الحزبية. - وضع ظوابط لمراسلي القنوات الفضائية العربية والإسلامية ومحاسبة المقصر محاسبة شديدة. أقترح ان يكون العاملين في القنوات الفضائية عراقيون وعدم اعطاء إقامة لغيرهم للتواجد والتحرك في العراق.- تأسيس لجنة إعلامية مرتبطة برئيس الوزراء تتولى تثقيف الناس بالأمن والأمان عبر القنوات الفضائية والأعلام المسموع والمقروء وعقد الندوات والمؤتمرات في المدن العراقية والمدارس والجامعات والمساجد والحسينيات.- مراقبة ومحاسبة الأشخاص الذين يثيرون الفتنة والنعرات الطائفية ضمن قانون الطوارئ.- الأسراع في محاكمة الأرهابيين وتنفيذ الحكم العادل بحقهم.- تشجيع الناس من قبل الأجهزة الأمنية عن الأخبار عن الأرهابيين وأوكارهم من خلال تقديم مبالغ مغرية للمخبرين.- تشكيل أحلاف بين الحكومة العراقية والعشائر والأسر العراقية في التصدي للإرهاب.- تعزيز مصادر المعلومات الأمنية حول تنظيمات الأرهابيين وبناهم التحتية.- على الحكومة اقناع السنة العرب بأن عليهم ان يعقدوا آمالهم على العملية السلمية لا غير.- توزيع الواجبات بين وزارتي الدفاع و الداخلية، حتى كل واحد منهم يعرف واجباته. أقترح أن تكون واجبات وزارة الدفاع مايلي:1- مسك الطرق الخارجية.2- مسك مخارج ومداخل المدن.3- مسك المخافر الحدودية.4- مطاردة الأرهابيين ومداهمة أوكارهم خارج المدن.وأقترح أن تكون واجبات وزارة الداخلية مايلي:1- مسك مداخل ومخارج المدن (بعد نقاط الجيش بمسافة) وبسط سيطرتها على المدن بشكل كامل.2- تنظيف المدن من الأرهابيين.3- إيجاد نقاط تفتيش ثابتة ومتحركة داخل المدن.4- منع وصول السيارات الى مركز المدن وذلك بوضع حواجز كونكريتية.5- مطالبة الفنادق بتقديم قائمة بأسماء النزلاء وجنسياتهم الى الشرطة يومياً.6- إرجاع نظام المختارية الى الأحياء وتقديم جرد عن الحي المسؤول عنه الى الشرطة وعن كل شخص جديد يأتي الى الحي أو يرحل عنه. 7- قيام أمانة العاصمة والبلديات بأخبار الشرطة عن الحفريات التي تقوم بها في المدن.8- الأستفادة من التقنيات الحديثة لكشف الجريمة قبل وقوعها مثل نصب الكاميرات في الشوارع والوزارات والدوائر المهمة وأجهزة التنصت. واجبات المسؤولين في المدن: يجب أن يكون هناك تعاون وتنسيق بين الجهات التالية لسد الثغرات التي يستغلها الأرهابيون:1- المحافظ أو القائمقام أو مدير الناحية.2- مدير شرطة المحافظة أو القضاء أو الناحية.3- قائد قوات الحرس الوطني أو قوات الطوارئ التي تعمل مع قوات التحالف في المدن.4- رئيس المجلس البلدي في المحافظة أو القضاء أو الناحية.5- أقترح أن يكون تعيين المحافظ والقائمقام ومدير شرطة المحافظة أو القضاء بيد وزير الداخلية، بعد ترشيحهما من قبل المجلس البلدي.دول الجوار: على الحكومة العراقية مطالبة دول الجوار بمايلي:1- ضبط الحدود مع العراق ومنع الأرهابيين من التسلل الى العراق.2- فتح سفاراتها في العراق.3- تسليم أزلام النظام السابق المتواجدين على أراضيها الى العراق، بعد مطالبة الحكومة العراقية بذلك.4- عقد إتفاقيات أمنية معها.5- دعم الحكومة العراقية المنتخبة.أزلام النظام السابق والتكفيريين: على الحكومة أن تحاربهم بقوة من بيت الى بيت ومن شارع الى شارع وأستعمال القوة والشدة بحقهم وتطبيق قانون الأرهاب بصرامة بحقهم.والركائز التي يعتمد عليها الأرهاب في العراق، هي:- أزلام النظام السابق.- البطالة: وهي الجهة المحورية التي لعبته البطالة في مساعدة الأرهابيين على تجنيد وكسب أعضاء جدد، والى استخدام جماعات المقاومة عامل التخويف والتهديد مع كل مواطن عراقي تسول له نفسه التعاون مع قوات التحالف.- التكفيريون الوافدون من الخارج والداخل.- أصحاب السوابق من القتلة والحرامية والمجرمين.- الدعم المالي: من المال العراقي المسروق من قبل عائلة صدام وأزلامه، وكذلك من دول الجوار ومؤسساتها.- القنوات الفضائية: ويأتي عامل القنوات الفضائية العربية كعامل ثانٍ وخطير في إذكاء الأرهاب في العراق، خاصة قناة الجزيرة القطرية، فقد حاولت الكثير من الفضائيات العربية اللعب على الجانبين، جانب الأرهابيين تارة وجانب قوات التحالف تارة أخرى، فكانت النتيجة ان تحولت تلك الفضائيات الى قنوات إعلامية إمدادية لقضية الأرهاب في العراق.- الحواضن والأوكار الأمينة: للأرهابيين في المنطقة الغربية من العراق.الكتل والأحزاب السياسية:- دعم وإسناد الحكومة المنتخبة.- اللجوء الى الحكومة والى القانون في حل مشاكلها مع الآخرين.- الالتزام بالضبط والاحترام للحكومة والأجهزة الأمنية من خلال عدم اطلاق التصريحات اللامسؤولة من بعض أفرادها.- تزويد الأجهزة الأمنية بالمعلومات عن تواجد وانشطة العناصر الأرهابية.- تثقيف أفرادها على أهمية الأمن وكيفية تحقيقه والمحافظة عليه.الأنسان العراقي: تقع مسؤولية بناء الإنسان العراقي الذي دمره النظام السابق من جميع النواحي على الحكومة العراقية، لذا لابدَّ من وضع برنامج يقوم بإعداد وبناء الإنسان ثقافياً وأخلاقياً وتربوياً وروحياً وسياسياً، حتى يقوم بكل واجباته ومسؤولياته الوطنية من خلال الأعلام المرئي والمقروء والمسموع. يجب ان يكون هناك تعاون أمني من قبل الناس مع الأجهزة الأمنية، عن طريق الأخبار عن كل غريب يتواجد في المنطقة أو أي تحرك مشبوه، أو عند سماع خبر عن تحرك الأرهابيين.
عبدالاله البـلداويباحث في الدراسات الأستراتيجية والأمنية
https://telegram.me/buratha