( بقلم حيدر الأسدي الحلي )
وفقت لحج بيت الله الحرام عام 1992 م وتشرفت بلقاء شهيد المحراب آية الله السيد محمد باقر الحكيم قده في مقر إقامته بجوار الحرم المكي الشريف حضرت ممثلا ً لمجموعة من الحجاج العراقيين ومكلفا ً بإيصال رسالة وأسئلة مجموعة من الإخوة العراقيين تتعلق بشأن العراقيين في المهجر والساحة العراقية . حضر اللقاء الدكتور همام حمودي وسماحة الشيخ محمد تقي المولى بالإضافة الى مجموعة من مرافقي شهيد المحراب قده . وخلال اللقاء وكعادته في إستقبال ضيوفه من بشاشة وجه كالقمر وإبتسامة محياه التي تدخل السرور والبهجة على من زاره وتشرف بلقائه قده وكانت هذه الإبتسامة لا تفارقه رغم صعوبة الظروف وقسوة الزمن يستقبل ضيوفه مرحبا ً لا فرق بين صغير وكبير يعرفه أو لا يعرفه . قام قده وقــدّم بنفسه الحلويات والعصير مرحبا ً بي ومن معي من إخواني العراقيين .
وبعد أن بدأ شهيد المحراب حديثه بالسؤال عن أحوالنا والعراقيين في المهجر والشأن العراقي بادرته بالأسئلة وكان ضمنها قسوة الغربة والبعد عن الأهل والمصير المجهول . أوصانا بالصبر والتحّـمل وأننا في طريق ذات الشوكة وتلا قوله تعالى : وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا متى نصر الله ..وأوضح أننا في أول الطريق وفي بداية الزلزال يجب أن نصبر ونصمد لأن هذا الطريق طريق صعب طريق الأنبياء والأئمة والأولياء ع والصالحين .
و لإكمال الشوط ينبغي علينا أن نتحّـلى بالصبر والعفو عن الآخرين وتحمّـل المصاعب بروح إيمانية عالية .وبما عرفته عن شهيد المحراب قده وا ُسرته الكريمة وما عايشته من الصغر في بيت والده الإمام الراحل السيد محسن الحكيم قده من خلق رفيع لم يكن عليّ غريبا ً أن أجلس بجوار رمز من رموز العراق وعلم من أعلام الحوزة وأجد فيه روح التواضع والبساطة .
كم كنت موفقا ً لأن أتشرف بلقاء من وصفه الإمام الخميني العظيم قده :بأنه الإبن الشجاع للإسلام .كم كنت محضــّيا ً بتوفيق الله ورعايته وأنا أجلس بجوار من وصفه الشهيد السعيد ألإمام محمد باقر الصدر قده بقوله : عضـــدي المفـــّــدى ..وكعادته في وصاياه الإرشادية ـــ التي تخرج من القلب لأنها دخلت القلب ـــ لم أجد في كلامه تكــّـلف أو مثاليات أو مجرد كلام أو خطابات سياسية نفاقية جوفاء . بل كان شهيد المحراب قده يجّسـد خلق أجداده في التعامل مع من يلتقيه وأعظم ما وجدته في خلقه هو الصفح وتحمل ظلم الآخرين بدرجة تفوق الخيال . وإذا ما قلت ومن خلال قرائتي لسيرة كبار العلماء والمراجع ومعاصرتي لشخصيات علمية بارزة في النجف الأشرف لم أجد عالما ً تعّـرض للتوهين والتسقيط من أعدائه وأصدقاء الأمس كما تعرّض له شهيد المحراب قده . ويشهد الله أني لم أكن مبالغا فيما كتبت .ً
حتى وصل الأمر با لمنافقين والذين في قلوبهم مرض الى أن ينالوا من عائلته الكريمة التي عرف عنها الصلاح والتقوى ــ وسنمر في مقالات ا ُخرى بجملة الطعون . وتصّور ضعاف النفوس أن ينالوا من هذا الجبل الأشم ناسين قول الشاعر الشفهيني الحلي في قصيدته العصماء مخاطبا ً الإمام عليا ً ع :إن يحسدوك على علاك فإنما *** متسافل الدرجات يحسد من علافعقيلة شهيد المحراب قده هي من ا ُسرة علمية مرموقة فوالدها آية الله الشيخ محيي الدين المامقاني ذاك العلم البارز في مرجعية الإمام السيد محسن الحكيم قده . والشهيد من بيت عّـرفه الإمام الخميني العظيم قده عندما يشير الى الشهيد السعيد آية الله السيد مهدي الحكيم قده بقوله : إني ا ُحب هذا السيد حبين ، واحد لأنه من بيت علمي رفيع ، والآخر لأنه مجاهد مخلص.من هذه المقدمة ــ ربما المطـــّولة ــ يجدر بي أن أدخل الى ما أردت التحدث عنه وهو الخلق الرفيع لشهيد المحراب من خلال ما سمعته من حديثه قده في هذا اللقاء حيث قال :كنت في استعراض لفيلق بدر وبعد أن أنهيت كلمتي في جنود الفيلق جاءني شابان وهما مرتبكان ويبكيان وبيد كل منهما سكين ووقعا على يدي يقبلانها ويطلبا الصفح عنهما . فسألتهما عن ماذا تتكلمان ؟ فقالا : سيدنا وأنت في خطابك قررنا قتلك بهذه السكاكين ولكن الله ألقى في قلوبنا الرعب وسيطرت هيبتك علينا ونحن الآن نتوب الى الله ونطلب منك أن تعفو عنا بحق جدتك الزهراء ع .
يقول شهيد المحراب قده :فقلت لهما : خبأ آ السكينتين لئلا يراكما أحد وأنا قد عفوت عنكما وأسقطت حقي وأدعو لكما بالمغفرة والتوفيق وطلبت منهما الخروج من المجلس لئلا ينكشف أمرهما ويقعا في حرج من الآخرين .ومن هذه الحادثة نقرأ كيف جسّد شهيد المحراب قده خلق أجداده الأطهار عليهم السلام . وسنقرأ في مقالات لاحقة تـرّفع شهيد المحراب قده عن صغائر الا ُمور ونجده يكرر ومن على شاشة سحر الفضائية كرارا ً ومرارا ً أنه في كل يوم يسقط حقه و يبرء ذمة عن كل من نال منه وتكلم عليه إلا ّ ما يتعلق بالقضية العراقية فإنه سيقف خصمه يوم القيامة . والى لقاء في حلقة ا ُخرى بإذنه تعالى .. ــ
حيدر الأسدي الحليhttps://telegram.me/buratha