( بقلم قاسم محمد الكفائي )
في كلِّ موقع رسمي في الدولة يبلغهُ الأنسان لا يُمكن له ممارسة ما مُلزم به وبإبداع مالم تتوفر فيه كلّ مقومات النجاح التي من خلالها يتسلق الى أعلى صرح في المجد في بناء الدولة والأنسان ، فيكون له هذا الصرح عملا مشهودا ولائقا . تُضاف اليها تجربته السياسية التي خاضها دفاعا عن مصالح وطنه وشعبه في زمن التسلط والأستبداد اللذين عانا منهما العراق . فالوزير الذي يُستوزَرُ في وزارة ما يجب أن يكون مُلمّا ومتخصّصا في شؤونها وله خلفيّة علميّة نظريّا وعمليّا . موضوع بحثنا هنا هي وزارة الداخليّة ووزيرها . قبل أن نمدحَ الوزيرَ أو نذمَه لابدّ لنا من طرح مقدّمةٍ وجيزةٍ ، هي أنّ الوضعَ في العراق اليوم مُحزن ، وخطير، ومؤسِف ، يحتاج الى رجال أكفاء في عملِهم ، مُخلصين في نيّاتِهم ، صابرين ، وصامدين حتى يتسنى لهم الوصول بالعراق الى شاطىء السلامة والأمان بعد اجتياز كلّ مراحل الخطر والصعاب في مكافحة أشكال الأرهاب المستشري في البلاد . فالوضع الراهن صعبٌ وعسيرٌ ، لكنّ في الرجال المخلصين ما هو أصعب وأقسى بعزيمتهم وهمتهم في مواجة التحديات القائمة عندما نُؤمنُ أن الأيمان باللهِ والوطن يهزم الأرهاب ، ويبني ما تهدّم . تبقى الناحية العملية على الأرض . فالأمن بكل شؤونه وتفاصيله هو من اختصاص وزارة الداخلية أوّلا ، ويديرها وزيرها على هذا الأساس ، فنجاحه مربوط بصدق النيّة ، والكفاءة . أما لو اعتمدنا على العنصر الأول ونسينا الآخر فسوف نلاحظ الخسارة بائنة على الشارع العراقي جرّاء تخبط الوزير ووزارته في عمل ليس من اختصاصه . مانعرفه عن السيد جواد البولاني هو الرجل المهّذب ، والوطني الغيور الذي يشهد له تأريخه السياسي في مقارعة الدكتاتوريّة إبان حكم صدام التكريتي ، ولا نرى فيه ( الكفاءة المطلوبة ) في مواجهة الأرهاب واجتثاثة . الأمثلة كثيرة ومختلفة ولكن لنأخذ حدثا واحدا مازال جرحه ينزف دما . خلال اليومين الماضيين اختطف الأرهابيون قافلة صغيرة تضم – 45 – مسافرا عبرت حدود سورية باتجاه العراق ، فوصلت حدود الرمادي ( أرض الموت والأرهاب ) . في كل هذه المسافة الطويلة والشاقة التي اجتازوها ما كانت معهم قوّة تساندهم وتحميهم . هذا البرود ، وهذه الغفلة لا تليق بوزير داخلية يعمل على حماية أرواح مواطنيه ، ولا تليق حتى ب ( صنّاع الطاطلي ) . والمصيبة الكبرى بعد أكثر من ثلاثة سنين من الفوضى والأرهاب في العراق ، وذبح عشرات الآلاف من العراقيين ، يقترح محافظ النجف الأشرف على وزير الداخلية بتوكيل مهمّة حماية المسافرين على هذا الخط لحراس الحدود . هذا التصرف لا يستوعبه عقلي ولا ادراكي في هذا الأختصاص ، وأرى نفسي غريبا في هذا العالم والله . قلنا سلفا أنّ الحالة صعبة ، وقاسية ، لكن عقول الرجال وأرادتهم وأيمانهم أقوى من هذا ، وتكسر الأزمات . فما بالكم أيها السادة لقد أحرقتم العراق بصبركم وأناتكم ورحمتكم ؟ نحن نتحدّث بامكانات وزارة الداخلية التي هي أمكانات الدولة ونفوذها وقوانينها . فهل من الصعب على وزير الداخلية أن يصدر أوامره الى المحافظ في الرمادي ومدير الشرطة ، وكافة المسؤولين من أجل حماية المسافرين ؟ هذا ممكن بطبيعة الحال ، ولكن تبقى الآليّة . فالمَنفذ الذي تدخل منه القوافل العراقية القادمة من سوريا معلوم لدى الحكومة العراقية ، على ضوءه يُمكن إصدار تعليمات وأوامر صارمة بعدم السماح للمسافرين بالدخول الى الأراضي العراقية سوى يومين في الأسبوع مثلا الأثنين والخميس وحسب الأتفاق مع الجانب السوري . في موعد مُحدَّد تتجمّع القوافل ، وتتحرّك على أرض الأنبار بكفالة وضمان حكومة الرمادي نفسها حتى حدود بغداد ، فيتم تسليم القافلة من قبل قائد الحراسة الى قائد حراسة آخر هناك ، وهكذا باقي المحافظات . عملّيا ، الأوامر والتعليمات يجب أن تكون صارمة ، وقوية مع إسناد المسؤولية المباشرة الى المحافظين ومدراء الشرطة . كذلك تُعيَّن شعبة خاصة في الوزارة مهمتها متابعة سير القوافل ، وعمل الأجهزة ذات العلاقة وبلا انقطاع معها . هذا الأجراء يشمل خطوط النقل الأخرى خصوصا الساخنة منها مثلا ما بين بغداد واللطيفية . تعالوا نتحدّث بوضوح وصراحة مادامت المسألة تتعلق بسلامة أرواح الناس أو تعرضها للخطر . أتذكّر جيدا اللغة التي يتناقلها الناس في الدوائر المدنية الرسمية أو مؤسسات الجيش والشرطة عندما يرَون المسؤول غير جدير في عمله الأداري ، وفي ضبط المنتسبين ، وتطبيق القانون ، فيقولون عنه ( واحد كمش ، زوج ، خردة ، حَللْ ، شليف ) . فالأرهابيون وفي هذا الظرف الخطير يشجع بعضُهم بعضا بعمل المزيد من هذه الممارسات الوحشية تحت ضوء هذه المفردات الغير لائقة لأنهم يشعرون ببطىء الأجراءات ، وعدم تطبيق القانون الصارم من قبل الوزير . نريد من السيد البولاني أن يحرق المساحة التي يختبئ فيها الأرهابيون ، أو ينامون ويأكلون عليها ، ويهدّم السقف الذي يتفيئون تحته ، فلا رحمة ولا تهاون مع أعداء الشعب والأنسانية . فالعنصر القذر الذي تضبطه الأجهزة المختصة بجرم كبير، أو من عرب السوء القادمين من خارج الحدود يجب أن يتم إحراقه في محرقة خاصّة أمام مرأى الناس ، والمسجونين بجرم صغير ليطلق سراحهم وقد شاهدوا المحرقة ، وعرفوا نتيجة المجرمين . أمّا أن تعتقل مؤسسات الدولة آلافا من كبار الأرهابيين في السجون ، وتتحدّث لهم أداراتُها عن حقوق الأنسان ، مع العناية الطبيّة ، والتغذية ، ورحمة القضاء ، وغيرها ، وفي النتيجة يحدث هروب جماعات منهم خارج السجون ليكرّروا الجريمة نفسها ، كيف يحدث هذا؟ هم يقولون ( الوزيركمش). حقوق الأنسان في أمريكا مجرد تلميع أشبه بلمعان صبغ الأحذية ، لكننا بعيدين في فهمنا لحقيقة الممارسات التي تقتصّ بها الدولة من بعض الناس بأساليب لا تحدث شغب ولا شرخ ولا إزعاج . في الثمانينات إدّعى قس أمريكي انه المسيح ، وكان له أتباع في أحد الولايات الأمريكية . طبعا لا بأس في هذا الأدعاء الذي تحرّض عليه الدوائر الماسونية في أمريكا ، وتروّج له ، فالذي أزعج الشرطة الأمريكية هو أن بعض الأفراد من هؤلاء بحوزتهم أسلحة فطلبت السلطات منهم تسليم أسلحتهم ولم تلقى غيرالرفض من قبل الأتباع . تطوَّر الأمرُ حتى أعطت الشرطة مهلة لهم وإلا سيلقون أسوء النتائج . وفي آخر المطاف فتحت عليهم الشرطة نيران أسلحتها الثقيلة وأحرقتهم جميعا حتى النساء والأطفال . فعندما أحرّض على المحرقة بحق هؤلاء العتاة المجرمين من كبار الأرهابيين والصداميين لا أعني غير الدفاع عن شرف وطني ، والمواطن ، وهيبة حكومتي بما فيها السيد وزير الداخلية الذي يُعَدُّ حارس أرواح الملايين . كذلك الأستحقاق الأنساني ، والقانوني ( في التشريع الأسلامي هناك عقوبات أشد وأفضع من المحرقة لمثل هؤلاء ) الذي يجب أن يذوقه هؤلاء كونهم يحرقون أو يذبحون الطفل بمرأى من أمه ، ويزنون بالفتاة بمرأى من أبيها ، وحتى أن أحدَهم زنى بفتاة مذبوحة . أيُهما أقبحُ وأخطرُ ، هؤلاء أم المحرقة ؟اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha