( بقلم : محمد المرهون - القطيف )
أول ما ابدأ به مقالي تقديم آهات الأسى والأسف والحسرة والندم من الحالة التي وصل لها الشيعة في تعاملهم مع رموزهم وقادتهم من أهل البيت(ع)، ففي الوقت الذي نجدهم - كتيارات وحركات واتجاهات- يتعاملون مع الرموز الإسلامي المصلحة من علماء هذه الأمة وشهدائها ممن ينتمون لخطوطهم الخاصة عندما تمر عليهم مناسبات شهادتهم ومظلوميتهم لا يألون جهداً في الاستعداد المسبق والجاهزية التامة لأحياء ذكراهم؛ بل ويصل الأمر إلى تغطية كثير من الفاعليات حول هذا الحدث في أماكن عديدة، ويدعون ويدعمون كل من له المقدرة على ذلك الإحياء، ويصدرون النشرات والكتب والأفلام والمواد الالكترونية للتعريف بهم للعامة.
وفي المقابل نجد أن قادة الإسلام الأوائل وصناع الأمة ومبلغي الرسالة تمر ذكراهم عابرة علينا، وكأننا فصلنا عن ماضينا معهم وقبرناهم في مناسباتهم التي أمتناها، وكأننا نتعامل مع شخصيات مجهولة التاريخ، في حين أننا نتغنى باحترامهم في مناسبات وفياتهم ومواليدهم، ولخصنا مأساتهم في ذلك، ولخصنا العلاقة معهم في أوقات محددة من السنة لا تتعداها، ونحن نسمع الاعتداءات المتكررة يومياً عليهم، وننظر من يحمل شعلة التنديد والاستنكار من غيرنا أو من أبناءنا التي أشتعلت الغيرة الدينية في داخلهم، وهم نادرون. أيننا من مأساة البقيع، ومن سامراء الجريح؟ أيننا من الاعتداءات المتكرر على مقدساتنا الإسلامية؟
في حين ينتفض ويعربد الآخرون في كل مكان في شرق الأرض وغربها، وينتفضون على القوي والضعيف لمساس شخصية مهمولة عندهم، نجدنا نهمل قادتنا ورموزنا، الذين ضحوا في سبيل إيصال هذا الدين لنا.إنني أبدي استغرابي كما أبديت أسفي في تصدي الكثيرين للماحكات والصراعات العقدية في دوائر الإعلام والإنترنت والفضائيات - وإن كان بعضها جيداً ومثمراً- بين المذهبين، أو في تثوير الزوبعات للتصريحات الإعلامية أو الاستهلاكية من هنا وهناك، وقضية البقيع لا تأخذ إلا هامشاً لا يمثل جزء صغيراً من حجمها.أين المحطات الفضائية الإسلامية التي تتبنى قضايا إسلامية كثيرة من مناسبة البقيع؟! هل من الصحيح أن نذرف الدموع على مصائب أهل البيت(ع) ولا نحرك ساكناً في المطالبة بحقوق الانتماء إليهم؟! وهل من الصحيح أن ننادي بالويل والثبور في أدعيتنا ومجالسنا ومنتدياتنا الخاصة على المعتدين دون أن ينعكس ذلك على الفعل والتحرك؟
إن مسؤولية الانتماء تحتم علينا أن نرفع الشعار إلى جانب النشاط والفعل، بأن نطالب كل من هو مسؤول من جهات حكومية وشخصيات مؤثرة وجهات فاعلة إلى الضغط على الحكومة السعودية على احترام خصوصية المقدسات التي يقدسها عامة المسلمين، وإعادة بناء قبور ومراقد الصالحين والصالحيات من أبناء الأمة الأعلام في البقيع الغرقد، والاهتمام بالمتبقي من الآثار الإسلامية في مدينة الرسول(ص)، وجبر خاطر هذه الأمة بتقديم الاعتذار عن الخطيئة التاريخية، والتي هي وصمة عار في جبين الفاعلين والداعمين والراضين والساكتين.كما أن على جميع الفضائيات ومواقع الإنترنت والفاعليات الدينية والشعبية التي تجل وتحترم شخصيات أهل البيت(ع) بأن تطالب بقوة وتفعل الأجواء في الأمة وتعقد كل ما من شانه أن يخدم في هذه القضية، وكلنا مسؤولون عن ذلك، ما دامت مقبرة البقيع الغرقد تأنى من ألامها وجراحها.
https://telegram.me/buratha