المقالات

البرلمان العراقي..جمود يُفاقم الأزمات..!

159 2025-03-06

صباح زنكنة ||

رئيس مركز اتحاد الخبراء الاستراتيجيين

في فصله التشريعي الحالي يشهد البرلمان العراقي حالة غير مسبوقة من الجمود والركود السياسي، وسط غياب واضح للدور الرقابي وتعطل فاضح لتشريع القوانين المهمة.

 

الجمود هذا لم يكن وليد الصدفة بل هو ناجم عن تداخل عوامل داخلية وخارجية جعلت المؤسسة التشريعية غير قادرة عن أداء مهامها الدستورية، ما انعكس سلبًا على الواقع السياسي والاقتصادي في البلاد.

 

التوازنات السياسية الهشة التي أفرزتها تسويات ما بعد الانتخابات تعد أبرز العوامل الداخلية التي كرّست هذا الجمود ، فالبرلمان بات محكومًا بتفاهمات بين الكتل الكبرى ما جعل تقاسم النفوذ رأس أولويتها بدلًا من التنافس التشريعي الفعّال، وهذا ما دفع القوى السياسية إلى تجنب اي مواجهة، او تصعيد خوفًا من انهيار التحالفات التي يستند إليها استقرار الحكومة.

 

وفي المقابل، فإن ضعف الاداء الرقابي للمعارضة البرلمانية بعد انسحاب التيار الصدري جعل البرلمان يفتقد لأي قوة سياسية قادرة على ممارسة الضغط الحقيقي برلمانيا كان او جماهيريا ، فالمعارضة المتبقية تعاني من التصدع والتشرذم وعدم امتلاك الأدوات اللازمة لاستجواب الوزراء أو دفع تشريعات حاسمة، ما فسح المجال امام الحكومة العمل دون رقابة فعلية!!.

 

إلى جانب الجمود السياسي، انشغل البرلمان داخليا بخلافات دستورية وقانونية استنزفت الكثير من وقته، من دون تحقيق أي تقدم ملموس لقضايا مهمة مثل التعديلات الدستورية وقانون الانتخابات وملف النفط والغاز، وظلت عالقة بين التجاذبات السياسية والخلافات التراكمية، الامر الذي حال دون تمريرها.

 

الأولويات الأمنية هي الاخرى فرضت نفسها بقوة على المشهد، خصوصًا مع تصاعد التوترات في شمال العراق، واستمرار التهديدات الإسرائيلية لضرب مواقع تابعة للحشد الشعبي كل هذه التحديات دفعت البرلمان إلى الانكفاء عن دوره الرقابي والتشريعي، في وقت تهيمن فيه الحكومة على القرارات المالية بحجة الظروف الاستثنائية.

 

إلى جانب العوامل الداخلية، لعبت التدخلات الخارجية دورًا كبيرًا في تعطيل العمل البرلماني وتحقيق الخمول فيه، فالعراق لا يزال ساحة صراع بين الولايات المتحدة وإيران، حيث تتجنب بعض الكتل السياسية اتخاذ مواقف قد تُغضب أحد الأطراف، فبينما تضغط واشنطن لعرقلة أي قوانين مهمة تحدّ من نفوذها وتدفعها بالخروج من العراق، تعمل طهران عبر حلفائها على تجميد أي تحركات لا تخدم مصالحها وتضر بالمصلحة الامريكية!!.

 

ولا ننسى أن انشغال القوى الإقليمية بملفات أخرى كالحرب في أوكرانيا وتنامي النفوذ الاقتصادي الصيني جعل البرلمان العراقي بعيدًا عن أولويات اللاعبين الدوليين الكبار ، مما أتاح بيئة مناسبة لاستمرار الركود السياسي.

 

ومع اقتراب الانتخابات المحلية والتشريعية، تمتنع العديد من الكتل السياسية عن اتخاذ قرارات حاسمة لها تأثير على شعبيتها مما يجعل الجمود الحالي امتدادًا طبيعيًا لحالة من الترقب، فبدلًا من الانخراط في تشريعات وإصلاحات جوهرية تخدم المواطن ، يركز البرلمان على إعادة ترتيب المشهد السياسي وتقاسم النفوذ في المحافظات.

 

في ظل هذا الجمود، يبقى البرلمان العراقي عاجزًا عن أداء وظيفته الرقابية والتشريعية، في قبال تفاقم الأزمات الاقتصادية والأمنية دون حلول واضحة، وان استمرار هذه الحالة لن يؤدي إلا إلى تعميق الفجوة بين السلطة التشريعية والمواطنين، ممن باتوا يرون في البرلمان مؤسسة غائبة عن همومهم، أسيرةً لحسابات سياسية داخلية وخارجية!!.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك