المقالات

معنى كلمة النبط في اللغة العربية (1)


رياض سعد

حينما نتحدث عن المسميات ينبغي لنا الاحتراز من الخلط بين الاسم وذات المسمى, البحث عن نشأة التسمية مسألة تختلف عن البحث في نشأة المسمى، والمسألتان تختلفان بدورهما عن علاقة الاسم بالمسمى. سوف نؤجل الكلام عن نشأة ((النبط)) وبيان من هم ؛ ونبدأ أولا بالحديث عن التسمية .

إذا ما سألتني عن معنى لفظة "نبط " عند علماء العربية، فإني أقول لك: إن لعلماء العربية آراء في المعنى، تجدها مسطورة في كتب اللغة وفي المعجمات وسأذكرها في هذا المبحث ؛ ولكنها كلها من نوع البحوث المألوفة المبنية على أقوال وآراء لا تعتمد على نصوص وقواعد لغوية مكتوبة منذ القدم ولا على دراسات عميقة مقارنة، بل وضعت على الحدس والتخمين والسماع وهي بذلك لا تختلف عن باقي الألفاظ ، وقد ذكرت هذه اللفظة في المعاجم اللغوية وفق ترتيب حروف الهجاء العربية في باب النون وتحت عنوان لفظة ( نبط ) واشتقاقاتها اللفظية .

وقد استخدمت كلمة (( النبط )) منذ العصر الجاهلي ؛ اذ جاء في شعر الاعشى ميمون بن قيس :

وطوفت لـلـمـال آفـاقـه عمان فحمص فأورشـلـيم

أتيت النجـاشـي فـي داره وأرض النبيط وأرض العجم (1)

إن أقدم نصوص وصلت من الشعر الجاهلي في تلك الفترة التي سبقت الإسلام، والتي عُرِفت بعصر الجاهلية - لا تتعدى مائة سنة تقريبًا، لذلك اعتبر كثير من الدارسين أن فترة الجاهلية هي فترة عاش فيها العرب قبل الإسلام بمائة أو مائة وخمسين عامًا؛ أي إن هؤلاء الشعراء الجاهليين - الذين نُقِل إلينا شعرُهم - كانوا يعيشون أول القرن السادس الميلادي؛ أي: قبل الهجرة بمائة سنة تقريبًا . (2)

والحقيقة أننا لا نعرف تحديدا متى ولا كيف أطلق اسم ( نبطي او النبط ) على هذا العرق او الجيل من الناس, ولا نعرف من أطلقه ولا نعرف قصده ولا المعنى الذي يرمي إليه ... ؛ و جذر الكلمة "نبط" واسع الاشتقاقات وغني بالدلالات .

وكان المهتمون باللغة العربية يرددون الاسم ويستخدمونه (( نبطي)) دون البحث في معناه ودون إثارة أي تحفظ على مناسبته ودون بذل أي جهد للبحث عن بديل أنسب وأدق في التعبير... ؛ وحيث أن أحدا من هؤلاء لم يعبر لنا عن فهمه للمقصود بالإشارة إلى هذا المعنى ؛ فإننا لا نعرف كيف فهموا هذه الكلمة ؛ وكيف نشأة العلاقة بين المعنى اللغوي الحقيقي للكلمة وبين الدلالة السلبية لها فيما بعد , وهذه نقطة ضعف خطيرة وفجوة سمحت لولوج التخرصات وتضارب الآراء بين اللغويين والإخباريين - المؤرخين - حول المعنى الذي ربما يكون قصده واضع المصطلح الأول ومن تبعه في التسمية ... ؛ إننا هنا أمام شاهد لغوي صارخ على اعتباطية اللغة وعشوائية العلاقة بين الدال والمدلول... ؛ لو كانت العلاقة بين الدال والمدلول علاقة طبيعية منطقية لما غاب عنا القصد الذي رمى إليه ذلك الواضع الأول الذي وضع لهذا الشعب أو العرق هذه التسمية؛ لعرفنا ما إذا كان قصده من نسبة الاسم إلى هؤلاء السكان ؟

وكان العرب يطلقون الاسم على المسمى لأدنى مناسبة ؛ كإطلاق اسم البقرة على السورة القرآنية لمجرد ورود اسمها فيها !!

إذ سميت بهذا الاسم لأنها تحتوي على قصة البقرة وبني إسرائيل ؛ علما ان السورة اشتملت على ألف أمر وألف نهي وألف حكم وألف خبر (3)

وان إطلاق الأسماء ليس بالأمر السهل ولا الهين ولذلك يقول البقاعي : " وكما أنه ليس لكل أحد مُنّة أن يصف فكذلك ليس لكل أحد منة أن يسمي .(4)

وان كان البقاعي يتكلم عن موضوع خاص متعلق بأسماء السور القرآنية وأسماء الله إلا إن محل الشاهد من كلامه بالنسبة لي ؛ صعوبة إطلاق الأسماء على المسميات جزافا واعتباطا .

العلاقة بين الأسماء والمعاني

قال ابن القيم : " فلما كانت الأسماء قوالب للمعاني، ودالةً عليها، اقتضت الحكمة أن يكون بـينها وبـينها ارتباطٌ وتناسبٌ، وأن لا يكون المعنى معها بمنزلة الأجنبـي المحض الذي لا تعلّق له بها، فإن حكمة الحكيم تأبى ذلك ، والواقع يشهد بخلافه، بل للأسماء تأثيرٌ في المسميات، وللمسميات تأثّر عن أسمائها في الحسن والقبح، والخفة والثقل، واللطافة والكثافة ، كما قيل :

وقلما أبصرت عيناك ذا لقبٍ *** إلا ومعناه إن فكرت في لقبه

ولما كان بـين الأسماء والمسميات من الارتباط والتناسب والقرابة، ما بـين قوالب الأشياء وحقائقها، وما بـين الأرواح والأجسام، عبر العقل من كل منهما إلى الآخر، كما كان إياس بن معاوية وغيره يرى الشخص ، فيقول : ينبغي أن يكون اسمه كيت وكيت، فلا يكاد يخطئ ، وضدّ هذا العبور من الاسم إلى مسماه.(5)

وحكي بعض أهل الأدب ان المتنبي - الشاعر العراقي - التقى في بعض منازل سفره بعبد اسود قبيح المنظر ؛ فقال له : ما اسمك يا رجل ؟

فقال : زيتون ؛ فقال المتنبي يداعبه :

سموك زيتونا وما انصفوا ... لو انصفوا سموك زعرورا

لان في الزيتون زيت يضيء ... وانت لا زيتا ولا نورا (6)

إن بساطة وبدائية الحياة العربية - ولاسيما الاعراب وسكان الصحاري - وشؤونها يستتبع إلى جانب ضيق دائرة التفكير فقراً في اللغة، مثلهم في ذلك مثل القبائل البدائية والرعوية الأخرى ... ؛ ولقد حاول اللغويون إعطاء صورة مغايرة وذلك بتضخيم معاجم اللغة بكلمات استعملها الشعراء وصفاً لأشياء فذكروها كأسماء ، فإن أطلق شاعر كلمة الهيصم على الأسد من الهصم وهو الكسر، وأطلق عليه آخر الهراسَّ من الهرس وضع أصحاب المعاجم الكلمتين على أنهما من أسماء الأسد وهكذا فيما يخص السيف والناقة... ؛ وعندما يتحدثون عن غنى اللغة العربية فالمقصود ولا شك هو ما يتصل بحياتهم مثل البعير وما يتصل به حيث ملئوا اللغة العربية بشؤون الإبل ولم يتركوا صغيرة أو كبيرة إلاّ ولها لفظاً أو ألفاظاً ، أسماء الجمال والخيول والنوق، وحملها وحلبها ورضاعها وفطامها ونعوتها في طولها وقصرها وسمنها وهزالها وأصواتها وعلفها واجترارها ورعيها وبروكها وأبوالها وسيرها إلى ما لا يحصى من هذا، ولا يختلف أمر الصحراء والخيمة في ذلك ؛ أي في الحدود التي رسمتها لهم بيئتهم مثلهم في ذلك مثل المغول وأسماء الحصان أو الاسكيمو الذين عندهم أربعون اسما للثلج .

وفيما خرج عن حدود ما ذكرنا تبقى اللغة العربية فقيرة ؛ فيما يتصل بالبحر وعالمه والزراعة وأدواتها والبشر وأجناسهم وأعراقهم وانجازاتهم الفكرية والعلمية ومعتقداتهم الدينية, والفلسفة والعلوم والمعارف والعمران والصناعات والمهارات والألبسة وأنواع الترف والفنون والكتابة وما يتعلق بها والنظم السياسية والحكومات والدواوين وفي كل ما يتعلق بأسباب الحضارة؛ أو غير دقيقة في التعبير عنها .(7)

وبما أن اللغة ذاكرة لسانية للشعوب، وأرشيف حضاري حي، وكلما كان الشعب متمدناً ارتقت لغته، وصارت أكثر ثراءً وتجريداً.

 

والعرب في أول أمرهم كانوا أهل بداوة، لا يعرفون من الحضارة الكثير، لهذا عرفت العربية أكثر من ثمانين اسماً للسيف، ولا يوجد بها كلمة واحدة تقابل لفظة "هندسة" المأخوذة من الفارسية، أو فعل بمعنى "ترجم" الذي أخذوه عن السريانية.

لهذا كثيراً ما اقترضت العربية الألفاظ من اللغات الأخرى التي نشأت في كنف حضارة ما ؛ فكان من دأب العرب تعريب الألفاظ الدخيلة في لغتهم بعد تصحيفها وتحريفها لتناسب اللسان العربي . (8)

معنى كلمة (( النبط )) في المعاجم اللغوية

جاء في معجم العين للفراهيدي :

النبط والنبيط : كالحبش والحبشي في التقدير , وسموا به , لأنهم أول من استنبط الأرض , والنسبة إليهم : نبطي , وهم قوم ينزلون سواد العراق , والجمع : الأنباط .

وجاء في معجم الصحاح :

نَبَطَ الماءُ يَنْبِطُ ويَنْبُطُ نُبوطاً : نَبَعَ . وأنْبَطَ الحَفَّارُ : بلَغَ الماءَ . والاسْتِنْباطُ : الاستخراج . والنَبَط والنَبيطُ : قومٌ يَنزلون بالبطائح بين العراقَين ، والجمع أنْباطٌ . يقال رجلٌ نَبَطيٌّ ونَباطِيٌّ ونَباطٍ ، مثل يَمَنِيٍّ ويَمانيٍّ ويَمانٍ .

وقد اسْتَنْبَطَ الرجلُ . وفي كلام أيُّوبَ ابن القِرِّيَّةِ : "أهلُ عمانَ عربٌ اسْتَنْبَطوا، وأهلُ البحرين نَبيطٌ استعربوا" . (10)

وقد جاء في معجم مختار الصحاح :

ن ب ط : نَبَطَ الماء نبع وبابه دخل وجلس و الاسْتِنْبَاطُ الاستخراج و النَّبَطُ بفتحتين و النَّبِيطُ قوم ينزلون بالبطائح بين العراقين والجمع أَنْبَاطٌ يقال رجل نَبَطِيٌّ و نَبَاطِيٌّ و نَبَاطٍ مثل يَمَني ويماني ويمانٍ وحكى يعقوب نُبَاطِيٌّ أيضا بضم النون .(11)

وقد جاء في معجم تاج العروس :

النَّبَطُ : جِيلٌ يَنْزِلُونَ بالبَطَائحِ بَيْنَ العِراقَيْنِ كَذَا في الصّحاح . وفي التَّهْذِيب : يَنْزِلُون السَّوَادَ . وفي المُحْكَمِ : سَوَادَ العِرَاقِ كالنَّبِيطِ كَأَمِيرٍ كالحَبَشِ والحَبِيشِ في التَّقْدِير . وهُم الأَنْبَاطُ جَمْعٌ وهُوَ نَبَطِيٌّ مُحَرَّكَة ونَبَاطِيٌّ مُثَلَّثَةً ونَبَاطٍ كثَمانٍ مِثْلُ يَمَنِيّ ويَمَانِيٍّ ويَمَانٍ .

نَقَلَ الجَوْهَرِيُّ التَّحْرِيكَ والفَتْحَ في الثّاني . قال : وحَكَى يَعْقُوبُ نُبَاطِيّ بالضّمِّ أَيْضاً.

وقال ابْن الأَعْرَابِيّ : رَجُلٌ نُبَاطِيٌّ بضَمّ النُّونِ ونَبَاطِيّ ولا تَقُلْ نَبَطيّ ويُقَالُ : إِنَّمَا سُمُّوا نَبَطاً لاسْتِنْبَاطِهم ما يَخْرِجُ من الأَرْضِينَ وفي حَدِيثٍ ابْنِ عَبّاسٍ : نَحْنُ مَعاشِرَ قُرَيْشٍ مِنَ النَّبَطِ من أَهْلِ كُوثَى رَبِّي قِيلَ : إِنَّ إِبْرَاهِيمَ الخَلِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ وُلِدَ بِهَا وكانَ النَّبَطُ سُكَّانَها .

قُلْتُ : وقد وَرَدَ هكَذَا أَيضاً عن عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْه كما رَوَاهُ ابْنُ سِيرِينَ عن عُبَيْدَةَ السّلمانِيّ عَنْه : مَنْ كانَ سَائِلاً عَنْ نِسْبَتِنَا فإِنّا نَبَطٌ من كُوثَى . وهذا القَوْلُ مِنْهُ ومِن ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم إِشارَةٌ إلى الرَّدْعِ عن الطَّعْنِ في الأَنْسَابِ والتَّبَرَّى عن الافْتِخَارِ بِها وتَحْقِيقٌ لِقَوْلِهِ عَزَّ وجَلَّ : " إِنّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكمْ ".

وقَدْ تَقَدَّم تَحْقِيقُ ذلِكَ في ك و ث بأَبْسَطَ مِنْ هذا فَراجِعْهُ .

وفي حَدِيثِ عَمْرِو بنِ مَعْدِي كَرِبَ سَأَلَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ سَعِدِ بنِ أَبِي وَقّاصٍ فقالَ : أَعْرَابِيٌّ في حِبْوَتِهِ نَبَطِيٌّ في جِبْوَتِهِ . أَرادَ أَنَّه في جِبَايَةِ الخَرَاجِ وعِمَارَةِ الأَرَاضِي كالنَّبَطِ حِذْقاً بِهَا ومَهَارَةً فِيهَا . لأَنَّهم كانَوا سُكَّانَ العِرَاقِ وأَرْبابَها.

وفي حَدِيثِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى : " كُنَّا نُسْلِفُ نَبِيطُ أَهْلِ الشّام وفي رِوَايَة : أَنْبَاطاً مِنْ أَنْبَاطِ الشَّام . وفي حَدِيثِ الشَّعْبِيّ : أنَّ رَجُلاً قال لآخَرَ : يا نَبَطِيٌّ فقالَ : لا حَدَّ عَلَيْه كُلُّنَا نَبَطٌ . يريد الجِوَارَ والدَّارَ دُونَ الوِلاَدَةِ .

وحَكَى أَبُو عَلِيٍّ أَنَّ النَّبَطَ وَاحِدٌ بِدلالَةِ جَمْعِهِمْ إِيّاهُ في قَوْلهِم : أَنْبَاطٌ . فأَنْبَاطٌ في نَبَطٍ كأَجْبَالٍ في جَبَل . والنَّبِيطُ كالكَلِيبُ والمَعِيزُ . وتَنَبَّطُ الرَّجُلُ : تَشَبَّهَ بِهِم . ومنه الحَدِيثُ : لا تَنَبَّطُوا في المَدائن أَيْ لا تَشَبَّهُوا بالنَّبَطِ في سُكْنَاهَا واتّخاذِ العَقارِ والمِلْكِ .

واسْتَنْبَطَ الرَّجُلُ : صَارَ نَبَطِيّاً . ومنه تَمَعْدَدُوا ولا تَسْتَنْبِطُوا وفي الصّحاح في كَلامِ أَيُّوبَ بنِ القِرِّيَّةِ أهْلُ عُمَانَ عَرَبٌ اسْتَنْبَطُوا وأَهْلُ البَحْرَيْنِ نَبَطٌ اسْتَعْرَبُوا.(12)

وقد جاء في معجم لسان العرب :

النَّبَط الماء الذي يَنْبُطُ من قعر البئر إِذا حُفرت وقد نبَطَ ماؤها ينْبِطُ ويَنْبُطُ نَبْطاً ونُبوطاً وأَنبطنا الماءَ أَي استنبطناه وانتهينا إِليه ابن سيده نبَطَ الرَّكِيّةَ نَبْطاً وأَنْبَطها واسْتَنْبَطها ونبّطها الأَخيرة عن ابن الأَعرابي أَماهَها واسم الماء النُّبْطةُ والنَّبَطُ والجمع أَنْباط ونُبوط ونبطَ الماءُ ينْبُطُ وينْبِط نُبوطاً نبع وكل ما أُظهر فقد أُنْبِط واسْتَنْبَطه واستنبط منه علماً وخبراً ومالاً استخرجه والاسْتنْباطُ الاستخراج واستنبَطَ الفَقِيهُ إِذا استخرج الفقه الباطن باجتهاده وفهمِه قال اللّه عزّ وجلّ لعَلِمَه الذين يستنبطونه منهم قال الزجّاج معنى يستنبطونه في اللغة يستخرجونه وأَصله من النبَط وهو الماء الذي يخرج من البئر أَوّل ما تحفر ويقال من ذلك أَنْبَطَ في غَضْراء أَي استنبطَ الماء من طين حُرّ والنَّبَطُ والنَّبِيطُ الماء الذي يَنْبُِطُ من قعر البئر إِذا حُفرت قال كعب بن سعد الغَنَوِيُّ قَريبٌ ثَراه ما يَنالُ عَدُوُّه له نَبَطاً عِند الهَوانِ قَطُوبُ ( * قوله « عند الهوان » هو هكذا في الصحاح والذي في الاساس آبي الهوان ) ويروى قريب نَداه ويقال للرِكيّة هي نَبَطٌ إِذا أُميهتْ ويقال فلان لا يُدْرَكُ له نَبَطٌ أَي لا يُعْلَمُ قَدْرُ علمه وغايَتُه وفي الحديث مَن غَدا مِن بَيتِه يَنْبِطُ عِلماً فَرَشَتْ له الملائكةُ أَجْنِحَتَها أَي يُظهره ويُفْشِيه في الناس وأَصله مِن نَبَطَ الماءُ ينبط إِذا نَبعَ ومنه الحديث ورجلٌ ارْتَبط فرساً ليَسْتَنْبِطَها أَي يَطلُب نَسْلها ونِتاجَها وفي رواية يَسْتَبْطِنها أَي يطلب ما في بطنها ابن سيده فلان لا يُنالُ له نَبَطٌ إِذا كان داهياً لا يُدْرَك له غَوْر والنبَط ما يتَحَلَّبُ من الجَبل كأَنه عَرَق يخرج من أَعْراض الصخر أَبو عمرو حفَرَ فَأَثْلَجَ إِذا بلَغ الطين فإِذا بلغ الماء قيل أَنْبَطَ فإِذا كثُر الماء قيل أَماهَ وأَمْهَى فإِذا بلغ الرّملَ قيل أَسْهَبَ وأَنبَط الحَفّارُ بلغ الماء ؛ ابن الأَعرابي يقال للرجل إِذا كان يَعِدُ ولا يُنْجِزُ فلان قريب الثَّرَى بعيدُ النَّبَطِ وفي حديث بعضهم وقد سُئل عن رجل فقال ذلك قريب الثرى بعيدُ النَبط يريد أَنه داني المَوْعِد بعيدُ الإِنْجاز وفلان لا يُنال نَبَطُه إِذا وُصف بالعزّ والمَنَعةِ حتى لا يجد عدوُّه سبيلاً لأَن يتَهَضَّمَه ونَبْطٌ واد بعينه قال الهذلي أَضَرَّ به ضاحٍ فَنَبْطا أُسالةٍ فَمَرٌّ فأَعلى حَوْزِها فَخُصورُها والنَّبَطُ والنُّبْطةُ بالضم بَياض تحت إِبْط الفَرس وبطنِه وكلّ دابّة وربما عَرُضَ حتى يَغْشَى البطن والصدْر يقال فرس أَنْبَطُ بيِّن النَّبَط وقيل الأَنْبطُ الذي يكون البياض في أَعلى شِقّي بطنه مما يليه في مَجْرى الحِزام ولا يَصعَد إِلى الجنب وقيل هو الذي ببطنه بياضٌ ما كان وأَين كان منه وقيل هو الأَبيض البطن والرُّفْغ ما لم يصعَد الى الجنبين قال أَبو عبيدة إِذا كان الفرسُ أَبيضَ البطن والصدر فهو أَنبط وقال ذو الرمة يصف الصبح وقد لاحَ للسّارِي الذي كَمَّل السُّرَى على أُخْرَياتِ الليْل فَتْقٌ مُشَهَّرُ كَمِثْل الحِصانِ الأَنْبَطِ البَطْنِ قائماً تَمايَل عنه الجُلُّ فاللَّوْنُ أَشْقَرُ شبّه بياضَ الصبح طالعاً في احْمِرار الأُفُق بفرس أَشْقَر قد مال عنه جُلُّه فبان بياضُ إِبْطه وشاة نَبْطاء بيضاء الشاكلة ابن سيده شاةٌ نَبطاء بيضاء الجنبين أَو الجنب وشاة نبطاء مُوشَّحةٌ أَو نَبْطاءُ مُحْوَرَّةٌ فإِن كانت بيضاء فهي نبطاء بسواد وإِن كانت سوداء فهي نبطاء ببياض والنَّبِيطُ والنَبطُ كالحَبِيشِ والحَبَشِ في التقدير جِيلٌ يَنْزِلُون السواد وفي المحكم ينزلون سواد العراق وهم الأَنْباطُ والنَّسَبُ إِليهم نَبَطِيٌّ وفي الصحاح ينزلون بالبَطائِح بين العِراقين ؛ ابن الأَعرابي يقال رجل نُباطيّ بضم النون ( * قوله « بضم النون » حكى المجد تثليثها ) ونَباطِيٌّ ولا تقل نَبَطِيٌّ وفي الصحاح رجل نَبَطيٌّ ونَباطِيٌّ ونَباطٍ مثل يَمنيّ ويمَانيّ ويمان وقد استنبطَ الرجلُ وفي كلام أَيُّوبَ بن القِرِّيّةِ أَهل عُمان عَرَبٌ اسْتَنْبَطُوا وأَهل البَحْرَيْن نَبِيطٌ اسْتَعْرَبُوا ويقال تَنَبَّطَ فلان إِذا انْتَمى إِلى النَّبَط والنَّبَطُ إِنما سُموا نَبَطاً لاسْتِنْباطِهم ما يخرج من الأَرضين وفي حديث عمر رضي اللّه عنه تَمَعْدَدُوا ولا تَسْتَنْبِطُوا أَي تَشبَّهوا بمَعَدٍّ ولا تشبَّهوا بالنَّبط وفي الحديث الآخر لا تَنَبَّطُوا في المدائن أَي لا تَشَبَّهوا بالنَّبط في سكناها واتخاذ العَقارِ والمِلْك وفي حديث ابن عباس نحن مَعاشِر قُريْش من النَّبط من أَهل كُوثَى رَبّاً قيل إِن إِبراهيم الخليل ولد بها وكان النَّبطُ سكّانَها ومنه حديث عمرو بن مَعْدِيكَرِب سأَله عُمر عن سَعْد بن أَبي وقّاص رضي اللّه عنهم فقال أَعرابيٌّ في حِبْوتِه نَبَطِيٌّ في جِبْوتِه أَراد أَنه في جِبايةِ الخَراج وعِمارة الأَرضين كالنَّبط حِذقاً بها ومَهارة فيها لأَنهم كانُوا سُكَّانَ العِراقِ وأَرْبابَها وفي حديث ابن أَبي أَوْفى كنا نُسْلِف نَبِيط أَهل الشام وفي رواية أَنْباطاً من أَنْباط الشام وفي حديث الشعبي أَن رجلاً قال لآخر يا نَبَطيّ فقال لا حَدّ عليه كلنا نَبطٌ يريد الجِوارَ والدار دُون الوِلاة وحكى أَبو علي أَن النَّبط واحد بدلالة جمعهم إِيَّاه في قولهم أَنباط فأَنباط في نَبَط كأَجْبال في جبَل والنبِيطُ كالكليب وعِلْكُ الأَنْباطِ هو الكامان المذاب يجعل لَزُوقاً للجرح والنَّبْطُ الموْتُ وفي حديث علي وَدَّ السُّراةُ المُحكِّمةُ أَن النَّبْطَ قد أَتى علينا كلِّنا قال ثعلب النَّبْطُ الموت وَوَعْساء النُّبَيْطِ رملة معروفة بالدّهْناء ويقال وعساء النُّمَيْطِ قال الأَزهري وهكذا سماعي منهم وإِنْبِط اسم موضع بوزن إِثْمِد وقال ابن فَسْوةَ فإِنْ تَمْنَعُوا مِنها حِماكُم فإِنّه مُباحٌ لها ما بين إِنْبِطَ فالكُدْرِ. (13)

وقد جاء في معجم مقاييس اللغة :

نبط : كلمة تدلّ على استخراج شي‌ء ، واستنبطت الماء : استخرجته. والماء نفسه إذا استخرج نبط. ويقال إنّ النبط سمّوا به لاستنباطهم المياه. ومن المحمول على هذا النبطة : بياض يكون تحت إبط الفرس ، وفرس أنبط ، كأنّ ذلك البياض مشبّه بماء نبط . (14)

وقد جاء في معجم المصباح المنير:

النبط : جيل من الناس ينزلون سواد العراق ، ثمّ استعمل في أخلاق الناس وعوامهم ، والجمع أنباط. والواحد نباطي بزيادة ألف ، والنون تضمّ وتفتح ، قال الليث : ورجل نبطيّ ، ومنعه ابن الأعرابي. واستنبطت الحكم : استخرجته بالاجتهاد ، وأنبطته إنباطا مثله ، وأصله من استنبط الحافر الماء.

 

- نبيط : تصغير أنبط. والاسم النبط ، وهو الفرس الّذى ابيضّ بطنه وما سفل منه وأعلاه من أي لون كان. والنبط : نبط البئر ، وهو أوّل ما تستخرجه من مائها. واستنبط فلان بئرا وأنبطها : إذا حفرها.(15)

وقد جاء في معجم المعاني الجامع :

قومٌ كانوا يسكنون بين العراق والأردن ؛ كانت لدولتهم حضارة عاصمتها البتراء ؛ وتطلق الآن كلمة النبط على أخلاط الناس وعوامهم .(16)

وقد جاء في تهذيب اللغة / الجزء الثاني : والنبط إنما سموا نبطا لاستنباطهم ما يخرج من الارضين . و وعساء النبيط : رملة معروفة بالدهناء .(17)

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك