المقالات

حديث الثلاثاء..كيف نسترد الفاقد الحضاري؟!..


عمار محمد طيب العراقي ||

 

القراءة المتأنّية للمشهد السياسي العام في بلاد مابين النهرين، تؤكد بما لا يدع مجالا للشك ، أن البلد يعيش لحظة استثنائية حُبلى بالمتغيرات، وأن ارهاصات التغيير الجذري باتت في منظور الأفق، إن لم تكن في متناول اليد، مبشّرة بحقبة جديدة لم يألفها العراقيون من قبل .

 المعطيات الحالية تشير إلى وعي شعبي كامل، لما يحيق بالأمة العراقية من أخطار، وأن هذا الوعي بالواقع المر بلغ الحد الحرج، الذي قد يدفع بالأوضاع نحو مآلات لم يكن يتوقعها أحد.  هذه النتيجة متوقعة، عندما نشاهد سيادة منطق القوة، وإنتهاك حقوقه الأساسية، وتهديده بوجوده من قبل جماعات أتت من قاع المجتمع..وعندما نكتشف أن الفاقد الحضاري طيلة قرن وعشرين عاما، منذ أن تأسست دولة العراق الحديثة، لبلد يمتلك ثروات لم يمتلكها بلد غيره، كان كبيرا، وأن المسافة بيننا والأمم الأخرى، تحتاج الى قرن كامل من العمل بوتائر عالية كي نجسرها..

خلال قرن وعشرين عاما؛ خسرنا اجيالا بأكملها، حروب وتجهيل وتهجير وإفقار، وكنا نشاهد الخدمات العامة تتردى يوما بعد يوم ، ودائرة الفقر تتسع، والثروة تتكدّس بيد قلة قليلة من المتنفذين الحاليين والقدماء على حد سواء.

القصة معقدة الحبكة جدا، وسردها يحتاج الى إستكناه الماضي جيدا، والى أن نرد الأمور الى جذورها الحقيقة، وسنصل بالتأكيد الى الحقيقة المرة، وسنكتشف أننا أمة مجرمة بلهاء، أمة قتلت علي إبن أبي طالب، ورقصت على أشلاء الحسين المقطعة، وأحتفلت بكسر ضلع فاطمة، ثم ساقت بنات رسول الإسلام الذي نعتنقه دينا، سبايا الى ملكنا الذي بايعناه طائعين صاغرين على أننا خولا، يفعل بنا ما يشاء وكأس الخمرة بيده يدلقه على أفخاذ البغايا..!

إن نظامنا السياسي الذي أنشأناه بعيد التغيير النيساني الكبير عام 2003، ما يزال يئن تحت وطأة الماضي؛ الذي ما زلنا نتقبل مخرجاته بدواعي وحدة الأمة، وما نزال نبذل جهدا كبيرا لتفسير الماضي لصالح الظلم والقهر والإذلال، وها نحن نغض الطرف عن الوضعية المزرية التي آل  إليها العراق، هذا البلد المحتل منذ خمسة عشر قرنا الى اليوم!

النظام القائم سيبقى عاجزا عن التغيير، لأنه عاجز عن مواجهة الحقيقة، ومع ذلك فإن عجزه لا يعفيه عن مسؤولية عدم أقتناص اللحظة التاريخية، التي إن فلتت من بين إيدينا، سنبقى نعيش تاريخ القهر والأذلال الى أن ينتهي التاريخ.

النظام القائم ستبقى مسؤوليته قائمة ، وإن لم يفعل الشيء الصحيح، سيتأكد  للجميع أن تعهداته مجرّد جعجعة بلا طحين، وأنه ابن شرعي للأنظمة التي سبقت، يستنسخ ممارساتها وافعالها  بنفس الكم والكيف ، فبدلا من أن يبني ويعمّر، يواصل العيش في مستنقع الفساد والتسيب والتسيير الرديء للموارد.

لهذه الأسباب وغيرها، أقول وبكل ثقة، أن العراق بات اليوم على مفترق طرق ، فهو إما أن ينزلق نحو الفوضى ، وهو خيار لا يريده أحد وليس في مصلحة أحد، أو نسلك درب التغيير المُفضي للإصلاح  .

على جيل الشباب الحالي والنخبة المثقفة التي لم تتلطخ أيديها بالحقوق ، أن يلتفوا جميعا حول رؤية شاملة لإنقاذ البلاد وتخليصها من الاختطاف ، وأن يعملوا من أجل تغيير حقيقي وليس مجرد رتوش تجميلية  يتم فيها استبدال شخوص الحكم بأخرى تحل محلها . فالتغيير المنشود لا بد أن يطال الطبقة الحاكمة المترهّلة برمّتها ، يكتسحها ويزيلها من المشهد.  ولا بد أن يًبنى على مشروع إصلاحي متكامل.

 

شكرا

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
مهدي اليستري : السلام عليك ايها السيد الزكي الطاهر الوالي الداعي الحفي اشهد انك قلت حقا ونطقت صدقا ودعوة إلى ...
الموضوع :
قصة السيد ابراهيم المجاب … ” إقرأوها “
ابو محمد : كلنا مع حرق سفارة امريكا الارهابية المجرمة قاتلة اطفال غزة والعراق وسوريا واليمن وليس فقط حرق مطاعم ...
الموضوع :
الخارجية العراقية ترد على واشنطن وتبرأ الحشد الشعبي من هجمات المطاعم
جبارعبدالزهرة العبودي : هذا التمثال يدل على خباثة النحات الذي قام بنحته ويدل ايضا على انه فاقد للحياء ومكارم الأخلاق ...
الموضوع :
استغراب نيابي وشعبي من تمثال الإصبع في بغداد: يعطي ايحاءات وليس فيه ذوق
سميرة مراد : بوركت الانامل التي سطرت هذه الكلمات ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
محمد السعداوي الأسدي ديالى السعدية : الف الف مبروك للمنتخب العراقي ...
الموضوع :
المندلاوي يبارك فوز منتخب العراق على نظيره الفيتنامي ضمن منافسات بطولة كأس اسيا تحت ٢٣ سنة
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
غريب : والله انها البكاء والعجز امام روح الكلمات يا ابا عبد الله 💔 ...
الموضوع :
قصيدة الشيخ صالح ابن العرندس في الحسين ع
أبو رغيف : بارك الله فيكم أولاد سلمان ألمحمدي وبارك بفقيه خراسان ألسيد علي ألسيستاني دام ظله وأطال الله عزوجل ...
الموضوع :
الحرس الثوري الإيراني: جميع أهداف هجومنا على إسرائيل كانت عسكرية وتم ضربها بنجاح
احمد إبراهيم : خلع الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني لم يكن الاول من نوعه في الخليج العربي فقد تم ...
الموضوع :
كيف قبلت الشيخة موزة الزواج من امير قطر حمد ال ثاني؟
فيسبوك