المقالات

موت السیوف


طاهر باقر

قتل الحسین بعد ان قتلت المبادئ، فانبرى بروحه وجسده في دروب الموت يخوضها واحدا واحدا مع كل واحد من افراد عائلته، وحتى طفله الرضيع کان له نصیب من القتل والتضحية لاجل الدين، فقد كان الجميع يعلمون انهم يسيرون والمنايا تسير امامهم، لاتكترث نفوسهم لاعداد اعدائهم الهائلة، فهم ارتدوا ثياب الشهادة واستعدوا بقلوبهم القوية للسيوف القواطع لتأخذ من اجسادهم ماتريد حتى يثبت دين الله ولايتزلزل المسلمون ويتركون دينهم بعد الهدى.

لقد امطر الحسين دماءه على قلوبهم الميتة فأحياها، وعادت السيوف الميتة الى الحياة من جديد، ولما كلمهم اول مرة لم يسمعوا ولم يفقهوا مايقول، بسبب قلوبهم الميتة، وكلمهم مرة ثانية وثالثة ولم يفهموا مايقول، مع ان كلامه هو كلام رسول الله وكلام القرآن، ومن في الضلالة من اين يلج الهدى الى قلبه؟!

رجال تطوعوا وتبرعوا بأرواحهم واجسادهم لفداء دين الله الذي بدأ الامويون يطمسون معالمه الواحدة تلو الاخرى، وكان الحسين فردا يعالج افكار الناس ويحاول ان يبين لهم خطورة مايحدث، لكنهم لايسمعون ولايفقهون مايقول، فهم الذين خاضوا حروب صفين والجمل والنهروان لاحول لهم اليوم ولاقوة بحرب جديدة وان السكينة هي افضل طريق لتحقيق الهدوء والسلامة لانفسهم، وهم لايعلمون ان سكينتهم وركونهم للظلمة يعني مذبح امامهم.

حاول ان يوضح لهم، ويبين ان الطاغية لن يهدأ حتى يلقاه صريعا، وفي كل منزل ينزله في المدينة او مكة يسالونه لماذا المسير الى العراق؟ لماذا الاطفال والنساء؟ وهو لايستطيع ان يقول لهم بانكم استنكفتم عن مواجهة الباطل فلابد ان يفعل امامكم ذلك حتى وان تطلب الامر ان يقطع جسده الطاهر ثلمة ثلمة.

الا ترون إلى الحق لا يعمل به، والى الباطل لا يتناهى عنه، الا ترون الى الاسلام يزوى عن الدولة والكفر يتغلغل في اركانها واهل البدع ينشرون بدعهم ، والملفقون ينشرون الاحاديث التي لم يقلها رسول الله صلى عليه وآله وسلم ويتفنون بتشويه صورته امام الانسانية والتاريخ الا ترون انهم الفوا دينا جديدا لايمت الى الاسلام بصلة ؟ لقد اظهر يزيد مااخفاه معاوية ، فقد حاول ان يهدم اركان الاسلام ويفعلها علنا من دون خوف على حكمه بعد ان وطد معاوية اركانه، وقطع لسان المعارضين له ولحكم ابنه، وعاد الناس الى الجاهلية الاولى لايعرفون قيمة للحق ولاضررا للباطل، لذلك عندما خاطبهم في يوم الطف، كانوا يعرفون الحق فيها والباطل في يزيد امير الفسقة، لكن المشكلة ان المعايير تغيرت وتمكن فيما سبق معاوية من تحقيق التغيير لصالح الثقافة الجاهلية ولم يعد يعتبر الناس الحق والباطل هما المعياران لوزن الاشخاص والافكار والقوي الذي بيده السلطة يقول للشيئ فيصبح حقا ويقول للشيئ فيصبح باطلا، وهكذا تحول في هذه الثقافة اهل بيت الرسالة الى خوارج، وشارب الخمر علنا اصبح اميرا للمؤمنين، فماذا كان ايمان هؤلاء الناس حتى يصبح يزيد شارب الخمر اميرا لهم؟.

هذا دين الحسين وذاك دين يزيد لايلتقيان ابدا، تتبعوا كل خطوات الحسين وكلماته وشعاراته ستجدون انها تمثل دينا مختلفا عن دين يزيد بن معاوية، وفي مقابل فرقة الموت والغدر التي بعثها يزيد لاغتيال الحسين عليه السلام في المدينة، قابل الامام وهو في طريقه نحو الكوفة فرقة من جيش ابن زياد بقيادة الحر بن يزيد الرياحي وتعدادها الف نفر، استقبلهم الامام في حر الصيف وقال: اسقوا القوم وارووهم من الماء، ورشفوا الخيل ترشيفا، ففعلوا وأقبلوا يملأون القصاع والطساس من الماء ثم يدنونها من الخيول والفرسان، ولو اراد الامام لانتصر في حرب يشنها ضد جيش الحر لان اعداد معسكر الامام في ذلك الوقت كان كبيرا، لكنه آثر السلم وعدم خوض الحرب برغم المضايقات التي تعرض لها معسكره من جانب جيش الحر، لانهم لم يسمحوا للامام بالتحرك نحو الكوفة ومنعوه بالمسير باتجاهها وحرفوا مسيرته ، اي قائد عسكري كان سيستغل هذه الفرصة للقضاء على جيش الحر والدخول الى الكوفة عنوة والتغلب على ابن زياد الذي لم يكن قد استعد حتى ذلك الحين للمعركة ولم يجمع افرادها بينما كان الامام على اتم الاستعداد لخوض الحرب فلماذا لم يبادر في خوضها؟.

هذا هو الفرق بين دين الحسين وبین دين بني امية القائم على القتل والذبح والتسلط على رقاب الناس باي ثمن ونرى مثلا له اليوم في داعش وغيرها من المنظمات التي تنتمي الى الدين الاموي، فدين الحسين هو دين رحمة ورأفة هو الدين الذي اتى لتبليغه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو الدين الذي لايبيح التكفير والقتل لمجرد الاختلاف في الرؤية والتوجه، ولهذا السبب لم يقاتل الامام الحسين جيش الحر بن يزيد الرياحي.

تفاصيل معركة كربلاء كلها تبين جانبا من حقيقة الدين الذي ينتمي اليه بني امية فهو دين يعتمد على الغدر والخيانة والفسق والفجور وظلم الضعيف، وهناك مواقف كثيرة تظهر حقيقة انهم لاينتمون الى دين الاسلام، فعندما زالت الشمس وحان موعد صلاة الظهر وقف معسكر الامام الحسين عليه السلام مع قلة العدد وقفوا للصلاة ، وكان الاجدر بالمعسكر الآخر هو اقامة الصلاة لان اعدادهم بالآلاف ولايخافون الهزيمة بالحرب فلماذا يتجنبون الصلاة؟ وبدلا من ان يحترموا وان يقيموا الصلاة في وقتها امروا بالهجوم على معسكر الامام الحسين عليه السلام وهم في حالة الصلاة مما يدل انهم ممن لايقيمون وزنا ولايعطون الصلاة اية قيمة وهم الذين انتهكوا اكبر حرمة للاسلام بقتلهم الامام المعصوم وهو عدل القرآن الكريم هل سيحافظون على قيمة الصلاة؟.

وهناك موقف عظيم يثبت انحطاط عقيدة بني امية وخروجهم عن حدود الاسلام بل حد الانسانية، عندما اتى اباعبد الله الحسين عليه السلام حاملا طفله الرضيع طالبا غرفة من الماء يروي عطشه، اقدموا على فعلة لايقدم عليها الكفار والمشركون ولايفعلها حتى الذي لاينتمي الى عقيدة اودين، امروا بقتل رضيع الحسين من الوريد الى الوريد هذا هو دين بني امية وهو نفسه دين داعش وهو الذي خرج لاصلاحه الامام الحسين عليه السلام ولو لم يخرج لكان دين بني امية وداعش يتحكم بمصير الناس اليوم على انه دين الاسلام.

بقلم : طاهر باقر

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك