المقالات

الاطار التنسيقي بين الواقع والطموح


حافظ آل بشارة ||

 

 اصبحت بعض قوى الاطار التنسيقي تنادي بتوحيده تنظيميا وخوض انتخابات مجالس المحافظات المقبلة بقائمة واحدة ، فهل ينجح الاطار في هذا المسعى ؟ قبل الاجابة لابد من العودة الى الظروف التي نشأ في ظلها الاطار التنسيقي ، فهو تحالف بين القوى الشيعية الرئيسة لمواجهة تحديات مرحلة سياسية خطيرة ، كان هناك مشروع لشطر الاغلبية الشيعية من اجل اضعافها ، الا ان مبادرة الاطار قلبت الموازين، ولكن فيما بعد اصبح الحديث بين الناس يدور حول قدرة الاطار على الاستمرار متماسكا ، فهل هناك نقاط ضعف تمنع بقاء هذا التحالف وتطوره؟ يبدو ان نقطة الضعف الاكبر في هذا التحالف هي كونه تجمعا طائفيا لا يتسع لفئات اخرى مختلفة مذهبيا وكل القوى العراقية هي من هذا النوع ، بينما المشروع السياسي لكل قوى الاطار منفردة هو مشروع وطني لا يميز بين المكونات ، في بلد لا يقر دستوره أي حقوق سياسية تترتب على اساس الانتماء الثانوي.

كانت هناك حاجة الى الاطار لحسم مرحلة مهمة بعد الانتخابات النيابية لعام 2021 وبالشكل الطبيعي يجب ان يستمر تماسك الاطار ثم يتطور ، لكن نمو الاطار وتطوره قد توقف ليبقى مجرد مجموعة احزاب تعمل بالتنسيق وليس بوحدة البرنامج ، بينما يعترف قادة القوى الاطارية ان المطلوب منطقيا ان يختار الاطار شخصية قيادية لرئاسته ، وتتكون لديه هيئة قيادية مكونة من رؤساء القوى المنضوية تحت مظلته ، ثم يكون له نظام داخلي ، ومكاتب تنفيذية موحدة ، ومؤسسة اعلامية موحدة ، ويفتح الابواب امام القوى السنية والكردية الوطنية المعتدلة ليكون تحالفا عابرا للمكونات ، تحالف معبر عن دولة المواطنة وليس دولة المكونات.

حاليا مازالت الفرصة متاحة امام الاطار ليطور تشكيلته الموحدة ، لكن عليه اولا التغلب على بعض العادات السياسية والموروثات الثقافية وتجاوزها ، فهناك الطبائع التي تحكم اغلب القوى الوطنية في العراق ، المشكلة ان اغلب تلك القوى هي ليست احزابا ، فالحزب تعريفه واضح انه تجمع مطلبي ينشأ في ظل الدولة وكأحد مراحل تطورها وهدفه الوصول الى السلطة وتنفيذ رؤيته في الحكم، لكن الموجود من القوى السياسية تشكل بسياقات خارج اطار الدولة ومساراتها ، ولها اطار اديولوجي متميز ومتشابه وهذا النوع من القوى يصعب عليها الاندماج مع بعضها ، لأن المطالب هي التي تصنع التحالفات وليس المنطلقات النظرية، خاصة وان كل طرف سياسي يشعر انه صاحب سلطة فوق الدولة ، في وقت يشكو البلد من ضعف الدولة والقانون ، لذلك تتكرس سلطات الاحزاب وتصبح مصرة على عدم التفريط بها امام اي قوة غير قوة الدولة ، وقد تكون وحدة التحالف الاندماجية الطوعية تعني تنازل كل حزب عن عناصر قوته بلا مقابل. لكن مع هذا الاعتبار يجب ان تلعب الظروف دورها في تغيير قناعات الاطاريين فالخطر الذي استدعى نشوء الاطار مازال قائما ، ويجب ان تتشكل تجربة جديدة تتجاوز نرجسية الاطراف وتؤسس قاعدة للعمل الجماعي وتوحيد المواقف.

اما في ظل الاحتلال فتصبح هذه القضية حاجة اكثر الحاحا من اجل انعاش وجود الاطار ومشروعه الوطني ، خاصة وان القوى التي تدعي انها اسلامية تعمل بقاعدة التكليف الشرعي ، وسيكون تكليفها ادارة شؤون العباد والبلاد وخدمتهم وتقليل اضرار الهيمنة الاجنبية قدر الامكان ، لكن ايضا هناك مشكلة كبيرة تتعلق بالمصداقية فاغلب قوى الاطار مشمولة بتهمة بالفساد وسرقة اموال الدولة ، وتعد في نظر الشارع جزء من الوضع السيء القائم في البلد بما يخالف شعاراتها وادبياتها الاخلاقية والجهادية ، ويقول علماء الاطار وواعضوه ان الفاسدين او المتهمين بالفساد لا يمكنهم ان يكونوا مصدرا للعطاء والبذل والايثار ، ولا ينالهم التوفيق الالهي ، والاخطر من هذا ان بعض القوى المسماة اسلامية تحاول شرعنة فسادها بفتاوى حول حلية نهب المال العام فتسيء الى المذهب واحكامه ، في وقت تقابل القوى الافضل سمعة هذه الشرعنة بالصمت والتجاهل فتتهم بالتستر على الفاسدين .

هناك تراكم كبير في فقدان الثقة بين القوى السياسية بما فيها الاطار وبين الشعب، خاصة وان تلك القوى نفذت مخطط الاحتلال من حيث لاتشعر ، المخطط الذي يرمي الى خلق طبقة سياسية مترفة مقابل شعب تتزايد في اوساطه نسب الحرمان والفقر والبطالة ، واهمال حقوق الشعب الاساسية ومطالبه المشروعة تحت شعار ان الاطار افضل السيئين . ان اعادة الثقة الشعبية تتطلب تطهير قوى الاطار من الفساد اولا وايجاد تواصل حقيقي بين قواه وبين الجمهور ، ثم انجاز الخطوات الاخرى في وحدة التنظيم وقيادته ومشروعه.

(ان الحسنات يذهبن السيئات)لذلك فالشعب لا ينسى من يعملون لاجله ، واذا احس الجمهور ان الاطار التنسيقي بدأ برنامجه الاصلاحي بادئا بتطهير صفوفه الداخلية من الفساد المالي والشبهات الاخرى ، ثم تطهير الوزارات التي يديرها، ثم اعتماد الاستبيانات الحقيقية الميدانية الفعالة لاشراك الجمهور في تقييم مسيرته السياسية ، بعدها يمكن الحديث عن توحيد الاطار وتطوير صيغ الاندماج بين قواه لخوض تجربة انتخابات مجالس المحافظات بنجاح.

 

ــــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك