المقالات

فتنة تكرار النعم ..!


د. الشيخ خير الدين علي الهادي ||

 

قوله تعالى: ((وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ))

تتوالى النعم الإلهية على الخلق جميعًا من دون أن نحيط بها أو أن نحصيها, فكل ما يدور حولنا يصدق عليه نعمة بقطع النظر عن حجمها ومقدار انتفاعنا بها, بل إنَّ كثيرًا من النعم من حولنا قد لا نشعر بكونها نعمة لأنها أصبحت جزءًا من حياتنا اليومية كالصحة والأمن والأمان والنوم والحركة والسكون والأكل والشرب وغير ذلك كثير مما تشهده سجلاتنا اليومية وفعالياتنا المستمرة.

ومن المناسب أن ندرك أن خطر توالي النعم علينا قد يدخلنا في متاهة الضلال من حيث لا نحتسب؛ إذ يقول تعالى: ((وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ)) وقوله تعالى: ((وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ)), فإذا بلغ بنا الحال أن نغفل حقوق النعمِ الكثيرة أو نتغافل عنها فإن ذلك من الدناءة التي توجب السقوط في المحظور والابتعاد عن الرضا والقبول, فتتحول النعَمُ إلى نقمٍ تقود بنا إلى المهالك لنخسر بذلك سعادة الدنيا وهناء الآخرة.

والأصل في النعمة المداراة, فالنعمة تستوجب علينا الشكر وأقلُ الشكر هو أن نلتفت إلى النعمة ونؤدي حقها الذي أوجبه الله تعالى علينا؛ فالله تعالى يُحبُّ أن يرى آثار نعمه على خلقه؛ لذلك دعاهم إلى إظهارها كما في قوله تعالى: ((وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ)), وهذا يستلزم الإيمان بأنَّ الله تعالى قد قسَّم نعمه على جميع خلقه, وينتظر من الجميع شكرها ولاسيَّما ما يترتب على النعمِ من الواجبات التي استوعبت حقوق الخلق وجعلهم الله وكلاء عليها, وقد ثبت أن مداراة النعمة من أسباب دوامها.

إنَّ الخَشية عند البعض من النقص في الإنفاق يؤكد نقصهم في الفهم والإدراك؛ لأنَّ الثابت عندنا أنَّ الزكاة نماءٌ للرزق كما صرحت الآيات القرآنية وأقوال المعصومين عليهم السلام؛ إذ رُوي عن الزهراء (عليها السلام) أنها قالت في خطبتها الفدكية: ((والزكاة تزكية للنفس ونماء في الرزق)), فمن العبث أن نتصور النقص في العطاء بعد الصدقة والزكاة؛ بل إن تمام الجهل وكمال الظلم هو الإمساك عن الإعلان عن النعمِ باستخراج حقوقها ودفعها إلى المستحقين الذين امتحننا الله بوجودهم, ولولا إصرار المانعين الذين وكَّلهم الله بالنعم لما جاع فقير فقد ورد في الخطاب القرآني: ((إِنَّمَا الصَّدقَات للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين)), وكأنَّ الله تعالى جعل ذلك من الوجوب, وحدَّد آلية العطاء بعدم إحراج الفقراء؛ إذ قال تعالى: ((وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ)), وهذا مما استحسنه الله تعالى ليحفظ كرامة خلقه.

ومن هنا فالنعمة بحاجة إلى مداراة بإظهارها علينا والعمل على دوامها باستخراج حقوقها, ودلَّت التجربة أنَّ الباب الذي يكثر طرقه من الفقراء لا يمكن أن يُغلق؛ بل سيكون مفتوحًا ومتزينًا بالنعمِ التي تتوالى من عند الله تعالى؛ ليكون بذلك الباذل قد نال حظوة الدنيا وسعادة الآخرة.

 

ــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
مهدي اليستري : السلام عليك ايها السيد الزكي الطاهر الوالي الداعي الحفي اشهد انك قلت حقا ونطقت صدقا ودعوة إلى ...
الموضوع :
قصة السيد ابراهيم المجاب … ” إقرأوها “
ابو محمد : كلنا مع حرق سفارة امريكا الارهابية المجرمة قاتلة اطفال غزة والعراق وسوريا واليمن وليس فقط حرق مطاعم ...
الموضوع :
الخارجية العراقية ترد على واشنطن وتبرأ الحشد الشعبي من هجمات المطاعم
جبارعبدالزهرة العبودي : هذا التمثال يدل على خباثة النحات الذي قام بنحته ويدل ايضا على انه فاقد للحياء ومكارم الأخلاق ...
الموضوع :
استغراب نيابي وشعبي من تمثال الإصبع في بغداد: يعطي ايحاءات وليس فيه ذوق
سميرة مراد : بوركت الانامل التي سطرت هذه الكلمات ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
محمد السعداوي الأسدي ديالى السعدية : الف الف مبروك للمنتخب العراقي ...
الموضوع :
المندلاوي يبارك فوز منتخب العراق على نظيره الفيتنامي ضمن منافسات بطولة كأس اسيا تحت ٢٣ سنة
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
غريب : والله انها البكاء والعجز امام روح الكلمات يا ابا عبد الله 💔 ...
الموضوع :
قصيدة الشيخ صالح ابن العرندس في الحسين ع
أبو رغيف : بارك الله فيكم أولاد سلمان ألمحمدي وبارك بفقيه خراسان ألسيد علي ألسيستاني دام ظله وأطال الله عزوجل ...
الموضوع :
الحرس الثوري الإيراني: جميع أهداف هجومنا على إسرائيل كانت عسكرية وتم ضربها بنجاح
احمد إبراهيم : خلع الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني لم يكن الاول من نوعه في الخليج العربي فقد تم ...
الموضوع :
كيف قبلت الشيخة موزة الزواج من امير قطر حمد ال ثاني؟
فيسبوك