المقالات

نقاط في ازمة العراق


محمد عبد الجبار الشبوط ||

 

٣

 

ثاني عشر: عدم وضوح  الديمقراطية مفهوما وممارسةً. الديمقراطية هي احد الاركان المهمة للدولة الحضارية الحديثة بمختلف درجاتها. ويصعب علينا تصور وجود دولة حديثة لا تأخذ بالاليات الديمقراطية وخاصة فيما يتعلق بالانتخابات الدورية للحكام ومجالس التمثيل، وسيادة القانون، وحقوق الانسان، وخضوع السلطات للمساءلة، وحرية الاعلام، واستقلالية القضاء، وغير ذلك.  ومع ان الدستور العراقي ينص على ان العراق دولة ديمقراطية الا ان ديمقراطية الدولة العراقية تعاني من عدم وضوح  فكرة الديمقراطية وعدم فهمها، وعدم الحرص على تطبيقها بشكل صحيح من قبل الناس، حكاما ومحكومين. وسبب هذا مفهوم وهو حداثة التجربة الديمقراطية في العراق المعاصر، وتدني مستوى الثقافة الديمقراطية، وجملة اسباب اخرى.  وهذا يؤثر بالسلب على تصرفات السلطات الحاكمة، كما يؤثر على تصرفات الناس. بل ان بعض الناس ممن ازعجهم سوء تطبيق الديمقراطية اخذوا يرفعون مطالب وشعارات تمثل تراجعا ونكوصا عن الديمقراطية، دون ان تطالب بعكس ذلك وهو تصحيح المسار الديمقراطي للدولة. واذا كان لكل قضية اصحاب فان الديمقراطية قضية بلا اصحاب في العراق.

ثالث عشر، تدني مستوى الفهم الحضاري للاسلام عامة والقران خاصة. مما ادى الى تعطيل امكانية الاسلام في المساهمة الايجابية الفعالة في النهوض الحضاري وبناء الدولة الحديثة. في اي مجتمع يلعب فيه الدين دورا مؤثرا، يتعين على القائمين بعملية بناء الدولة الاستفادة من المعطيات الكامنة في الدين والتي تساعد في معالجة الظواهر السلبية، كالفساد، وتعميق الظواهر الايجابية، كالتعاون. وبذلك يتم تجنب الموقف السلبي من الدين الذي قد ينتج مضاعفات مضرة، كما يتم محاصرة الفهم المتخلف للدين الذي قد يحوله الى "افيون الشعوب"، كما قيل.

رابع عشر، ضعف القطاع الخاص وغياب المشاريع الانتاجية الصغيرة والمتوسطة. كما قلت في نقطة سابقة ان الدولة العراقية تعاني من "تيه" اقتصادي كما يعبر احد الاخوة، فتاهت بين الاقتصاد الاشتراكي والاقتصاد الرأسمالي وبين الاقتصاد الريعي والاقتصاد الانتاجي، وكان من نتائج ذلك اهمال القطاع الخاص وعدم ايلائه الاهتمام الكافي والضروري واللازم لظهور المشاريع الصغيرة والمتوسطة الاهلية. وتدل التجربة اليابانية تحديدا على اهمية هذه المشاريع وامكانية ان تلعب دورا كبيرا في بناء اقتصاد قوي ومزدهر ودائم النمو.

رابع عشر، تدني مستوى الالتزام بالقانون على المستوى الشعبي وعدم فاعلية قوى فرض القانون على المستوى الرسمي. من البديهيات ان القانون وفرض القانون والالتزام بالقانون من اسس الدولة الحضارية الحديثة التي لا يمكن التهاون والتراخي بشأنه. وبخلاف ذلك يكون من الصعب على مؤسسات الدولة الاشتغال وتحقيق برامجها. وهذا ما نعاني منه بقوة. فلا المسؤول ولا المواطن يؤمنان  بانه لا مندوحة من التقيد بالقانون وتطبيقه. ولذلك يسهل عليهم تجاوزه او الاحتيال عليه في اول فرصة. ومن هذه الفرص المتاحة لعدم الالتزام بالقانون:  الوساطة والرشوة والتزوير والتحيزات المتعددة الالوان والانواع. وقد اتيح لي ان اتعرف على عداوات تنشأ بسبب تطبيق القانون من قبل الاول على الثاني. فيعتبر الثاني ان تطبيق القانون عليه تصرف عدواني وربما ظلم من الاول بحقه. توسط عندي مثلا مسؤولون في الدولة للعفو عن موظفين ارتكبوا مخالفات قانونية مثل تزوير وثائقهم الرسمية. ويبدو لي ان هذه ثقافة سائدة في مجتمعنا حيث لم يتعود الناس على ان تكون الاولوية القصوى هي لتطبيق القانون. وقد ساعد ذلك على ظهور نتيجة خطيرة وسلبية اخرى هي ضعف الدولة امام قوى اجتماعية وسياسية مثل العشيرة والسلاح والاحزاب وغيرها. فاذا اخلى القانون وقوى فرض القانون الساحة، فان قوى اخرى غير قانونية سوف تملأ الفراغ. وهذا ما حصل ويحصل عندنا.

 

يتبع

 

ــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابن النجف الاشرف : نداء استغاثة الى السيد رئيس الوزراء محمد السوداني نرجو زيارة مدينة النجف الاشرف والاطلاع على المعتقلين مؤخرا ...
الموضوع :
السوداني يترأس اجتماعاً خاصاً بتطوير مطار بغداد الدولي
ابو رغيف : لم أجد في أي مكان ان السيد محمد شياع السوداني يحمل أي جنسية أخرى سوى ألعراقية لهذا ...
الموضوع :
السوداني والعامري يبحثان مسارات عمل الأجهزة التنفيذية وفق البرنامج الحكومي
حسن مجتبى بزّي : السلام عليكم ورحمة الله.. تحية لجناب الدكتور العزيز.. أرجو من جنابكم تأكيد المعلومة التي ذكرتموها حول وكالة ...
الموضوع :
وطنية السيد موسى الصدر
باسم السلمي : نعم ... رحم الله الشهيد السعيد المهندس الذي ضرب أروع الأمثال في البطولة والتضحية والفداء فكان ليثا ...
الموضوع :
تيار الشهيد أبو مهدي المهندس..!
ابو حسنين : وضع العرب مزري من حيث وجدوا في الارض في الجاهليه كانوا قبائل متناحره ومتشرذمه وحضارتهم السلب والنهب ...
الموضوع :
لماذا أوضاع العرب مزرية؟!
ر. ح. ن : مع شديد الاسف من يمثل المكون الشيعي من قادة وسياسيين لم يرتقوا الى مستوى يؤهلهم ليكونوا خداما ...
الموضوع :
الاطار اطارنا 
NADHIM ALAMARA : هناك خطا في تاريخ الهدم الاول ...
الموضوع :
قصة هدم قبور أئمة البقيع..
الحاج سلمان : رحم الله الفقيد و رحم آباءه وأجدادة , اللهم إرحم أمواتنا و أموات المسلمين لاسيما من لا ...
الموضوع :
وفاة سماحة السيد صادق الحكيم نجل اية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم
ابو حسنين : المعلوم والمعروف عند التكارتره بان عشيرة صدام عندما جائوا الى تكريرت طردوهم منها وهي البيجات فخيموا وسكنوا ...
الموضوع :
نعم.. صدّام المقبور ليس عراقياً..!
محمد السعبري : تنقسم الحرمة الى قسمين.. حرمة ذاتية وهي التي تكون غير خاضعة للمتغيرات والظروف المحيطة كمسألة الحين والقبح ...
الموضوع :
كيف تكاثر اولاد آدم علية السلام ..وكيف تزوجوا ومن هُنَ زوجاتهم ؟؟ الجزء 1
فيسبوك