المقالات

التنشئة الحضارية الحديثة


محمد عبد الجبار الشبوط  ||

 

منذ سنوات وانا اكرر القول بان اقامة الدولة الحضارية الحديثة يتطلب تنشئة اجيال من المواطنين تنشئةً حضارية حديثة. وان وزارة التربية هي المسؤولة عن تحقيق ذلك.

فاما التنشئة الحضارية فتعني تربية الطفل وفق القيم العليا الحافة بالمركب الحضاري وعناصره الخمسة اي الانسان و الارض والزمن والعلم والعمل.

واما التنشئة الحديثة فتعني تنشئة الطفل على اساس الحداثة ومن مفرداتها مثل العلم الحديث والتكنولوجيا.

ويتم ذلك في اطار الافكار والقيم التي تقوم عليها الدولة الحضارية الحديثة مثل المواطنة والديمقراطية وسيادة القانون والمؤسسات والمجتمع المدني والعلم الحديث والعدالة والحرية والمساواة وغير ذلك.

ويتم ذلك على اساس القيم العليا المشتركة للمجتمع العراقي والتي تشكل نواة الهوية الثقافية الوطنية الجامعة له، والتي لا تتغافل عن الهويات الثقافية الفرعية للمكونات المجتمعية المختلفة التي يتألف منها المجتمع العراقي.

ولما كان الطفل العراقي يقضي ١٢ سنة من عمره في الاقل في المدرسة، فيجب ان تكون المدرسة هي المكان الذي تغرس فيها بذور الدولة الحضارية الحديثة من خلال المناهج الدراسية والنشاطات الصفية واللاصفية. وهذا يتطلب اعادة النظر بالمناهج والمقررات المدرسية لجعلها قادرة على تنشئة مواطنين فعالين يتحلون بالخصائص الحضارية الحديثة.

ومن اجل ذلك ذلك دعوت رؤساء الوزراء السابقين الى تشكيل اللجنة الدائمة للتربية الحضارية الحديثة لكي تقوم بدراسة هذه الفكرة والتخطيط لها والاشراف على تنفيذها بالتعاون والتنسيق مع وزارة التربية واللجنة المختصة في مجلس النواب، ووسائل الاعلام ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات الدينية.

وها انا اكرر الدعوة بمناسبة تشكيل الحكومة الجديدة الى تبنى فكرة هذا المشروع التربوي الكبير لكي تتبناه وتشرع بتنفيذه.

واشير هنا الى ان الحكومات السابقة اهملت هذه الفكرة، ولهذا لم نشهد ظهور جيل جديد من الطلاب والطالبات بعد سقوط النظام الدكتاتوري ممن يجسدون منظومة القيم الحافة بالمركب الحضارية ويشكلون القاعدة البشرية للدولة الحضارية الحديثة.

ومع اننا تاخرنا كثيرا بالاخذ بهذه الفكرة، الا ان ذلك لا يبرر مواصلة اهمالها وعدم العمل بها، ولهذا فاني ادعو اللجنة المختصة في مجلس النواب والحكومة الجديدة الى تبني هذه الفكرة، والشروع بتنفيذها منذ الان على يتم ابعاد اللجنة الدائمة للتربية الحضارية الحديثة عن المحاصصة والتنافس السياسي، وان تشكل من خبراء في التربية والتعليم  والاجتماع وعلم النفس المؤمنين بفكرة الدولة الحضارية الحديثة.

ومن اجل كسب الوقت يمكن ان نبدأ بتنفيذ المشروع بشكل متزامن ومتوازي في المراحل الدراسية ال ١٢ في وقت واحد.

ويجب ان تلحظ مناهج التربية الحضارية الحديثة مسألة "ارتقاء القيم" في شخصية الطفل وصولا الى المرحلة النهائية من الدورة الدراسية الكاملة، اي من ٦ الى ١٨ سنة من عمر الطفل.

كما يجب ان يتضمن المشروع دورات مكثفة للمعلمين والمدرسين من الجنسين على فكرة التربية الحضارية الحديثة ومفرداتها على مدى ١٢ عاما.

ويمكن ان تكون عضوية اللجنة الدائمة للتربية الحضارية الحديثة طوعية، و مدى الحياة لتحقيق الاستقرار الوظيفي في عمل اللجنة. كما يمكن تنسيب عدد من موظفي وزارة التربية للعمل في الجهاز التنفيذي والاداري للجنة.

ان طرحي لهذا المشروع التربوي قائم على الاعتقاد بان اصلاح الفرد والمجتمع والدولة في العراق لا يتم من خلال التظاهرات الاحتجاجية ولا المنافسات السياسية ولا الصراعات الحزبية ولا البيانات الرنانة ولا الانقلابات العسكرية، وانما من خلال العمل التربوي والمنهجي الهاديء في صفوف المدارس الابتدائية والمتوسطة والثانوية وتحت اشراف ومراقبة اللجنة الدائمة للتربية الحضارية الحديثة. هذا هو الحل الذي طبقته المجتمعات التي سارت في طريق القضاء على التخلف وتحقيق النهضة الحضارية الحديثة.

 

ـــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك