المقالات

مصيبة استشهاد الرسول عند الامام أمير المؤمنين (عليه السلام)


الحقوقي علي الفارس ||

 

الحديث حول وفاة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآلة وسلم) وموقف الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) من هذه الفاجعة العظمى والمصيبة الكبرى التي لم يشهد لها التاريخ الاسلامي مثيلا, عندما مرض رسول الله (صلى الله عليه وآلة وسلم) بعد ما بلغ من العمر ثلاثا وستين سنة, نعى نفسه الطاهرة بمشهد مؤلم من أن شمس وجوده المبارك قد اقتربت من الغروب. قال تعالى : ((وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ على أَعْقَابِكُمْ ۚ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا ۗ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ .

ونجد هذه المصيبة العظيمة قدك تركت أثرها الكبير في نفوس المسلمين عامة وفي أهل بيته (صلى الله عليه وآله وسلم) خاصة، وذلك شاخص في أمير المؤمنين (عليه السلام) والسيدة الزهراء (سلام الله عليها) التي ما برحت أن لحقت بأبيها. وهذه المصائب العظيمة توالت على أمير المؤمنين (عليه السلام) إلا أنه يتأسى بمصيبة فقد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لأنها أعظم المصائب عليه،

ان أمير المؤمنين (عليه السلام) عاش ألم المصيبة في نفسه الطاهرة على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى أنه زاد ألم فقدان الرسول، فقده لمولاتنا الزهراء (سلام الله عليها) وهذه الفاجعة العظيمة الثانية بعد وفاته (صلى الله عليه وآله وسلم). وان استطاع امير المؤمنين تحمل فراق الرسول وتحمل الألم وصبره على ذلك، إلَّا أنّ فراق قد كان أعظم واشد، ومصاب أثقل فكما صبر في تلك الرّزيّة العظمى فلا يستطيع الصبر في هذه المصيبة، وهي فقد سيدة نساء العالمين.

ونجد أمير المؤمنين (عليه السلام) بفقده للرسول الكريم  اشار إلى انقطاع الوحي وأخبار السماء بموت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في حديثه عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي يكشف لنا بوضوح عمق تلك العلاقة من جميع جوانبها الفردية والاجتماعية والرسالية والجهادية والأخلاقية, التي تبرز مكونات الشخصية العظيمة للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم). يقول (عليه السلام): اثناء غسل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وتجهيزه : بأبي أنت وأمي لقد انقطع بموتك ما لم ينقطع بموت غيرك من النبوة والأنباء وأخبار السماء خصصت حتى صرت مسليا عمن سواك، وعممت حتى صار الناس فيك سواء، ولولا أنك أمرت بالصبر، ونهيت عن الجزع لأنفدنا عليك ماء الشؤون ولكان الداء مماطلا، والكمد محالفا، وقلا لك، ولكنه مالا يملك رده، ولا يستطاع دفعه، بأبي أنت وأمي اذكرنا عند ربك، واجعلنا من بالك.

ثم أكد (عليه السلام) شدة هذه العلاقة والملازمة من خلال تأثره بفراق النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عندما بدأ (عليه السلام) يشرح حالاته معه (صلى الله عليه وآله وسلم) حين وفاته وهي من اختصاصاته (عليه السلام) عبر وصيته (صلى الله عليه وآله وسلم), ويظهر شدة التأثير أعظم  كلما كانت نسبة تأثير الفراق أشد, وهو في قوله: ( فلقد وسّدتك في ملحودة قبرك ) أي اتّخذت لك وسادة في قبرك المعمولة فيها اللَّحد وهو كناية عن دفنه له فيها بيده.

ومن خلال هذه الملازمة والمعرفة بدأ دور جملة من الاحكام الشرعية والتعاليم الاسلامية وهو الحديث عن وصية (صلى الله عليه وآله وسلم) في تعيين الخليفة والإمام القائم , والأخبار والنصوص الواردة حول وصية الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) مستفيضة ومتواترة, وهي رد على زعم المفترين أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد مات ولم يوص, هؤلاء يبتغون من ذلك أهوائهم ورغباتهم الشخصية, لا يهمهم  التشويه بسمعة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والمس بكرامته.

وختاما: كانت مصيبة وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) من أوجع الفجائع على قلب أمير المؤمنين (عليه السلام) , ولولا إيمانه (عليه السلام) وصبره على المصيبة لمات حزنا في تلك المصيبة الأليمة.

فما فارق الحزن قلب علي (عليه السلام) حتى فارق الحياة, فسرعان ما أبيضت لحيته الكريمة فقيل له لو غيرت شيبك يا أمير المؤمنين فقال (عليه السلام) الخضاب زينــة ونحن قوم في مصيبة يريــد منها (عليــه السلام) وفـاة رســول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولم يختضب أمير المؤمنين (عليه السلام) طيلة أيام حياته لهذا السبب, لأن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أخبره بخضاب خاص, فقد روى أنه سئل (عليه السلام): ما منعك من الخضاب وقد أختضب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال أنتظر أشقاها أن يخضب لحيتي من دم رأسي, بعهد معهود أخبرني به حبيبي رسول الله.

اللهم إنا نشكو إليك فقد نبينا وغيبة ولينا وشدة الزمان علينا ووقوع الفتن وتظاهر الأعداء وكثرة عدونا وقلة عددنا.

السَّلامُ عَلَيْكَ يا رَسُولَ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها البَشِيرُ النَّذِيرُ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها السِّراجُ المُنِيرُ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها السَّفِيرُ بَيْنَ الله وَبَيْنَ خَلْقِهِ.

 

 

ــــــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك