المقالات

المرجعية الصامتة بالحق و السياسة الناطقة بالكذب على هامش تصريحات صلاح العبيدي

2010 17:27:00 2008-05-18

( بقلم : الدكتور : خزعل فارس الجابري )

منذ أواخر التسعينات و حتى يومنا هذا لا يكاد أي خطاب صدري سياسي أو ديني أو اجتماعي و حديث الصدريين في مجالسهم و حلقاتهم الخاصة يخلو من ترديد تلك الثنائية التي ابتدعها و للأسف المرحوم السيد محمد صادق الصدر و مهما حاولنا حسن الظن بدوافع وضع تلك القسمة فإن الشيء المفروغ منه أنها أسهمت في تقسيم الحوزة العلمية و فضلائها و أتباعها و المؤيدين لها و سائر الفئات المتدينة و غير المتدينة في المجتمع و أصبح وصف الصامتة أشبه باللقب النبزي للمرجعيات الدينية التي لا تشاطر الصدريين أو لا تتغنى بأمجاد و فتوحات الولي المقدس .

و بالقدر الذي تحمله تلك التسمية من حط لمكانة المرجعية و النيل الواضح منها فإن الأحداث و المعطيات و التجارب أثبتت أن هذا " الصمت " لهو من أسمى صفات و فضائل المرجعية لأنه صمت في مكانه و زمانه و يتم تجاه قضايا بعينها حيث يكون فيها الكلام هو الشيء الوحيد الذي يراه العالم الرباني مشروعا و ملزما به . ولو تتبع المتتبع و المعني مواقف المرجعية و ما قالته و أعلنته لوجده في القضايا الضرورية الملحة فلا يصدر بيان أو خطاب أو تتم الإجابة على استفتاء إلا حين يكون لهذا البيان و ذلك الخطاب و تلك الإجابة دور إيجابي في مجمل القضايا التي تكون موضوعا لكلام المرجع و لعلنا نقصد هنا مرجعية السيد علي السيستاني و بشكل عام مرجعياتنا الأخرى المؤثرة و ذات الكلمة و الثقل .

 إن المرجعية بفطنتها و حكمتها و شعورها بالمسئولية لا تلقي الكلام جزافا و لا تكثر منه فالزيادة في عرقها كالنقيصة و ليس كل قضية صالحة للحديث عنها . لهذا وجدنا المرجعية الشيعية لم تصمت في موضع يوجب عليها النطق بالحق و لم تنطق في موضع يوجب الحق فيه أن تصمت ، و الصمت و النطق كلاهما كغيرهما من المفاهيم و القضايا التي تحكمها النسبية تبعا للظرف و المصلحة و شرعية الفعل و القول . من هنا لن يكون الصمت عيبا بل هو فضيلة من الفضائل تماما كالحديث و الكلام ليس كله مما هو فاضل و حسن بل قد يحسن في مقام و يقبح في مقام . و هذا الفهم و الموضوعية لم يأخذه مقسمو المراجع إلى صامتين و ناطقين بل تشبثوا بطبيعة تجربة مرت لها ما لها و عليها ما عليها .

دفعني للحديث عن هذه القضية رغم شعورنا بالمرارة حين نعرض لها ما جاء من تصريحات الناطق الرسمي باسم الصدريين صلاح العبيدي و التي ادعى فيها أن كافة المراجع لا تقبل بحل جيش المهدي بل و لا ترضى بنزع أسلحته كما انه ادعى ادعاء غريبا جاء فيه : إن مقتدى الصدر لا يقرر شيئا إلا بعد الرجوع فيه إلى المراجع و أخذ رأيهم ! بالطبع لم يكن هذا هو التصريح الأول من نوعه فقد سبقته عشرات التصريحات كان للعبيدي جزء منها و كلها ادعت ما ادعاءه هذا الرجل . و هنا قد يتساءل البعض كيف يتسنى لهؤلاء إطلاق ادعاءات مفضوحة و الإصرار على كذب أصلع كما يقال ؟ ألا يخشون أن تكذبهم المرجعيات و عندها يبدون في وضع بائس للغاية ؟ جزء من الإجابة يبدأ بسؤال آخر هو : هل أصدرت المرجعية يوما بيانا أوضحت فيه زيف هذه المدعيات و تقويلها أقوالا لم تقلها قط ؟؟ لا شك أن الجواب هو أن المرجعية لم تقدم على شيء من ذلك و اعني به إصدار بيان يعقب على هذه الأقوال المعروفة مسبقا بأنها تلفيقات و تزييف للحقائق و بعيدة عن الواقع بعد السماء عن الأرض فتعمد فيه المرجعية إلى تكذيب تصريحات الصدريين و إعلان أنها ليست راغبة في عدم حل المليشيات كيف وهي تدعو ليل نهار إلى حصر السلاح بيد الدولة حسب و عدم شرعية أي طرف مسلح يحاول أن يقيم له كيانا داخل كيان الدولة و يتمرد على القانون بقانون خاص يختلقه لنفسه و يأخذ بمحاكمة الناس بموجبه ..

أجل لم يصدر من المرجعية بيان كهذا و لم تقدم يوما على التعقيب على تصريحات القيادة الصدرية و أتباعها كما نعتقد أنها لن تفعل ذلك مستقبلا إلا إذا اقتضت المصلحة العامة و تبدلت الظروف و رفعت العوائق التي تمنع من اتخاذ الموقف الصارم و المعلن بحيث لا يقود إلى سلبيات مؤثرة . و ما ذلك إلا صمتا في الحق فهي واعية تمام الوعي إلى حقيقة أن تكذيب تلك الأقوال سيقود إلى ما هو سلبي فليس من شيمة المرجعية و لا طبيعتها أن تزرع يوما بذرة خلاف بين اثنين من الناس فيكف و هي أمام مشكلة اسمها الصدر و أتباعه وهي تدرك أن هؤلاء نفر من أنصاف المتعلمين بل قد يكون هذا الوصف غير دقيق فالأغلبية منهم ذوو جهل كامل و مطبق و ما هم إلا أوباش خلفتها ثقافة البعث المقيت ، إنهم ثلة من الشباب النزق الذي يصعب التفاهم معه بغير اللغة التي يفهمونها . لا تريد المرجعية الرد على هذه الاختلاقات و الأكاذيب لأنها إن أقدمت على ذلك أهدت للزمر الخارجة عن القانون خدمة جليلة في الإمعان بتمزيق المجتمع و زرع بذور الخلاف و الشقاق وهي بالتالي ستكون طرفا في سجال و مهاترة إعلامية تربأ بنفسها عن الخوض فيها .

 لا تفكر المرجعية الرشيدة بعقلية الولي المقدس الذي لم تترك ثنائياته سوى حشد وافر من الخلافات و حالات التمزق التي أوهنت الصف و أتاحت المجال لأعداء العراق من أن تكون لهم يد في التلاعب بمصير البلد . سيبقى الصدريون يرددون هذه الأقوال التي لا حظ لها من واقع و لا من حقيقة لعلمهم أن المراجع لن يخرجوا عن التزاماتهم الشرعية و الأخلاقية في عدم الدخول بأية قضية تشم منها رائحة الخلاف وهي تدرك تماما طبيعة ما سيقوله الصدريون و ما يشنونه من حملة شرسة لو قامت بتكذيبهم على رؤوس الأشهاد حيث سيتهمونها بالعمالة للمحتل و الارتباط بأطراف خارجية و هلم جرا ، و ليست هذه التهم بنفسها مما تحذره المراجع الشيعية المعروفة بحكمتها و بعد نظرها و حصافتها بل ما ستؤدي إليه من احتقانات و خلافات على صعيد الأتباع و هي حريصة كل الحرص على أن يتعايش الجميع في جو من المودة و الأخوة و الاحترام و هي أحرص ما يكون على سيادة النظام العام و فرض الدولة لسلطتها و قانونها وهذا ما رددته مرارا و تكرارا .

و أخيرا أدعو صلاح العبيدي و غيره من المتقولين أن يراجعوا مفاهيمهم التي تعفنت في عقولهم و أن يهضموا قضية بديهية تقول إن الصمت في الحق خير من النطق بالباطل و لينصفوا بعدها المرجعية في أقوالهم و تقسيماتهم التي ما أنزل الله بها من سلطان .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
محمود الشمري
2008-05-19
ان الثرثره التي يمارسها صلاح(لاأصلحه الله) واصحابه من ناقصي العقول قد تسببت بمشاكل كبيره لهذا الشعب ولو انهم صمتوا لكان خير لهم ولنا وان الالاف من اتباع اهل بيت المصطفى قتلوا بايدي عصابة هذا الثرثار وان الملايين من المسلمين يدعون الله ان يخرس هذا المدعي حفيد عمر بن سعد وان يخلصنا الله من مقتدى وجلاوزته
حميد ابوغنيم
2008-05-19
اخي انهم حثالات المجتمع من الهمج الرعاع الذين لاهم لهم الا تشويه المرجعية باجور مدفوعة سلفا ولاحقا وحسب التصريح وكل شيء بثمنه من دول جوار عار لاهم لها الا تشويه المرجعية وتفكيك العراق !! ونحن ننتظر بفارغ الصبر يوم استدعائهم للمحكمة وليحاكموا محاكمة تكون عبرة لغيرهم وكفانا صبرا اكثر لانه يفقدنا مصداقيتنا امام المجتمع !!
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك