المقالات

مد رجليك على كد دستورك

1327 2022-08-17

  حمزة مصطفى ||   من الأفلام المصرية تعلمنا "الإحم والدستور". لا أعرف معنى الأحم لكن المعنى المتداول للدستور هوالنظام العام المكتوب والذي يحتاج الى قوانين لتطبيقه.  بعض الشعوب لاتحتاج الى دستور لأن النظام العام أي مجموعة الأعراف المجمتمعية التي تراكمت عبر العصور أصبحت لها قوة القانون مثل بريطانيا. ففي بريطانيا العرف أو الدستور غير المكتوب هو الذي ينظم حياة الناس. لا تستطيع الملكة الخروج على هذا العرف غير المكتوب ولا رئيس الوزراء الذي يمكن أن يطرد بـ "ليلة ظلمة" لأنه أقام حفلة في مقر رئاسة الوزراء خلال فترة الحجر أيام كورونا. العرف وإن كان غير مكتوب "ماعنده يمه إرحميني". أما القانون لابد أن يكون مكتوبا لأنه ينظم شؤون الحياة المختلفة بدء من إشارة المرور الى شراء أو إستئجار منزل أو إستخراج إجازة سوق أو بطاقة فيزا كارد.   وحيث أن العراق تاريخيا هو من بين أقدم الشعوب والبلدان التي عرفت الحياة المدنية وكانت لها قوانين وأنظمة إدارية في كل شئ بدء من أنظمة الري الى شؤون الحكم والسلطة, فإنه يفترض أن يكون "فريضة" في هذا المجال. يكفي أن أول قانون تولى تنظيم الحياة في بلاد الرافدين كان قانون حمورابي.   إذا تخطينا عصور ماقبل التاريخ, فإن العراق واحد من أقدم  بلدان المنطقة على صعيد بناء الدولة الحديثة. فهو بلد مؤسس لكل المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة والجامعة العربية فضلا عن العديد من الأحلاف والتجمعات وسواها. ومع أن العراق من بين البلدان التي تفتخر بوجود منظومة قانونية متكاملة على مختلف الصعد فإن المشكلة التي واجهها ولايزال هي  الدستور. فبسبب إختلاف الأنظمة (ملكية وجمهورية) على مدى أكثر من ثمانية عقود لم تستقر منظومته الدستورية. الدستور الدائم الوحيد هو الحالي الذي تم التصويت عليه عام 2005. لكن هذا الدستور ولأسباب تتعلق بطريقة بناء الدولة من قبل القوى التي تسلمت الحكم من الأميركان عام 2003 بعد سقوط النظام السابق إفتقرت الى الثقافة الدستورية ولم تستعين بذوي الشأن في هذا المجال. والدليل على ذلك أن عيوب الدستور بدأت تظهر منذ أولى سنوات تطبيقه. واليوم وبعد 19 عاما من التغيير بدأنا نواجه شتى أنواع الإنسدادات السياسية بسبب الدستور. ولعل آخر عقبة كأداء واجهناها هي كيفية حل البرلمان بعد إخفاقه على مدى 9 شهور في إكمال الإستحقاقات الدستورية. فالدستور لم يعالج مسالة تخطي المدد الدستورية اللازمة لقيام البرلمان المنتخب بواجباته. ولأن أهم جزء مما نعيشه اليوم هو سياسي متمثلا بنوع من صراع الإرادات فعند البحث عن حل وجدنا الطريق مسدود حتى بإفتراض جلوس المتخاصمين على مائدة حوار. فالدستور وفي ظل هذا الإنسداد بات عاجزا عن توفير حل لما نعانيه. ولأن تخطي المدد اللازمة لتشكيل الحكومة بعد الإنتخابات لم يعالجها الدستور ولم يفرض عليها إجراءات عقابية فإننا ندور الآن في حلقة مفرغة بين طرفين يعلنان إيمانهما بالدستور ويريدان الحل من خلاله. لكن الدستور من جهته لايوفر حلا لأنه عند كتابته لم يأخذ بعين الإعتبار إحتمالات من هذا النوع, أو سكت في الأقل ومثلما قال القاضي فائق زيدان عن فرض عقوبات في حال تم مخالفة المدد الدستورية. وإنطلاقا من ذلك فإن الدستور الذي كان هو الملاذ في إيحاد حلول للأزمات أصبح هو محورالنزاع والصراع بل والإحتدام. ولو عدنا الى الدستور البريطاني غير المكتوب (العرف) نجد أن الفرق بين عرفنا وعرفهم أن عرفهم يشتغل لما بعد الدولة, في حين أن عرفنا هو مجموعة "سواني" ترهم لمرحلة ماقبل الدولة. وبين هذين العرفين حيث الفرق شاسع فإن دستورنا لكي لانظلمه كليا يلبي جزء ويسكت عن أجزاء. وفي هذه الحالة نجد أنفسنا مضطرين أن نمد "رجلينا على كد" مايتيحه دستورنا من حلول أحيانا تحتاج الى حلول.  
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك