المقالات

بين صناعة الوهم والطاغوت


  الشيخ خيرالدين الهادي ||   يولد الإنسان على فطرته السليمة فيصنع منه بيئته سراجاً للحكمة أو عنواناً للدناءة على حسب ما يحيط به من معامل التأثير حتى يتصور بعضهم أنه بلغ رتبة الكمال من المعرفة ويظنُّ أنَّ من يخالفه يعيش النقص والعوز الفكري, بل قد يتمادى أحياناً ليجعل من نفسه وصياً فيسعى إلى هداية الآخرين وتعليمهم وكأنَّه جعل من نفسه قيِّماً على المجتمع أو لتصوُّره أنَّه أحاط بالمعارف واهتدى إلى سبيل الرشاد من دون الخلق؛ فيما ينظر إليه الآخرون أنه هو المتلبس بالباطل والضائع بين المهتدين؛ بل يعيش السفاهة بعد أن تسمم بما يناسب ذوقه المعرفي من دون اطلاع على القراءات الأخرى التي يمكنها أن تستوعب الآخر باعتبار الناس كما يقول سيد البلاغة إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق؛ فهذه المساحة من الاستيعاب لا يغادرها إلا من تغذى على النطيحة والمتردية من المعارف عبر قنوات الوعي أو اللاوعي. إنّ المشهد العراقي بات أكثر تعقيداً في ظلِّ القناعات التي يتصوَّرها البعض والقائم على أنَّ الآخر أمَّا معي فينبغي أن يكون مثلي في قراراته ومنشوراته وتعليقاته أو هو عدوُّي فلا يمكن أنْ أجالسه أو أحاوره؛ إذ لا يوجد مساحة للطرف الثالث الذي قد يختلف مع الفريقين الذًيْن عمدا إلى تحجيم نفسيهما وتعطيل وسائل التفكير والمحاورة بعد أنْ تسافلا بشعارات برَّاقة جميلة مُزيَّنة بثوب النزاهة والتقوى في حين أنهما أو أنَّ أحدهما قد تعلق بأذيال الشيطان الأكبر من حيث يعلم أو لا يعلم وأصبح منقاداً لتوجيهاته الدمويَّة لتحجيم الفرقاء والجلوس على التلِّ ضاحكاً مستبشراً.  إنَّ صناعة الوهم ليس بدعاً من قبل السفهاء أو الجبابرة والطواغيت, فهم يعتاشون على مرِّ التاريخ على إيجاد مساحة من الخلاف بين الفرقاء لتوهينهم وكسر شوكتهم ليكون الحسم في كلِّ أمرٍ بتوجيه المتسلطين وقد نجحوا مرَّة أخرى بالاعتماد على السفهاء في تقويض آمال الشعب وتعليق مستقبل العراق بمجموعة من الصعوبات أهونها التهديد بإظهار مؤشرات الحرب الأهليَّة بين الأخوة والاصحاب, وهذا الزخم الكبير بتخريب المشهد العراقي ومحاولة إغراقه في المتاهات وعدم الاستقرار سيكون له أثرٌ كبيرٌ على البعض للتوجه نحو التطبيع بقصد رعاية حقوق الشعب وضرورة معالجة الاوضاع الراهنة والخروج من الأزمات الكثيرة ولاسيَّما أن البعض أيقن أنَّ التطبيع سبيل الإنفراج. إنَّ من السفاهة أنْ نتصوَّر أنّ الشيطان الأكبر تركنا لنقرر مصيرنا من دون أنْ يكون له أتباع من بيننا يلتزمون أوامره ولا يحيدون عن مصالحه؛ لذلك على من يوقِن بضرورة حُبِّ الوطن ومظلوميَّة الشعب وحرمان العامَّة أن يستعدَّ لمواجهة التحدِّيات وينطلق من نهضة الحُسين (عليه السلام) ومناهجه الحقيقية في التصدِّي لمعامل الفساد المعروفة المتستِّرة بثياب الاصلاح ومحاولة استيعاب الغافلين الذين انغمسوا في مكائد الشيطان الذي صنع لهم عالما من الوهم وتربع كالطاغوت على أفكارهم يُسيِّرُهم حسب نزواته ويقودهم إلى رغباته وهم لا حول لهم ولا قوَّة كأنَّهم إلى نصبٍ يوفضون.  

  

 

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك