المقالات

حفلات التخرج بين الإعتدال والتمادي


إيمان عبد الرحمن الدشتي ||   وصول طالب العلم إلى مرحلة التخرج بعد سنين من الجد والاجتهاد والعناء لهو مبعث للسرور، يستحق أن يعرب عن فرحه وإبتهاجه ويحتفل لأجله بما يناسب ذلك المنجز، وقد لوحظ نوعان من الاحتفالات تخص هذا المجال في الآونة الأخيرة، حفلة إتسمت بالطابع الديني الملتزم المعبر عن جيل واعٍ ومؤمن، وأخرى يؤسَف لخريجيها! لتجاوزها على الذوق العام، مائلة للإبتذال والتعدي على القيم السلوكية المعتدلة للمجتمع.  يمكن أن نعرف الفرح على أنه شعور الفرد بالإرتياح لتحقق غاية ما ينعكس هذا الشعور على ملامحه وتصرفاته، ومن الطبيعي أن تختلف أساليب التعبير عن الفرح بإختلاف المجتمعات وباختلاف الأفراد أيضا تبعا لطبيعتهم السلوكية والإيمانية والأسرية، فأسمى آيات التعبير وابهى آيات الشكر والعرفان حينما لا يُنسى صاحب الفضل الأول وهو الله تعالى عزَّ مِنْ منعم ومكرم، فيكون الشكر دعاء أو صلاة أو صياما أو نسك.  رأينا عبر مواقع التواصل الإجتماعي (وحضرنا بعضها ولله الحمد) تلك الإحتفالات التي إتسمت بالطابع الإيماني برعاية بعض العتبات المقدسة، حيث مثلت تكريما ببالغ الحفاوة لمن اختاروا الحضور إلى البقاع المقدسة وترديد قسم التخرج بمحضر أولياء الله وأحبائه على الحضور إلى مجالس اللهو والطرب، بعث الخريجون من خلالها رسائل إطمئنان للمجتمع أنهم واعون وسيعملون بوعيهم ومبادئهم التي جبلوا عليها، وأن نهجهم إمتداد لنهج آل البيت المحمدي العلوي صلوات الله وسلامه عليهم، حتى أن كثيرا من قبعاتهم أبت أن تتقاذف فتسقط أرضا، وإختارت أن ترفع لتصدح ب "شعارات رسالية ثورية"  اعربت بعضها عن شكر الإمام القائم عجل الله فرجه الذي كان صاحبا ومصاحبا لهم في كل خطوة، وأن تخرجهم مهدى له سلام الله عليه، وأخرى أخبرت الشهداء وقادتهم أن تضحياتهم كانت حافزا ودافعا للنجاح، وأخرى كأنها تقول للمرجعية الرشيدة أنكِ أنتِ الخيمة التي حمت الوطن وغمرتنا بالأمان طوال سني دراستنا، فالتخرج وان كان نهاية مرحلة ولكن يمكن عده بداية لمرحلة توكل جديدة على الله، فتستوجب العلقة الصادقة للعبد مع ربه لتنزل عليه شآبيب رحمته ورزقه وعطائه.  نقر مع ذلك أن هذا الأمر قد لا يروق لكل  الخريجين وذلك لتعدد ميولهم ومشاربهم وأديانهم، ولهم أن يختاروا الأماكن الملائمة لإقامة حفلاتهم، والتي ترفع من شأنهم كنخبة مثقفة واعية من فئة الشباب، فيبقى الحرم الجامعي هو المكان  الأمثل لكل الفئات الذي تختتم به المسيرة العلمية، والمذكر بتلك السنوات الجامعية وما حوتها من يسر وعسر، فختام كل شيء هو زبدة ما قبله وملخص لما قد فات.  الإساءة الحقيقية للمجتمع ولطلبة العلم حينما تكون حفلات التخرج بعيدة كل البعد عن النضوج الفكري المفترض للخريجين! وحينما تفقد القيمة المعنوية للعلم وتصبح حفلات مجون وإنحلال! وتسيء لحملة العلم أنفسهم الذين يفترض أنهم نالوا شرف شهادة "التربية" منذ أن تخرجوا من الثانوية! وهذا ما شاهدناه مؤخرا وللأسف، والأتعس من ذلك حين تقابل هذه الحفلات بصمت وبرضا ممن حضروها من الأساتذة وأولياء الأمور! فكيف لمثل هكذا حفلات أن لا تُلاقى بإستنكار ورفض من قبل النخب الواعية؟  وزارة التعليم العالي والأسر الفاضلة والمجتمع بكافة طبقاته المخلصة مطالبون بوضع ضوابط عامة لإقامة حفلات التخرج تلزم الخريجين بمراعاتها وتردع المخالفين، وفي هذا إجلال وإكبار للعلم ولطلبته، فما أروع تلك الحفلات التي يظهر فيها الإنضباط وتعلو فيها الأناشيد المعبرة عن الشكر والثناء للمنعم عز وجل وللأيادي المتفضلة التي اوصلتهم، يد الوالد المعطاء ويد الأم الحانية ويد الأستاذ المتفضلة، أيادٍ كان لها كل الفضل في تذليل الصعاب ومواصلة الطريق ليصبحوا عناصر فاعلين لا يُستغنى عنهم في المجتمع.  كل المجالات لا تخلو من السلب كما لا تخلو من الإيجاب، وبالخصوص في هذه المرحلة الحساسة التي باتت الحرب الناعمة تستهدف القيم والمبادئ للشعوب المحافظة، فحري بتلك الشعوب أن تتمسك بمبادئها الرصينة وتحمي جميع أبنائها وبالأخص حملة العلم، وتستنكر وتشجب وتمنع أي إساءة تلحق بهم وإن كانت من عند أنفسهم، وتكبر في عيونهم ووعيهم المحافل المباركة والمردود القيمي في المشاركة بها، ليقال عنهم بحق أنهم حملة علم.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك