المقالات

الدعوة الكردية الى الكونفدرالية


محمد عبد الجبار الشبوط ||

 

الدعوة التي اطلقها السيد مسرور البارزاني في لندن والتي تضمنت في جوهرها تعديل صيغة العلاقة بين اقليم كردستان مع المركز في بغداد من الفيدرالية الى الكونفدرالية اثارت ردود فعل سلبية في الولايات المتحدة الاميركية.

نشير باديء ذي بدء الى ان الشعب الكردي في العراق يملك كامل الحق بتقرير مصيره، وهو الحق الذي اقرته كل الشرائع السماوية والوضعية، بما في ذلك اقامة دولته المستقلة.

وقد مارس الشعب الكردي هذا الحق مرتين على الاقل، الاولى بعد انسحاب السلطة الصدامية من كردستان بعد حرب الخليج في عام ١٩٩١، والثاني في التصويت على دستور عام ٢٠٠٥ الذي قال في  المادة (117/ اولا): "يقر هذا الدستور، عند نفاذه، اقليم كردستان وسلطاته القائمة، اقليماً اتحادياً.".

وكان يفترض ان نعتبر هذا الموضوع منتهيا، لكن الاستفتاء الذي اجري في كردستان حول الاستقلال ودعوة مسرور البارزاني الاخيرة تعيدان الموضوع الى الواجهة مرة اخرى. وهنا لابد من التأكيد على ان اي تغيير في صيغة العلاقة يجب ان يتم باتفاق الطرفين ولا يجوز اتخاذ موقف منفرد. ويعرف رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون  الذي التقاه مسرور مؤخرا،  هذه الحقيقة، حيث لا يسمح لاقليم سكوتلاندا باجراء استفتاء على الاستقلال الا بموافقة حكومة لندن، لان الفدرالية لا تعني استقلال  وخروج الاقليم الفدرالي عن السلطة الاتحادية. وبالتالي فان تحول العراق من دولة اتحادية (فدرالية) الى دولة كونفدرالية يتطلب موافقة الشعب العراقي ككل بما فيه الشعب الكردي، وهذا يجب ان يتم باستفتاء عام وليس في الغرف المغلقة. ويتعين على جميع الاطراف ذات العلاقة ان تتقبل نتائج مثل هذا الاستفتاء مسبقا مهما كانت.

والنقطة الاهم في هذا الموضوع ان استقلال اقليم كردستان، سواء بطريقة ضمنية باسم الكونفدرالية، او بصورة صريحة، ليس قرارا محليا فقط، انما هو قرار اقليمي ودولي ايضا. وهذه حقيقة قد تكون مرة، لكن يجب القبول بها، والا فان اي اعلان للاستقلال من طرف واحد سيكون مصيره نفس مصير الجمهورية القبرصية التركية التي اعلنت في شمال تركيا في ١٥ تشرين الثاني من عام ١٩٨٣.

وليس سرا ان الدول الاقليمية (تركيا وايران) اضافة الى الولايات المتحدة، وهذا هو الاهم، لن تقبل بتقسيم العراق، واعلان دولة كردية مستقلة بقرار من طرف واحد. والمعروف ان المصالح الحيوية الايرانية والتركية والاميركية تتعارض بالكامل مع هذه الخطوة. وهذا هو الذي يفسر رد الفعل الاميركي القوي على دعوة مسرور البارزاني الى الكونفدرالية، لانها ستكون خطوة مؤكدة نحو الاستقلال، وهذا ما لن تقبل به الولايات المتحدة. وهذا ما اكدته مساعدة وزير الخارجية الاميركية جينفير گافيتو التي قالت في تصريح حديث ان "الولايات المتحدة تدعم عراقا  مستقرا، موحدا يضم اقليم كردستان". وهذا موقف انعكس ايضا على صحف اميركية مهمة. وبالتالي فان على الكرد ان يرسموا احلامهم القومية في اطار المعطيات الدولية والاقليمية، فضلا عن الاطار الوطني العراقي. وهذه رسالة لكل الاطراف المكونة لما يسمى بالفسيفساء العراقي في ان تحدد اهدافها في اطار دولة عراقية موحدة ومستقلة ومتعايشة مع نفسها ومع محيطها الاقليمي والدولي. وهذا يتطلب ان تعقد هذه الاطراف العزم على الاتفاق على شكل دولة عراقية يحقق امال المكونات، ويرفع المظلومية، ويزرع الشعور بالاطمئنان والثقة في النفوس، بدون نزوع خفي او معلن الى الانفراد او الانفصال او ما شابه. وقد دلت الخبرة الدولية على ان ذلك ممكن في اطار الدولة الحضارية الحديثة التي تقوم على اساس المواطنة والديمقراطية وسيادة القانون والمؤسسات والعلم الحديث. ولا نتوقع ان تشهد مثل هذه الدولة اضطهادا او تمييزا على اساس الدين او المذهب او القومية او اللغة او المنطقة او الانتماء السياسي او الجنس.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك