المقالات

العالم الرقمي ومجتمعنا بعد عقد من الان

1677 2022-04-05

حيدر الموسوي *||

 

في العقد السبعيني والثمانيني وحتى التسعيني كانت هناك مجموعة ضوابط واعراف وتقاليد تحكم المجتمع

وبعيدا عن الانظمة الحكومية وسلبياتها وايجابياتها

كانت الاجيال الصغيرة  محاطة منذ نشأتها بمجموعة ردع من الذين يقومون بدور المربي فالاب والام لم يكونا كما هو الان مجرد مصرف لاغداق الاموال والانفاق حيال الطعام والملابس والامور الاخرى وكانت الاسرة لا تقتصر على دور الابوين في التربية بل الجد والجدة والاعمام والاخوال والعمات والخالات وكبار العمر من ابناء العم بل ان خرج الفرد الى الشارع فهو محكوم ايضا بضابطة اخرى وهي الحار  ليس مثل جار اليوم المغلق ابوابه

كانت الابواب كلها مفتوحة والجار يكون حاكم ومربي ومراقب وله الحق التدخل في شؤون جيرانه في المناسبات الاعراس ومجالس العزاء وتوجيه النصيحة ومحاسبة اي فرد جديد خاصة فئة الاطفال والمراهقين بحكم تلك العلاقة المتينة حينما يرى سلوكا او تصرف خاطئ

اما على مستوى المدرسة فحدث ولا حرج فكان اسمها التربية والتعليم وليس فقط التعليم بمعنى اخر كان المعلم او المدرس هو المربي الاخر الذي ياخذ دور كبير في تقويم واصلاح التلاميذ والطلاب المشاغبين وله الحق استخدام اقسى العقوبات ايمانا انه احد ابنائه ، وصولا الى الجامعة واساتذتها

المنظومة الحكومية ومؤسساتها هي الاخرى ايضا جهة رقابية حينما ترى ثمة اعوجاج وانحراف مجتمعي تتدخل بمجموعة من القرارات الصارمة والقاسية وتقوم بتنفيذ حتى الاساليب القمعية من اجل دفع هذا الخطر

فعلى سبيل الذكر لا الحصر حينما ظهرت المني جوب التنورة القصيرة جدا كموديل للفتيات قام رئيس الوزراء حينها طاهر يحيى بصبغ ارجل تلك الفتيات بحملة كبيرة في الشارع للحد من تلك الظاهرة والدخيلة على المجتمع

كذلك النظام السابق ورغم دكتاتوريته فقد اوكل في ثمانينيات القرن الماضي مهام ضبط ايقاع المجتمع الى شخصية معينة اعتقادا بقدرته سمير الشيخلي وقتها الذي كان يقوم بقص شعر المراهقين والشباب في الشارع

وقام بحملات مماثلة في سلك التعليم ايضا

هكذا الافراد كانوا محاطين بمجموعة من الضوابط تمنعه من الانزلاق الخطير والوصول الى ما وصل اليه اجيالنا اليوم الذين نرى الانحرافات الخطيرة في سلوكياتهم وتصرفاتهم جيل العالم الرقمي والافتراضي الذي تأثر وفق مبدا العقل الجمعي بشكل كبير بهذه المنصات وبدأت تنتشر حالة من التمرد بين صفوف هذه الفئة متجاوزين كل الاحكام العرفية والاخلاقية اعتقادا انها الحداثة والتقدم وان الزمن الماضي قديم ومختلف ويجب القفز على كل هذه الافكار وتجاوزها

والاسرة صارت فاقدة للسيطرة تماما على ابنائها بل اصبحت متماهية مع كل ما يقوم به الابناء خوفا من ردات الفعل

العالم الافتراضي يسيطر على ذهنية مجتمعنا فالزوجة تجد من الطبيعي المحادثة مع شخص اخر وتشرح مشكلاتها الخاصة والشاب من الطبيعي ان يقوم بذلك

المراهقين خرجوا عن المألوف ولا يعيروا اي اهمية الى من يكبرهم في السن قريب ام بعيد

الدولة ومؤسساتها فاقدة لكل  الاستراتيجيات وان وجدت فهي غير قابلة للتنفيذ  لانها تخشى ايضا من ردود الافعال

وتخشى منصات التواصل وتسقيطها هي الاخرى بفعل وجود جيوش الكترونية قادرة على ان تعصف في البلد وتجعله محرقة 

اننا وفي هذه الفترة الحرجة وفي ظل التفكك المجتمعي والاسري والقبول بالنظر الى كل ممارسة غير مباحة

وعدم التصدي لها فاننا بعد عقد من الان قد نرى كل شيء يحدث طبيعي والمعارضة له تصل الى غض البصر وانتقادها فقط مع من يتفق معنا من المتبقي على الافكار السابقة فقط في جلسات خاصة لا اكثر

 

*مدير مركز القرار السياسي

ــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك