المقالات

تحديات الدور الديني في المشهد السياسي العراقي

1064 2022-04-01

د. نعمه العبادي ||

 

لا يزال (الديني) أفكارا واشخاصا وجهات، احد الاطراف الرئيسة في تشكيل مجمل المشهد السياسي، وقد تفاوت دوره من مرحلة الى اخرى، فقد وصل في اوقات كثيرة الى حد التدخل في التفاصيل والجزئيات، فيما انكمش في اوقات ثانية الى الحد الذي اعلن فيه الابتعاد الكامل، وقد اختلفت وجهات النظر الى حد الانقسام الحاد حول فوائد انخراطه العميق ومضار ابتعاده شبه التام، وبناء على هذا الانقسام الحاد تنقسم المواقف من ضرورة او عدم ضرورة التدخل مع الاختلاف حول مستويات هذا التدخل.

يتصاعد هذا الانقسام حول مشروعية ومطلوبية هذا التدخل اوقات الازمات الحادة والاختناقات السياسية، والتي صارت عادة ملازمة لكل موسم انتخابي، حيث يعول الكثير على (الديني= المرجعية) في فك الاشتباك، وإلزام الاطراف المتصارعة والمتقاطعة على التفاهم والقبول بحلول وسطية، وربما تطرح خيارات معينة تقدم كأنها نصائح، لكنها في الحقيقة رغبات مؤكدة، ويراهن الطرف الاكثر انحيازا الى هذا الاتجاه، على ان تدخل (الديني) هو الخيار الوحيد والحصري، فيما يذهب الاتجاه المعارض لهذا الدور في الرغبة لابعاد (الديني) عن ساحة الصراع السياسي سواء كان هذا الموقف من منطلق الحرص والحب لسلامة الموقف الديني او من باب الاعتراض والرفض لكل دور يمارسه (الديني) في العملية السياسية.

بغض النظر عن هذا الجدل، يعتقد هذا النص بأن التذبذب بين الانخراط العميق والانكماش الشديد لدور الديني في المشهد السياسي مصدره عدة اسباب وتحديات تتمثل في الاتي:

١- عدم وجود رؤية نظرية محددة المعالم والاطر ترسم بشكل دقيق وصارم الحدود التي ينبغي ان يختطها (الديني) من المشهد السياسي، وان اقصى ما متوفر في هذا الاطار، رؤية عامة تشير الى اتجاهات كلية، لكنها لا تلبي الحاجة للاجابة عما ينبغي فعله في التفاصيل، فكل تنظيرات الفكر السياسي القائمة على المرجعية الدينية بما فيها اطروحات ولاية الفقيه المطلقة، لا تجيب على التفاصيل الاجرائية، ومساحة النقص كبيرة في هذا الاتجاه، لذا تأتي المواقف مختلفة من حيث قربها وبعدها من المشهد السياسي.

٢- تتصل هذه النقطة بما سبق، وتتعلق بعدم وجود اجهزة ومؤسسات معنية بشكل حصري للاستجابة وتنفيذ متطلبات دور الديني في العملية السياسية، حيث يتم الاعتماد على الاشخاص والعلاقات والاستجابات، دون ان يكون هناك ادوات معتقدة وممثلة ومدربة ومستجيبة لمتطلبات الرؤية الدينية وموقفها من المشهد السياسي.

٣- الثقافة الانتقائية لمعظم الجمهور بما فيه الجمهور الداعم والمحبذ للدور الديني في العملية السياسي، إذ لا توجد تربية عميقة على الطاعة والاستجابة، كما ان صناع الرأي العام واطراف توجيه الموقف الشعبي يتسمون بذات المزاجية التي تطبع الجمهور العام، لذا يصبح القلق من تخلف الاستجابة حالة عامة.

ان هذه التحديات والاسباب تجعل المراهنة بإستمرار على الدور الديني نحو من المجازفة بل هو الاحالة على ازمة اكثر تعقيدا.

انطلاقا من هذه الاشكالية لا يبقى من الفاعلين المتاحين في الافق العراقي كعوامل دفع مؤثرة في تفكيك الازمات غير طرفين، هما:

١- المصالح الجهتية والشخصية والمنافع المنظورة، حيث يدفع هذا الضاغط للقبول بتسويات وتقاربات وتنازلات، وقد انفرجت معظم الازمات تحت ضغط هذا العامل إلا ان المشكلة الاكبر في نتائج الحل عبر هذا الضاغط، فمؤداه المزيد من الخسارة للوطن والمواطن، وعدد اكبر من المشاكل المرحلة.

٢- الضاغط الشعبي غير المؤدلج، والذي يمكن ان يأتي بأشكال مختلفة تعكس حجم السخط الجماهيري مما يجري، ويواجه هذا الضاغط عدة تحديات منها:

أ: ايمان معظم اطراف المشهد السياسي بفلسفة المطاولة على عدم الاستجابة لطلبات الجمهور، والتي تضمن تفتيت الصوت الجماهيري.

ب: انعدام التنظيم والتوجيه في الضاغط الجماهيري.

ج: الدور الخارجي الذي يشتغل في معظم الاحيان على افراغ العامل الجماهيري من مصادر قوته.

وخلاصة القول ان هذا الضاغط يحتاج الى بصيرة بهذه التحديات واستعداد لمواجهتها، ليكون البوصلة التي تتحرك وفقها العملية السياسية.

ـــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك