د.مسعود ناجي إدريس ||
إن أداء العوامل والواجبات الدينية ، بما في ذلك الصلاة ، بالإضافة إلى إثارة المشاعر الروحية للإنسان ، يقلل من المصائب والمتاعب اليومية ، فالصلاة أسلوب حياة وأسلوب حياة منتشر يشمل الأخلاق والقيم والفضائل السلوكية. وبهذه الطريقة يخطو المؤمن في الصلاة ، بانسكابه العاطفي وتفريغه من الشوائب والأفكار السلبية ، خطوة نحو تطهيره النفسي.
الصقل العقلي له نتيجة محددة ، وهي الصحة العقلية للفرد. أظهرت نتائج العديد من الأبحاث أن أداء الشعائر والممارسات الدينية فعال في تخفيف التوترات والمعاناة (الآلام اليومية وتوفير الصحة العقلية للناس). بمجرد أن يروي الإنسان مشاكله مع الله ويدعو الله بعد الصلاة ويطلب شيئًا ما ، ستتحسن حالته العقلية إلى حد ما.
يُلاحظ أن نفس النتيجة التي تتحقق في علاج نفسي ناجح وفعال يتم الحصول عليها من الصلاة.
يقول القرآن الكريم: <وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي> ( طه / ١٤ )
ويقول تعالى في آية أخرى: <وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ> ( العنكبوت / ٤٥ ) .
حقيقة أن الصلاة مذكورة في الكتاب السماوي كأفضل مثال على ذكر الله قد تكون بسبب حقيقة أنه أثناء قيام الإنسان للصلاة ، فإن الروح البشرية ، بسبب الاهتمام بالأصل الأعلى والخالق الواحد ، تبتعد من الداخل عن القلق وتنسى المصاعب والمصائب. لذلك لا يوجد أدنى شك في هذا الأمر في أن ذكر الله يهدئ القلوب من كل يأس واضطراب ، والصلاة هي أوضح مثال للذكر الإلهي.
كما تم تقديم الصلاة باعتبارها العامل الوحيد الذي يمنع الانزلاق وهي الدعم الوحيد الآمن والقوي للإنسان. هذا يمكن أن يحمي الروح من الوقوع في فخ الحوادث ويمنحه راحة البال. يقول القرآن الكريم:
<إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ> ( العنكبوت / ٤٥ )
▪️ الصبر والصحة النفسية
وفقا لسنة الأئمة عليهم السلام، يتمتع الشخص السليم الفاضل بروح الصبر، ويتجنب دائما الغضب في علاقاته الاجتماعية. غالبًا ما تؤدي السلوكيات الغاضبة إلى الحزن لفترات طويلة. ( مستدرك الوسائل ، میرزا حسن نوري طبرسي ، مؤسسة آل البيت ، الم . ١٤٠٨ ه ق ج ١٢ ، في ۱۲)
قال الإمام علي (عليه السلام): 《إياك والغضب فأوله جنون وآخره ندم، الغضب عدو فلا تملكه نفسك، من لم يملك غضبه لم يملك عقله》(میزان الحکمة ، محمد محمدی ری شهری ، مرکز تحقیقات دار الحدیت قم ، ١٣٨١ ، ج ٩. ص ٤٣٢٩ )
إن تقوية الصبر والتحمل يزيد من قدرة الإنسان على التحمل في مواجهة صعوبات الحياة ويحافظ على اعتداله العقلي. يدعو القرآن الكريم الجميع إلى هذا الأمر المهم ويقول: < وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاة وَإِنَّهَا لِكَبِيرَة إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ > (البقرة / ٤٥)
لذلك لا يمكن للإنسان أن يحقق الصحة النفسية والكمال دون الصبر والأخلاق الحميدة.
الأنس بالقرآن والصحة النفسية
من التعاليم المهمة في الصحة النفسية والتي تم التأكيد عليها في حياة المعصومين تلاوة القرآن وتطبيق تعاليمه في الحياة الفردية والاجتماعية. قال نبي الإسلام (ص): 《كتاب الله عز وجل، فيه نبأ ما قبلكم وفصل ما بينكم وخبر ما بعدكم، وهو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، وهو حبل الله المتين وهو الذكر الحكيم وهو الصراط المستقيم وهو الذي لا تلتبس به الألسن ولا تزيغ به الأهواء ولا يخلق عن كثرة الرد، ولا يشبع منه العلماء ولا تنقضي عجائبه》(همان ، ج ٩٢. ص١٩)
قال الله تعالى: <يَا أَيُّهَا اَلنَّاس قَدْ جَاءَتْكُم مَوْعِظَة مِنْ رَبّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي اَلصُّدُور وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ> (يونس / ٥٧)
القرآن الكريم شفاء؛ لأنه يطهر القلب من كل الأمراض والانحرافات، ويهيئ أرضه لمكان الفضائل، ويطهر الباطن من العوائق التي تعيق النعيم، ويهيئها لقبول النعيم. يقول الرسول الكريم (ص): 《یا بني لا تغفل عن قراءة القرآن يحيي القلب وينهي عن الفحشاء والمنكر والبغي》 (میزان الحکمة ، محمدی ری شهری ، مرکز تحقیقات دار الحدیث ، قم ، ج ۳ ، ۱۳۸۹ ، ج ٣ ، ص ٤٨٥٥)
لذلك، فإن التلاوة المستمرة للقرآن والإلمام به وخلق جو قرآني في البيئة المنزلية والمدرسية بشكل منسق يوفر أرضية للنمو والازدهار وصحة الفرد والمجتمع.
الأشخاص المطلعون على القرآن يتمتعون بالصحة النفسية وراحة البال...