المقالات

ريّان..لم يأكله الذئب..!

827 2022-02-09

 

حمزة مصطفى ||

 

لم يعرف ريّان ذو الخمس سنوات أن الأطفال يموتون. ريان لم يعرف بعد معنى الموت أو الخوف . لايعرف قصة يوسف ولا الذئب ولا البئر . لا أحد يتخيل ماذا كان في مخيلة ريان حين إنزلق في البئر على بعد البئر 32 مترا. الشئ الوحيد الذي عرفه ريان لحظة إرتطامه بأرضية البئر هو الألم لكن بلا تفسير. أرسطو لم يفسر معنى الألم. هوى العالم مع ريان في البئر. حبس أنفاسه لمدة خمسة أيام بلياليها. إنشغلت كبريات الفضائيات به. صار حدثا أول لا مجرد خبر أول. وبينما بدأت طلائع أولى الحفارات والمعدات العملاقة تصل حافة البئر كان الصوت الوحيد المسموع لريان قبل أن يغفو على وسادة من طين هو "طلعوني , طلعوني". إختفى الصوت وبدأت  الحفارات  وعشرات المهندسين والعاملين ومئات المواطنين المتدينين وغير المتدينين يتلون على مدى الأيام الخمسة أدعية وصلوات من أجل إخراج ريان حيا ليعود الى والديه كي تقر به عينا  أمه ويفرح قلب الأب المكلوم.   

لماذا إنشغل العالم بريان؟ اليس هذا العالم نفسه الذي طالما أدت المصالح والصراعات والأفكاروالأيدولوجيات والعولمة ونهاية التاريخ والحرب الباردة والقطبية الثنائية والشرق والغرب الى موت ملايين الأطفال في كل أنحاء الدنيا؟ الم يفتك الموت حتى الآن بأطفال أفريقيا من الجوع والمرض؟ ماذا فعلت الدول والفضائيات لكل هؤلاء؟ هل أرسلت الحفارات والمعدات والأجهزة الطبية والمواد الغذائية ولوعن طريق الأنابيب لإنقاذهم؟ الم يقذف البحر قبل سنوات "الآن" الطفل السوري المهاجر الى لا مكان؟ إقتحمت هو الآخر صورته العالم فلم يصحو  سوى ضمير العمة إنجيلا ميركل. راح "الآن" قربانا لملايين المهاجرين بعد أن تمت فديتهم  بـ "طفل عظيم". 

السؤال الذي لم يجب ولن يجيب عليه أحد. لا الفضائيات التي تراجعت عندها في سلم الأولويات المهنية قضايا كثيرة لم تعد هي الخبر الأول. لا قضية أوكرانيا. ولا القمة الروسية ـ الصينية. ولا مباحثات  فينا, ولا تحولات كورونا عبر آخر متحوراتها أوميكرون ولا الدول والمنظمات. ريان لم يعد هو الخبر الأول فقط لكي يأتي بعده بوتين وجينينيغ وماكرون وبايدن  خبرا  ثانيا أو ثالثا. ريان سيطر على كل ساعات البث التلفزيوني ليل نهار. تسمر العالم أمام منظر واحد لم تستهدفه الخريطة يوما هو شمال المغرب حيث يقع بيت الطفل والبئر الذي سقط فيه وأسقط ضمائرنا وأخلاقياتنا معه. أصبح هذا  المكان هو الخريطة. ولأن الاسئلة كثيرة فإن أقربها الى الطرح وإعادة الطرح هو السؤال الإشكالي التالي الذي لم يجب عليه لا  سقراط ولا أبقراط ولا فيثاغورس ولا الكندي ولا الغزالي ولا إبن رشد ولا صانع الخرائط العظيم إبن خلدون ولا الملا صدرا ..لماذا يتجاهل العالم موت الإنسان مكتفيا بإحالته الى القدر بينما يقف حائرا عاجزا عن الإجابة حيال موت إنسان واحد حتى لو كان طفل عمره سنتان "الآن السوري" أو خمس سنوات "ريان المغربي" أو سبعة أيام "طفل جبلة"؟ لا إجابة. لماذا؟ هل لأن "الآلهة التي خلقت البشر قدرت عليهم الموت وأستأثرت هي بالحياة" كماتقول ملحمة كلكامش, أو "رب لحد قد صار لحدا مرارا.. ضاحك من تزاحم الأضداد" كما يقول المعري؟ لست أدري, والعبارة الأخيرة لأيليا أبوماضي .. وهي الأدق. 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك