المقالات

المواطنة (١)


  محمد عبد الجبار الشبوط ||   من اهم المشكلات التي يعاني منها المجتمع العراقي تراجع تأثير وفاعلية مبدأ المواطنة، لصالح تنامي دور وتأثير "المكون" القومي او الطائفي.  واحدث هذا خللا كبيرا في علاقة الفرد العراقي بالدولة من جهة، وعلاقة الافراد العراقيين فيما بينهم من جهة ثانية. وكان هذا من ابرز عيوب التأسيس في الدولة العراقية بعد عام ٢٠٠٣، علما ان هذا الخلل كان موجودا في العهد البعثي الصدامي، من قبل. ومثال ذلك التمييز بين المواطنين على اساس الولاء لصدام حسين شخصيا كما هو مدون فيما كان يسمى "هوية اصدقاء الرئيس القائد صدام حسين" تحت عنوان "الامتيازات" التي يحصل عليها "اصدقاء صدام" ولا يحصل عليها غيرهم من المواطنين العراقيين. ومن هذه الامتيازات "اضافة خمس درجات على المعدل"، الاستثناء من شروط القبول في المعاهد والكليات العسكرية، وتفضيلهم على بقية المواطنين في المقابلات، وغير ذلك.  وكان من المتوقع ان يعاد الاعتبار الى مبدأ المواطنة بعد اسقاط النظام البعثي الصدامي واعادة تأسيس الدولة العراقية على اسس حضارية حديثة في مقدمتها وعلى رأسها المواطنة. وكنت قد كتبت ورقة في اسس الدولة العراقية الجديدة في اواخر عام ٢٠٠٢، اي قبل سقوط النظام الصدامي البعثي، ووزعتها في مؤتمر لندن، اخر موتمرات المعارضة العراقية، وسلمتها باسم "حركة الكوادر الاسلامية" الى جميع احزاب المعارضة انذاك. ومما جاء في تلك الورقة المهمة: "ثانيا، الوطنية، بمعنى ان الدولة تعتبر ان الكفاءة الشخصية والمواطنة الصالحة اساس في تولي المناصب والمسؤوليات في الدولة والمجتمع. ان الامتيازات الطائفية مثلها مثل الاضطهاد الطائفي ظواهر متناقضة مع الطبيعة الوطنية للدولة. ان المشاركة الاجتماعية العامة في المناصب العامة، بمعنى مساهمة مختلف التكوينات الاجتماعية في تولي المناصب دليل على  ديمقراطية الدولة ووطنيتها، كما ان انحصار تولي المناصب العليا بفئة قليلة طائفة كانت ام حزبا ام غير ذلك، بالشكل الذي تقوم عليه الدولة العراقية الحالية،  امر يتناقض مع الوطنية والديمقراطية." ثم طورت هذه الفكرة في اطار اطروحة الدولة الحضارية الحديثة التي بدأت بطرحها بعد عام ٢٠١٦ وبينت ان المواطنة هي الركيزة الاولى في بناء الدولة. والحق ان المواطنة هي شرط في بناء الدولة الحضارية الحديثة، حيث لا يمكن تصور هاتين الصفتين في دولة غير حضارية وغير حديثة. حتى سويسرا، وهي عبارة عن اتحاد مكونات لغوية واثنية،  او دولة اتحادية فيدرالية اتحادية بين مكونات ومقاطعات مختلفة اتخذت في دستور عام ١٩٩٩ المعدل المواطنة وما يتعلق بها من حقوق الانسان اساسا محوريا في بناء الدولة. وكذلك الامر بالنسبة للولايات المتحدة وهي اكبر دولة فيدرالية اتحادية في عالمنا المعاصر (٥٠ ولاية) يقوم نظامها السياسي على اساس المواطنة، واية ذلك على سبيل المثال انتخاب الرئيس انتخابا مباشرا من قبل جميع المواطنين بغض النظر عن الولاية او الاصل العرقي، وتشكيل الحكومة (اي الوزراء) على اساس حزبي (حزب واحد) بغض النظر عن الولاية والعرق وغير ذلك. ولم يحصل هذا بعد سقوط صدام، لان نظام صدام عمّق الشعور بالتمييز الطائفي والاضطهاد القومي لدى الناس فارتدوا الى مكوناتهم العرقية والطائفية، بدل الاندفاع الى الامام، الى الوطن والمواطنة والوطنية. وكان هذا، كما قلت من افدح اخطاء وعيوب التأسيس حيث تعمّق الانقسام الطائفي والعرقي في المجتمع العراقي رغم ان العديد من المواطنين مازالوا يحنون الى "الوطنية العراقية"، لكن هذا الحنين الشعوري لم يتحول الى فعل سياسي او ظاهرة سياسية، فبقي الانفصام او الانفصال قائما بين الحنين الوطني والواقع السياسي. واية ذلك قيام الاحزاب "السياسية" على اسس عرقية او طائفية، وليس على اساس وطني واحد. واتضح هذا الانقسام بشكل جلي حين اجريت الانتخابات العامة على اساس الدائرة الواحدة، في عام ٢٠٠٦، مما يعرفه الجميع. يتبع 
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
Azad : وهناك خيانة يقترفها مسعود منذ عام ١٩٩٢ والى يومنا هذا حيث قد جعل من الإقليم مستعمرة تركية ...
الموضوع :
مسعود البرزاني : العميل رقم ٤١
عبدالغني مرشد الحميري : سقف الحرية والجهل كحكومة ودولة مسلمة الاسلام دين لها وكتاب الله مرجعا لها وسنة رسول الله عليه ...
الموضوع :
السيد الملحد البخيتي وآليته في الجدال ونقاط ضعفه ة(البهيمية Zoophilia) أنموذجًا
مواطن : لاحول ولا قوة الا بالله العلي العظيم عجيب حين تخالف ارادة الانسان معتقده هو يرتجز باليقين انه ...
الموضوع :
لوحة الشمر بن ذي الجوشن ..  
رباب سالم شبيب : انا موظفة في مصنع اطارات الديوانية... خريجة دبلوم إدارة.... لي خدمة ٢٨ سنه.... بسبب قرار التسكين المجحف ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
هاني موسى : الاقليم الموردين يئوي المعارضين والمجرمين العراقيين كذلك ...
الموضوع :
مصلحة من يأوي الإقليم معارضي ايران وتركيا؟
منير حجازي : السلام عليكم . اتمنى من الحرس الثوري الإسلاميةالإيراني عدم تسليم الخاطفين المقبوض عليهم إلى الجهات الأمنية العراقية ...
الموضوع :
بينهم عراقيون.. إيران تعلن تحرير "رهائن" واعتقال الخاطفين
احمد محمد الصاوي : شكرا لكم ...
الموضوع :
اشارات قرآنية عن معارف الصحيفة السجادية للمؤلف الحسون (ح 1)
Salam Albader : لا تسلمون لحيه العراق للبنك الدولي كما فعلت مصر، البنك الدولي له اطماع خاصه بالدول الاستعماريه والمنظمات ...
الموضوع :
المالية تناقش مع البنك الدولي اولويات التنمية ودعم البرنامج الحكومي
سالم البدر : تحياتي د. جواد الهنداوي نعم كلامك حقيقي، الاصل ليس ان العراق لايملك المقومات او المشاريع العملاقه المزعمه ...
الموضوع :
مالذي يمنع العراق من الانضمام الى منظمة شنغهاي و منظمة بريكس؟!
فيسبوك