المقالات

محمد سعيد الحكيم..


  محمد عبد الجبار الشبوط ||   فقدت النجف، بل العالم الاسلامي كله، بوفاة المرجع الديني السيد محمد سعيد الحكيم، علما من اعلامها وقامة فقهية كبيرة، وامتدادا لبيت عريق في الفقه والاجتهاد، ذلك هو بيت الحكيم الذي يقف على قمته شامخا الامام الراحل السيد محسن الحكيم (١٨٨٩-١٩٧٠).  قصة المرجعية الدينية الشيعية، في النجف وفي غيرها، معروفة. وهي تنهض دليلا ملموسا على ابقاء باب الاجتهاد مفتوحا بعد ان اغلقته بقية الطوائف الاسلامية غير الشيعية، في قرار مؤسف فرضته السلطات الحاكمة في المجتمع الاسلامي قبل قرون، ادى بالعقل الفقهي الاسلامي الى الجمود على اربع مدارس فقهية تتبع كل واحدة منها احد الفقهاء الائمة في ذلك الوقت، فيما يؤكد ابقاء باب الاجتهاد مفتوحا على حيوية العقل ودوره في فهم وتفسير الدين، بل ضرورته في قدرة الدين على مواكبة الاحداث والتطورات والمتغيرات. وقد انجبت مدرسة العقل والاجتهاد المفتوح عشرات بل مئات الفقهاء الذين مكنتهم قدراتهم العقلية والمعرفية من تعميق النظر في الدين واستنباط الاحكام التي تتطلبها المتغيرات المستمرة في حياة الانسان. ولم يكن هذا بدون ثمن تعين على المدرسة الفقهية الاجتهادية ان تدفعه للسلطات الغاشمة التي تحكمت وما زالت تتحكم بمصائر المسلمين منذ استيلاء معاوية على الحكم في العالم الاسلامي الى اليوم. ومن هنا صرنا نسمع عن "الشهيد الاول" الشيخ شمس الدين أبو عبد الله محمد بن جمال الدين مكي العاملي (٧٣٤- ٧٨٦ هجرية)، والشهيد الثاني الشيخ زين الدين بن علي الجباعي العاملي المعروف بالشهيد الثاني (911 هـ - 965 هـ)، وصولا الى الصدر الاول السيد محمد باقر الصدر، والصدر الثاني السيد محمد محمد صادق الصدر. ولم يكن السيد محمد سعيد الحكيم بعيدا عن خط الشهادة والتضحية ومواجهة الطغاة، فقد كان عليه ان يدفع ثمن رفضه الانصياع لرغبات الطاغية صدام حسين سجنا لمدة تسع سنوات، اسوة بالامام الكاظم الذي قضى الشطر الاكبر من عمره الشريف سجينا. فقد قالها كما اوصى بها جده الرسول محمد كلمةَ حق امام سلطان جائر.  ليس من العدل ان نضع مسطرة نقيس بها مراجع الدين فنقول هذا مرجع ثوري وذاك مرجع تقليدي وغير ذلك من الاوصاف والتصنيفات. فالمرجع هو انسان انفق عمره في تحصيل العلم بالدين واحكامه ليجعلها في متناول الاخرين، عملا بقوله تعالى: "فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ". والباقي في رقبة الناس الذين يقع في يدهم قرار الاستفادة من هذا المرجع او ذاك.  في مجتمع يلعب فيه الدين دورا مهما في ضبط الاخلاق وتوجيه السلوك، كالمجتمع العراقي الاسلامي الشيعي، يكون للمرجع الديني اهمية فائقة في ضبط الاتجاهات السلوكية للناس وعلاقاتهم بعضهم ببعض. وهذا ما كان ومازال فقهاء الطائفة الشيعية يقومون به منذ عام ٣٢٩ هجرية حتى الان. ومن متطلبات التعايش بين الناس في مجتمع تعددي ان يحترم الناس بعضهم البعض، في عاداتهم وتقاليدهم وعقائدهم ومتبنياتهم. ومن هنا اهمية احترام مقام المرجعية الدينية، وتوقيرها، وحفظ منزلتها،  وعدم التجاوز عليها بلفظ او فعل. وهذا ما لم يفهمه نظام البعثيين وعلى رأسهم طاغيتهم الاكبر صدام حسين فجعلوا من محاربة المرجعية الدينية الشيعية، وجامعتها العالمية في النجف، اعني الحوزة العلمية، نهجا ثابتا في سياستهم منذ استيلائهم على السلطة في عام ١٩٦٨ الى يوم سقوطهم في عام ٢٠٠٣، وما زال اذنابهم وذيولهم يواصلون هذه السياسة الغاشمة الى اليوم. رحم الله المرجع الديني الراحل السيد محمد سعيد الحكيم الذي كان نجما ساطعا في سماء المعرفة الفقهية الدينية. 
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك