المقالات

السياسة؛ فن الأخلاق إلا في العراق..!

1502 2021-08-23

 

قاسم العجرش ||

 

اليوم قررت أن أكتب في موضوع أخوط به بجانب الإستكان..! موضوع يرى كثيرون الخوض به بطرا، فالأخلاق لم تعد مهمة في حياة العراقيين، ولا تحتل حيزا في سلوك كثيرين كما كانت أيام زمان، أيام كنا نقبل أيادي أمهاتنا عندما نخرج، ونقبل جباه آبائنا عندما نعود..

تعج وسائل الإعلام العراقية، المرئية والسمعية، ومعها بحر متلاطم من وسائل التواصل الاجتماعي، التي تنشر بلا ضوابط في كل لحظة، نشاطا إعلاميا يفتقر الى الموضوعية، ويعاني من عوز أخلاقي كبير..

من زاوية الأخلاق، نكتب هنا محاولة لتفسير ما يحدث فى العراق والمنطقة، من صراعات ونكبات مجتمعية، وانتكاسات هائلة فى السياسة والاقتصاد والأمن والأمان.

لكل حدث جذوره ومسبباته ونتائجه ومعطياته، وقصة الأخلاق في مجتمعنا العراقي، قصة تدمي القلب، فقد تراجعت الكوابح الأخلاقية تراجعا خطيرا، وتدنى مستوى الالتزام بالقيم والأعراف الإيجابية الى مستويات مقلقة، وتهشمت علاقات وعادات مجتمعية حميدة، كنا نحسب أنها ستبقى صامدة أبد الدهر.

نكتشف أن هذا التراجع المخيف، لم يكن ضمن النواميس الطبيعية، أو نتيجة لدورة الحياة وتطوراتها، بل بات في حكم المؤكد أن عملا كبيرا، جرى تنفيذه بدقة ومهارة فائقتين، لنصل الى هذا الحال المحزن..هذا العمل كان ممنهجا، عملت عليه جهات خارجية وداخلية، ومن بينها جهات؛ كان يفترض أنها هي الحارس الأمين على قيمنا وثوابتنا..

لقد تحطم كابح الأبوة العتيد، ونقصد بالأبوة بمستوياتها جميعا، حيث إن مصاديق الأبوة لا تقتصر على الأسرة الصغيرة، بل تتعداها الى العشيرة والمؤسسة الدينية، والدائرة الحكومية، والتنظيم النقابي، والحزب السياسي، والوحدة العسكرية، وجهاز الشرطة، وغيرها من البناءات والفعاليات المجتمعية ذات الطابع الأبوي..طابع المسؤولية..

الأمس في هذا المضمار؛ كان أفضل من اليوم بكثير، وكانت الأبوة عنوان مجتمعنا وضابطته الصارمة القوية، لكن حينما تحطمت هذه الضابطة بفعل المفاعيل التي أشرنا اليها، تحطمت معها قيم المجتمع وثوابته، وتحولنا الى دهماء، نتحرك بلا هدى إلا هدى مصالحنا، التي باتت هي غايتنا، والغاية تبرر الوسيلة..!

الأخلاق شكل متقدم من أشكال الوعي الإنساني، وهي السجايا والطباع والأحوال الباطنة؛ التي تُدرك بالبصيرة والغريزة، وتنتج منظومة القيم والمبادئ التي تحرك الأشخاص والشعوب، كالعدل والحرية والمساواة، تتكامل فيما بينها وترتقي، إلى درجة أن تصبح مرجعية ثقافية للأمة، لتكون سنداً قانونياً تستقي منه الدول الدستور والأنظمة والقوانين.

لقد تدنى وعينا، ووصلنا الى الحال الذي وصلناه، وأخطر مجال شهد نكوصا خطيرا في وعينا؛ هو المجال السياسي، حيث حول معظم المنخرطين بالحقل السياسي، السياسة من التنافس السياسي الشريف، الى الخصومة السياسية، التي ما لبثت أن تحولت الى نزاعات ثم الى صراعات، تستخدم فيها كل الأدوات المتاحة، بصرف النظر عن مشروعيتها، وعن الأضرار الناتجة عن ذلك، وعَمَّنْ تصيب، وعمّا تتسبب به من تعميق الاختلافات بين فئات المجتمع، وتحولها الى خلافات، ما تلبث أن تتطور الى صدامات، تفتقر الى قواعد اشتباك متفق عليها ولو ضمنيا، على قاعدة هذا حدي وذاك حدك..!

إن أفدح خسارة يخسرها المجتمع، هي تلك التي تحدث جراء اعتناق مفهوم ” الغاية تبرر الوسيلة”، وهو مفهوم لا أخلاقي بالمطلق، فضلا عن كونه مفهوم لا يراعي الثوابت المجتمعية، ويخالف الإيمانات الدينية، التي ترى أن أحد الأهداف النهائية للسياسة، هو نشر الأخلاق.

التدين لا يرى ممارسة للسياسة بمعزل عن الأخلاق؛ فغاية السياسة هي تحقيق الصالح العام، ويتحقق الصالح الخاص، من خلال الصالح العام وليس العكس.

كلام قبل السلام: السياسة هي فن الأخلاق إلا في العراق..!

سلام..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك