المقالات

هل يتنازل العراق عن قراره السيادي ويرضى بالتبعية؟!

1622 2021-05-29

 

عباس سرحان ||

 

لمن لايرى بوضوح مسار الوضع العام في العراق، نقول ان البلد يسير باتجاه سلب الإرادة الوطنية ومصادرة ما تبقى من قراره السيادي، ولاشك أن من يعمل على الدفع بهذا الاتجاه هي الولايات المتحدة الامريكية وحلفاؤها الاقليميون والمحليون.

وتحقق هذه الاطراف من وراء مصادرة الارادة العراقية اهدافا متعددة، منها توقف الاعمار والبناء ونهب الثروة الوطنية وتعطيل الدور الاقليمي والدولي للعراق وإلحاقه بركب دويلات المنطقة التي لايملك حكّامها حق تسمية ولاتهم دون إذن من الادارة الامريكية.

 والأهم من هذا وذاك بقاء العراق تحت رحمة الدول القوية لأنه لايستطيع ان يبني جيشه او يحمي حدوده ولن يتخذ قرارا مستقلا حتى وان كان في صالحه وتدور قراراته في دائرة خدمة الاطراف المسيطرة عليه.

كان واضحا منذ البدء أن احتلال العراق لم يكن بهدف نشر الديمقراطية كما زعمت الادارة الامريكية وقتها، فمن ينشر الديمقراطية لابد أن يؤسس نظاما سياسيا ناجحا يقوم على أسس الديمقراطية وليس على اسس المحاصصة التي شلّت البلاد وحولتها الى اقطاعيات.

اذن احتلال العراق كان بهدف الهيمنة عليه وعلى ثرواته وتحويله الى قاعدة امريكية متقدمة في المنطقة واستثمار مشاعر الكراهية والغضب عند اغلب العراقيين ضد النظام السابق، لتأسيس قواعد امريكية في العراق برضا ابنائه بعد ان حاولت امريكا تصوير نفسها على انها صديق حميم للعراقيين.

غير ان الادارة الامريكية فوجئت بحملة من الرفض والمقاومة المسلحة والسلمية دفعتها الى الإذعان للقرار العراقي والانسحاب من العراق في 2011، لكنها سرعان ما عادت من الشباك تحت عباءة مواجهة تنظيم داعش الذي تشير كل الدلائل والقرائن الى كونه صناعة امريكية.

من الواضح إذن أن القرار العراقي القوي والمستقل الذي أجبر امريكا على الانسحاب في 2011 قد أربك الحسابات الامريكية وقتها، فعادت في 2014 وهي تحمل مشروعا لقتل هذا القرار أو شلّه وجعل الدولة العراقية بلا ملامح تعاني من التشرذم والضعف حتى لا تتمكن من اتخاذ قرار جديد يرغم امريكا على المغادرة.

وهذا ما عملت عليه ادرة البيت الابيض مستثمرة في الاحتجاجات الشعبية مرة وفي الظروف السياسية مرة أخرى، فأطاحت برئيس الوزراء السابق لأنه حاول التحرك بعيدا عن سيطرة صانع القرار الامريكي واتجه شرقا نحو الصين.

وامريكا تراقب الاداء الحكومي اليوم لتجعله في مسار يخدم مصالحها واهدافها في المنطقة، وتلوح بفرض عقوبات امريكية على العراق مرة وباثارة الاحتجاجات مرة اخرى كلما تعالت اصوات تدعو الى تحرير القرار السيادي العراقي.

ومن الواضح ان كفّ الهيمنة الامريكية بات يغطي اجزاء واسعة من خارطة العراق السياسية والقوى التي ما زالت تصارع هذه الهيمنة اصبحت تعاني من ضغط امريكي كبير لجعلها تنصاع وتذعن لامريكا.

إذن ما العمل؟

بالتأكيد هناك انقسام حيال وجود القوات الامريكية في العراق وتدخل ادارة البيت الأبيض في الشأن العراق، فحلفاء امريكا من العراقيين لا يقبلون برحيلها ويتهمون كل من يطالب بذلك بانه يسعى للاستئثار بالقرار الوطني.!

ومعارضو هذا التواجد والتدخل الامريكي يستندون الى ان الديمقراطية تعني الاذعان لقرار الاغلبية وأن قرارا يلزم امريكا بسحب قواتها صدر في وقت سابق من مجلس النواب العراقي ويجب تطبيقه، وعلى هذه القوى أن توحد خطابها وجهودها وتصر على تطبيق هذا القرار.

وبغير ذلك فإن العراق يسير بسرعة نحو اللادولة وسيتحول الى كيان يتحكم به ضابط اتصالات في السفارة الامريكية او في قاعدة عين الاسد وستتم مصادرة ثرواته وتجويع شعبه وهذا ما لايليق بالعراق وشعبه وتاريخه العظيم.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك