المقالات

التراجع والانهيار..في مهزلة إعادة الانتشار

1117 2021-05-24

 

محمد الجاسم ||

 

     تمر القطعات العسكرية لأي جيش نظامي في العالم، غبَّ كل مجهود تعبوي، يتسبب في خسائر في الأرواح والمعدات، في مرحلة إعادة تموضع، أو إعادة هيكلة، أو (إعادة انتشار)، وهذا المصطلح الأخير هو الذي يعنينا في هذه المقالة المتواضعة عن اللعبة الأمريكية التي يراوغ بها قادة القوات العسكرية الأمريكية المنضوية تحت راية التحالف الدولي في العراق، الذي هو تحالف أمريكي بامتياز. ولا تعني (إعادة الانتشار) في القاموس العسكري العالمي أكثر من عملية إعادة توزيع القطعات لتحقيق هدف معين بناء على تحديات ميدانية أو أمنية أو معطيات مرحلية أو بعيدة المدى. وقد تحدث عملية (إعادة الانتشار) من معسكر الى آخر في رقعة جغرافية ذاتها، أو من مدينة الى أخرى، أو من شمال البلاد الى جنوبه.. وغيرها.

     أما ما تداولته أنباء عراقية وأخرى أمريكية ـ مؤخراً ـ عن مفاوضات بين الطرفين بغية (إعادة الانتشار)، لإيهام المفاوض العراقي، ومن بعده، إيهام الشعب العراقي، بأن المساعي بين الطرفين ترمي الى الانسحاب التدريجي للجيش الأمريكي من أرض العراق، تلبية الى قرار مجلس النواب العراقي الذي تم التصويت عليه بالأغلبية للنواب الحاضرين وبنصاب فاعل، يقضي بإلزام الحكومة ـ في زمن السيد عادل عبد المهدي الذي طلب ذلك ـ بالعمل على إنهاء طلب المساعدة المقدم منها إلى التحالف الدولي بقيادة واشنطن ، لانتفاء الحاجة إليه، وإنهاء أي تواجد للقوات الأجنبية على الأراضي العراقية. وكانت الخارجية الأمريكية ، في وقتها، قد أعربت عن "خيبة الأمل" إزاء هذا القرار، داعية السلطات العراقية إلى إعادة النظر فيه، نظراً لما يتضمنه من مفاجأة وطنية جريئة ضد التواجد الأجنبي في البلاد، الذي أصبح غير مرغوب فيه، نتيجة الأعمال العدوانية التي اقترفتها القوات الأمريكية بقصف مواقع للقوات المسلحة العراقية ( جيش وحشد وشرطة اتحادية) وكذلك قصف مطار كربلاء تحت الإنشاء، وكذلك جريمة قصف طريق مطار بغداد الدولي واغتيال القائد العراقي أبي مهدي المهندس ، وضيف العراق الرسمي الجنرال قاسم سليماني.

     ما الذي تريده الولايات المتحدة من مفاوضات عقيمة تستند إلى فرضية استغفالية اسمها (إعادة الانتشار) وهي التي لا تُفضي الى أي انسحاب لقواتها من بلادنا. ان التسويف الذي تمارسه القوات الأمريكية في هذا الصدد ينبئ بعدم رغبتهم في إخلاء العراق من الوحدات القتالية المتبقية. لقد سحب الشعب العراقي البساط من تحت ذريعة مهمة الولايات المتحدة وحلفائها لمقاتلة تنظيم ( داعش ) الإرهابي ، بعد النصر المؤزر وتحرير كامل التراب الوطني الذي كان تحت سيطرة التنظيم الإرهابي، ما دعا الولايات المتحدة الى أن تبتكر أكذوبة جديدة تتمثل بالدعوة إلى التدريب والمشورة في تفاصيل "الحوار الستراتيجي" لأول مرة منذ مغادرة المجرم ترامب البيت الأبيض.

     إن تعرُّض القواعد الأمريكية وأرتالها اللوجستية في العراق لهجمات صاروخية مراراً وتكراراً في الآونة الأخيرة، يوحي بأن الرفض العسكري قد بدأ بالفعل، بعد أن سبقه الرفض النيابي في الخامس من كانون ثانٍ 2020، وكذلك الرفض الجماهيري في التظاهرة المليونية التي خرجت في بغداد عقب ذلك في الرابع والعشرين من الشهر ذاته، وغير ذلك من المواقف الجماهيرية الرافضة (للاحتلال).

     تسعى الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة (جو بايدن) الى إيهام الجانب الحكومي المفاوض، بالانتقال من المهمة القتالية إلى التدريب والتجهيز ودعم قوات الأمن والقوات العسكرية العراقية ، وهذا ما يستطيع العراق تأمينه من أية دول قوية ومؤثرة في المشهد الدولي ،إضافة للجانب الأمريكي، بغية التخلص من التبعية والذيلية الى الولايات المتحدة، وعلى المفاوض العراقي أن يضع مصلحة بلادنا على طاولة التفاهم، دون التفريط بأية تفاصيل لها مساس مباشر بالسيادة الوطنية.

 

ورُبَّ قول ..أنفذُ مِنْ صَوْل..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك