المقالات

السعودية تختار فتح الأبواب الموصدة

1084 2021-05-01

 

عباس سرحان ||

 

كان اللقاء المتلفز أواخر نيسان الماضي، لولي العهد السعودي محمد بن سلمان لافتا بما تضمنه من رسائل سياسية موجهة بعناية الى الجمهورية الاسلامية الايرانية، لا بل أن اللقاء صُمّم ليكون بريدا ساخنا لنقل رسائل الودّ إلى طهران.

المفارقة ان هذا اللقاء جاء بعد اربعة اعوام كاملة من لقاء تلفزيوني سابق استبعد فيه بن سلمان التفاهم مع ايران لأنها كما أشار تؤمن بايديولوجية متطرفة وقال وقتها إن " النظام الإيراني قائم على أيديولوجية متطرفة فكيف يمكن التفاهم معه؟".

في اللقاء الاخير تحدث بن سلمان بلغة مختلفة فهو تمنى الخير والازدهار لايران باعتبارها " دولة جارة ونطمح إلى إقامة علاقة مميزة معها" ونسخ هذا التصريح رغبة سابقة لبن سلمان في نقل المعركة الى الداخل الايراني.

 لا بل أنه" بن سلمان" كشف بصراحة ووضوح عن مساع لحل المشاكل مع ايران بالطرق السلمية، قائلا " نعمل اليوم مع شركائنا في العالم لإيجاد حلول لهذه الإشكاليات ونتمنى أن نتجاوزها وأن تكون علاقاتنا طيبة وإيجابية وفي منفعة الجميع".

وفي موازاة ذلك خففّ الإعلام الرسمي السعودي أيضا من نبرة خطابه الحادة تجاه طهران وبدا أكثر حذرا في انتقاء المصطلحات وهو يتعاطى مع ملفاتها.

فما الذي جرى حتى تغير الموقف السعودي الرسمي والإعلامي من الجمهورية الاسلامية، لتتحول بين عشية وضحاها من عدو لدود الى جار مهم يجب التعاطي معه بإيجابية؟.

لاشك أن أول أسباب هذا التحول هو صلابة وحنكة وعقلانية موقف القيادة الإيرانية وصمودها طوال سنوات صعبة تحملت فيها الجمهورية الاسلامية العقوبات والتحرشات العسكرية والحرب الاعلامية والسياسية بثبات وصبر وعقلانية منقطعة النظير.

لكن الى جانب ذلك هناك أسباب تؤثر بشكل مباشر على الموقف السعودي نفسه ونقصد بها تبدل مسار اهتمامات السياسة الخارجية الأمريكية بعد وصول بايدن الى البيت الأبيض.

طبعا لا نغفل هنا مقدار الضرر الذي ألحقته حرب اليمن بالسعودية داخليا وخارجيا، خصوصا وأن أسراب المسيرات وصليات الصواريخ  اليمنية باتت تضرب أهدافا بالغة الحساسية في العمق السعودي وتطيح بكل منظومات الاعتراض التي اصبحت مثارا للتندّر والسخرية.

وقد تجد الرياض أن من يمكنه التأثير في مسار حرب اليمن وإيقاف استهداف العمق السعودي هي طهران الحليف القوي للحوثيين.

 لكن من الواضح أن سياسة بايدن الخارجية تأتي في مقدمة أسباب تراجع الموقف العدائي السعودي حيال طهران.

فسياسة بايدن اختلفت كليا عن سياسة سلفه دونالد ترامب الذي كان يُشعل الحرائق حول العالم وخصوصا الشرق الأوسط بشكل فوضوي وغير مدروس، فغذّى مشاعر الكراهية في مناطق عدة ومنها منطقة الخليج.

بايدن يدرك أن الخطر الكبير يأتي من جهة الصين عملاق الاقتصاد الصاعد بسرعة فائقة لتسيّد العالم في غضون سنوات قليلة، ما يعني إزاحة مهينة للولايات المتحدة التي ظلت متحكمة بالاقتصاد والسياسة الدولية لفترة طويلة، وقال بايدن صراحة " الصينيون سيأكلون غذاءنا إن لم نتحرك".

كما يشعر بايدن بخطر التهديد الذي تشكله الاسلحة الروسية فرط الصوتية التي يُقرّ قادة عسكريون امريكيون أنها فاقت قدرة الدفاعات الامريكية، والتفوق الاقتصادي الصيني والعسكري الروسي يعنيان حتما انحسارا امريكيا على الساحة الدولية.

لاشك أن الرجل يتحسّس حجم الخطر الذي ينتظر بلاده من هذين العملاقين فبات يعتقد بوجوب التفرغ لمواجهتهما وتهدئة جبهات أخرى لا يضيف الانتصار الامريكي فيها شيئا كثيرا لأمريكا اذا ما قورن بخطر الهيمنة المتصاعدة للدولتين العظيمتين.

من هنا سارع بايدن الى انتقاد حرب السعودية على اليمن وأزال انصار الله من قائمة الارهاب، وفرض حظرا على تصدير السلاح للسعودية، وأصدر امرا بسحب قواته من افغانستان لإعادة التموضع في آسيا الوسطى بما يعزز حضورا امريكيا في طاجيكستان وكازاخستان وأوزبكستان لمواجهة الصين وروسيا .

هذه الأسباب جعلت السعودية في تسلسل متأخر من سلّم أولويات الرئيس الامريكي بايدن الذي لم يعد معنيا كثيرا بصواريخ الجمهورية الاسلامية وبرنامجها النووي وعدائها مع اسرائيل والسعودية.

وأمام هذا التبدّل الكبير في السياسة الخارجية الأمريكية لم يعد امام القيادة السعودية إلا مجاراة التوجه الامريكي قبل أن تجد نفسها وحيدة في مواجهة مع إيران لا تقوى عليها، فطرقت باب طهران من جهة العراق واستجدت أكثر من اجتماع سري مع المسؤولين الايرانيين.

ومن الطبيعي أن يتغير الموقف الرسمي والإعلامي السعودي من إيران طالما هي من تبحث عن التقرب لطهران.

ولاشك في هذا الإطار أن تراجع حدة العداء بين السعودية وإيران يسهم في تهدئة ملفات معقدة في المنطقة بدءً من لبنان وانتهاء باليمن مرورا بالعراق وسورية.

لكن ما الذي جنته السعودية ودول الخليج من عدائها لإيران ومن شن الحرب على اليمن، لا بل ما الذي جنته الدول المطبّعة مع اسرائيل من هذا التطبيع الذي سارعت إليه نكاية بإيران؟.

يقول مثل صيني شهير" لا تضع كل البيض في سلة واحدة" وما أحوج القيادة السعودية وأنظمة عربية أخرى لتعلّم هذا المثل وتطبيقه في السياسة العامة.

 لأنها اعتادت على المراهنة دائما على المواقف الأمريكية فتجد نفسها في نهاية المطاف في حرج شديد كالذي تعيشه القيادة السعودية هذه الأيام.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك