المقالات

احزاب تشرين..!


 

محمد عبد الجبار الشبوط ||

 

اي حراك اجتماعي وسياسي يتطلع الى النجاح يجب ان يوفر على الاقل امرين، من بين امور اخرى كثيرة. والامران هما: الصورة المستقبلية الواضحة، وحشد كل الطاقات المؤمنة بهذه الصورة في اطار عمل واحد.

يتولى صياغة الصورة المستقبلية مفكرو الحراك ومنظروه. لان هؤلاء هم الاقدر على تحويل هموم الناس وتطلعاتهم الى رؤية سياسية تحدد المجال الزمني المستقبلي للحركة السياسية.

ويكاد هذا ان يكون قانونا تاريخيا حاكما على كل الحركات التغييرية الكبرى التي شهدها العالم.

وقد اشار القران الكريم الى هذه الضرورة بقوله:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَىٰ إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ ۚ كَذَٰلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا".

اما حشد الطاقات وتوحيد الصفوف فيعتمد على قدرة العناصر المتحركة على التجمع في اطار حركي وتنظيمي واحد يجمع الطاقات وينسق الجهود ويحولها الى حركة اجتماعية وسياسية قادرة على التغيير.وهذا ما اشار اليه القران الكريم ايضا بقوله:"وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ".

كنت ومازلت اتابع الحراك الشعبي الذي يحمل الان اسم تشرين منذ انطلاقته في الاول من شهر تشرين الاول من عام ٢٠١٩. وكنت ومازلت منسجما في هذا مع اعتقادي بضرورة اجراء اصلاح سياسي شامل للدولة والمجتمع والفرد في العراق، للقضاء على ثلاثي التخلف والفساد والفقر. كما كنت ومازلت منسجما في هذا مع رؤية المرجعية الدينية للامام السيستاني التي وقفت بقوة الى جانب الحراك الشعبي المطالب بالاصلاح، وخاصة دعوتها النخب الفكرية والسياسية في المجتمع الى ان "تنظم صفوفها وتعد برامجها للنهوض بالبلد وحلّ مشاكله المتفاقمة في إطار خطط عملية مدروسة، لكي تكون على إستعداد لعرضها على الناخبين في أوان الانتخابات".

وكنت آمل ان يحقق الشباب الصاعد حديثا هذين الامرين، وتابعت عن كثب حركتهم في هذا الاتجاه، وبخاصة اجتماعهم في يوم ٢٠ من الشهر الحالي. وقد قرأتُ البيان الذي صدر عن الاجتماع عدة مرات، وسجلت النقاط او الملاحظات التالية:

الملاحظة الاولى: ان الشباب الصاعد لم يستطيعوا التحول الى حركة وطنية جامعة، بل تفرقوا على شكل احزاب كثيرة العدد، ستكون مجرد ارقام جديدة في قائمة الاحزاب السياسية المفرطة في تعدديتها. وهم بهذا يعيدون نفس اخطاء الاحزاب التقليدية التي ثاروا عليها، ولم يستطيعوا تقديم البديل الوطني الجامع المانع، كما يقال.

الملاحظة الثانية: يتصف البيان بالغموض فيما يتعلق بالاوضاع السياسية والاقتصادية الجارية وبالرؤية المستقبلية لها. ولا ينبيء البيان عن وجود رؤية جديدة للدولة العراقية اكثر من الاشارة العابرة الى "تعديل الدستور" دون بيان الخطوط العريضة لهذا التعديل والتي ترسم صورة الدولة العراقية التي تنشدها الاحزاب الجديدة. لا اكتم القراء سرا انني كنت آمل ان يعلن الشباب بوضوح قاطع ان حراكهم يستهدف اقامة دولة حضارية حديثة في العراق.

الملاحظة الثالثة: تجاهل البيان المرجعية الدينية وموقفها المؤيد للحركة الاصلاحية، ورؤيتها المتقدمة للاصلاح السياسي. وهذا امر يعزز صحة الملاحظة الثانية المتعلقة بغياب الرؤية المستقبلية للدولة عند الشباب الصاعد.

الملاحظة الرابعة: قد ينظر البعض بايجابية الى قرار هذه الاحزاب المشاركة بالانتخابات، وعدم مقاطعتها، لكن فات الشباب ان المشاركة في الانتخابات في ظل هذه التشتت في صفوفهم لن يسفر عن تحقيق نتائج ملموسة مؤثرة في المسار السياسي للدولة.

الملاحظة الخامسة: دعا الشباب الى اشراف الامم المتحدة على الانتخابات، وهذا موضوع خلاف، في حين ان المرجعية الدينية دعت الى "التنسيق" مع الجهات المعنية في الامم المتحدة لهذا الغرض.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
Azad : وهناك خيانة يقترفها مسعود منذ عام ١٩٩٢ والى يومنا هذا حيث قد جعل من الإقليم مستعمرة تركية ...
الموضوع :
مسعود البرزاني : العميل رقم ٤١
عبدالغني مرشد الحميري : سقف الحرية والجهل كحكومة ودولة مسلمة الاسلام دين لها وكتاب الله مرجعا لها وسنة رسول الله عليه ...
الموضوع :
السيد الملحد البخيتي وآليته في الجدال ونقاط ضعفه ة(البهيمية Zoophilia) أنموذجًا
مواطن : لاحول ولا قوة الا بالله العلي العظيم عجيب حين تخالف ارادة الانسان معتقده هو يرتجز باليقين انه ...
الموضوع :
لوحة الشمر بن ذي الجوشن ..  
رباب سالم شبيب : انا موظفة في مصنع اطارات الديوانية... خريجة دبلوم إدارة.... لي خدمة ٢٨ سنه.... بسبب قرار التسكين المجحف ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
هاني موسى : الاقليم الموردين يئوي المعارضين والمجرمين العراقيين كذلك ...
الموضوع :
مصلحة من يأوي الإقليم معارضي ايران وتركيا؟
منير حجازي : السلام عليكم . اتمنى من الحرس الثوري الإسلاميةالإيراني عدم تسليم الخاطفين المقبوض عليهم إلى الجهات الأمنية العراقية ...
الموضوع :
بينهم عراقيون.. إيران تعلن تحرير "رهائن" واعتقال الخاطفين
احمد محمد الصاوي : شكرا لكم ...
الموضوع :
اشارات قرآنية عن معارف الصحيفة السجادية للمؤلف الحسون (ح 1)
Salam Albader : لا تسلمون لحيه العراق للبنك الدولي كما فعلت مصر، البنك الدولي له اطماع خاصه بالدول الاستعماريه والمنظمات ...
الموضوع :
المالية تناقش مع البنك الدولي اولويات التنمية ودعم البرنامج الحكومي
سالم البدر : تحياتي د. جواد الهنداوي نعم كلامك حقيقي، الاصل ليس ان العراق لايملك المقومات او المشاريع العملاقه المزعمه ...
الموضوع :
مالذي يمنع العراق من الانضمام الى منظمة شنغهاي و منظمة بريكس؟!
فيسبوك