المقالات

هل اليك يا بن أحمد سبيلاً فتلقى..يا أمل المستضعفين

1303 2021-03-30

 

✍ د. عطور الموسوي ||

 

كثيرا ما كنت أتساءل في نفسي لماذا الكوفة المعظمة عاصمته؟ ذلك المغيب عن العيون الساكن في الضمائر والقلوب، نعم لماذا العراق وليس غيره ؟

إنه المهدي المنتظر أمل المستضعفين ومنقذ البشرية جمعاء.. استحضرت وجوده بيننا مذ كنا صغارا وكانت عمتي رحمها الله عند كل أمر مفزع تردد: "خطف المهدي".. وكنت أهاب خطفته هذه بعد أن وضحت لي المقصود بمقولتها هذه : " إنه إمامنا الغائب وهو يرعانا ويحرص علينا ونحن نستنجد به في الملمات، فقد وكل الله مقاليد أمورنا برضاه عنا  وهو يخطف مرورا بنا عندما ننتخي به، ويبعد الله عنا كل مكروه بوجوده".

وآنستني في صغر سني جلسات جدتي مع جاراتنا وهن يتبادلن أحاديث عن ظهوره المقدس بكل براءة وروحية عالية، ولم أفهم حينها لماذا تبكي عيونهن وهن يرددن : "العجل العجل يا صاحب الزمان" !! بينما تبتسم عمتي وهي تصف لي كيف ستنعم الأرض كل الأرض بالأمان فهو مسدد من الله في بسط العدل وبذلك ستكون للحياة طعم جميل لا كما نحياها الآن.. نعم اقتنعت بأن كلما زاد الظلم والفساد عجّل الله ظهور إمامنا الغائب.

في المرحلة المنتهية من دراستي الاعدادية اندلعت حرب الثمانية أعوام بين العراق وجارته إيران والتهبت تلك الحدود الطويلة من الفاو أقصى الجنوب الى حلبجة أقصى الشمال، وصار لدعاء التعجيل بظهوره عندها نمطا آخرا: أترضى يا بن الحسن بهذا الكم من الشباب السائر للقاء ربه مجبرا.. ألا يضيمك هؤلاء الثكالى والأيتام؟

وتزامنت مع تلك الحرب الخاسرة اعتقالات مكثفة طال أوارها جل بيوت مدينتنا، وفجعت الأمهات بفلذات الأكباد، بين ميت بالإعدام وبين ميت في الجبهات وبين مغيب في دهاليز وأقبية القمع البعثي لكل معارض، وتزايد عدد الأرامل وأضعافه من الأيتام، ونفسي تحدثني: هل هكذا وضع سيعجل ظهور مهدينا المنقذ.. أم ننتظر المزيد من الظلم والدمار؟

ولم تعد ليلة الخامس عشر من شعبان مفعمة بالفرح والسرور كما كانت، وانما صارت تثير ذكريات موجعة لأحبة كانوا قبل عام بين أهليهم، وهم اليوم بين سجين ودفين ..نعم صارت ليلة زاخرة بالدعاء والتوسل بالله أن يأذن بظهوره ليقيم العوج الذي أصاب الأمة ويعدل ميزان العدل، وعند ضريح الإمام الحسين يضج الضاجّون بالبكاء والعويل المرير كل يندب أحبته عند جد المنتظر..

واستمرت سنوات الحرب تحصد بالشباب الغض من المكون الأكبر، الى جانب معتقلات ضجت بنازليها ومن كل الفئات العمرية، نعم ضاقت وعنده الفرج كما يقولون ..وصارت عمتي تختم مجالسها الحسينية بمقولة أشبه بالأهزوجة : "اظهر يا لمهدي وصفيها شوف الشيعة شسووا بيها"، غير آبهة بعيون المترصدين لتلك المجالس الحسينية المتواضعة التي تقام في أزقة بغداد الشعبية منها والراقية على حد سواء طيلة شهري محرم وصفر، بينما النساء تلطم بوجع وبكاء يرعبني ويبكيني استشعر آلامهن..

وانتهت الحرب بعد ثمانية سنوات كان حصيلة الخسائر البشرية من الطرفين المسلمين يفوق مليون رجل، وبذلك صار عندنا مليونين من والدين ثكلوا وربما ثلاثة ملايين يتيم.. ولم يأذن الله بظهوره الشريف..

 وماهي الا أشهر حتى وجه صدام المجنون بداء العظمة ما تبقى من جيشه المنهك لاحتلال الكويت.. سبحان الله وتعالى كيف تجسدت الآية الكريمة: "تَحْسَبُهُم جَميعاً وقُلوبُهُمْ شَتَّى" (الحشر: من الآية 14)..

إنها الكويت التي تشدّق أميرها وأمراء الخليج العربان آنذاك يحثونه على المضي بحربه الرعناء تلك دون هوادة أو مراعاة لمئات الآلاف من رجال العراق : "منا المال ومنك الرجال".. فأراهم الله بعضا من (بأس) اولئك الرجال، ففروا تاركين الديار بكل ما  فيها ولتستولي أمريكا على ما تشاء من أموالهم برضاهم فقط لتعيدهم اليها وتقمع صدام .

واشتعلت سماء بغداد ليلة السابع عشر من كانون الثاني وأحالت سماءها الصافية الى نار وجمر ودخان أصوات الطائرات والصواريخ القادمة من الخليج صكّت الآذان وضج القلوب المرتعبة في ذلك الفجر الرهيب : العجل العجل يا صاحب الزمان ..

دمر الجيش العراقي بكل ما فيه عدة وعددا.. ولم تخلى جثث العسكريين المغدورة بطائرات ومدفعيات القوى العظمى، وإنما صارت تنهش بها الضباع وهوام الأرض وصرنا نترحم على أيام حرب الثمانية أعوام..

فبلغ السيل الزبى وانتفض العراقيون ينشدون الخلاص من ربقة حاكم عاث في أرضهم الفساد وقتل الحرث والنسل ولن يتوقف مادام في الحياة، وهم يرددون : " الغوث الغوث يا صاحب الزمان".    

واستمرت الإحن تتوالى على العراق وتغربل أهله بشتى الغرابيل، ولا زلنا نترقب مقدمه الشريف .. اللهم عجل له الفرج وسهل له المخرج واجعلنا من أنصاره وأعوانه يارب العالمين .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك