المقالات

الثائر الذي غيّر وجه العالم

1197 2021-02-03

 

عباس سرحان ||

 

قبل نحو اربعين عاما، وفي مثل هذه الايام كانت إيران تموج على بحر من القلق، فالشاه الذي" أصيب بالصداع الدائم" بعد أن تعالت أصوات الثوار من حوله وعجز عن إسكاتها، اضطر الى مغادرة البلاد طالبا الراحة بعيدا عن قصوره وكل ما شيده من ترف طوال فترة حكمه!.

وربما أدرك أنها رحلته الأخيرة التي لن يعود بعدها إلى طهران، فشابور بختيار الذي عينه  رئيسا للحكومة لم يتمكن من تهدئة الشارع الإيراني الثائر على الرغم من بعض الاصلاحات التي أمر بها.

كانت عيون الايرانيين تتطلع بشوق الى قرية نوفل لوشاتو في ضواحي باريس، حيث يقيم رجل ناهز الثمانين من عمره في تلك المدينة الباردة، ولم تكن كل وعود الحكومة بالإصلاح قادرة على تهدئتهم.

وبموقف لافت وغير مسبوق قرر الثائر روح الله الخميني العودة إلى طهران، لم تكن الأوضاع قد استتبت له تماما، فالجيش بل ومعظم قوى الأمن كانت رسميا تحت إمرة الحكومة المعينة من قبل الشاه.

والشارع الغاضب يموج بمشاعر الاضطراب وأمريكا والغرب عموما يعملون بجد لركوب الثورة أو حرفها عن مسارها، وكانت كل الخيارات مطروحة حتى استهداف قادة الثورة وكما حصل لاحقا.

ومع كل تلك المخاطر وبشجاعة وتصميم نادرين يقرر الإمام الخميني العودة الى طهران، فيستقبله ملايين الايرانيين ويهاجم حكومة بختيار  ويتعهد بتشكيل حكومة باسم الشعب وفي غضون عشرة أيام من عودته كان له ما أراد.

هذا الثائر الفريد من نوعه، لم يكن طالب سلطة ولم يعرها أي اهتمام، وجاءته الدنيا مذعنة بعد أن لوى عنقها. لكنه قذف بها بعيدا وأسس دولة أرادها ملاذا ونصيرا للمظلومين وخصما لدودا لقوى الشر في العالم.

عجيب هذا الثائر،  فيه عطر من صدر الإسلام، وعزم من المؤمنين الأوائل، وإصرار على تحقيق ما آمن به من أهداف لم يسبقه إليه أحد في عصرنا الحاضر.

وعجائب الثورة الخمينية كثيرة، فهي لم تحظ بالدعم الدولي ولا مرة واحدة بل أن العالم كله وقف ضدها، واستهدفها بالحروب والحصار والحملات الاعلامية المتواصلة، وقد شقّت طريقها كسفينة مبحرة وسط بحر من النيران طوال أربعين عاما.

فبعد أشهر من انتصارها استهدفها أعداؤها بإشعال حرب نيابة غير مبررة بين ايران والعراق، ودعموا صدام بالمال والاعلام والمواقف الدولية وسعوا لوئد هذا الكائن المتمرد على قوانين الطغاة في مهده.

وفرضوا حصارا اقتصاديا استمر 40 عاما طال ايران وقياداتها ومصانعها وعلماءها وكل ما فيها ومن فيها. لكن الدولة الثورية ما زالت تمد جذورها في أعماق الأرض وتطلق علومها نحو الفضاء.

أما آن لكل أعداء الثورة الإيرانية أن يدركوا أن مساعيهم للإطاحة بها لم تعد نافعة وأن هذه الثورة التي أصبحت دولة باتت تداعب اليورانيوم المخصب وقد تجعل منه في اللحظة التي تشاء قوة ردع رهيبة!.

ـــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك