المقالات

تصويب للكلام الآخر المختلف


 

علي حكمت شعيب *|| 

              

إن النقد البناء المنطلق من نية الإصلاح مطلوب ومحبّذ، حتى ولو كان مكروهاً ممن يوجَّه اليه لأن به تقويم المسار والتنبه الى الإنحراف والخطأ.

وهنا يحضرني حديث للإمام علي عليه السلام في عهده لواليه على مصر مالك الأشتر(رض):

" ثُمَّ لْيَكُنْ آثَرُهُمْ عِنْدَكَ أَقْوَلَهُمْ بِمُرِّ الْحَقِّ لَكَ، وأَقَلَّهُمْ مُسَاعَدَةً فِيمَا يَكُونُ مِنْكَ مِمَّا كَرِهَ اللهُ لأِوْلِيَائِهِ، وَاقِعاً ذلِكَ مِنْ هَوَاكَ حَيْثُ وَقَعَ."

لكن عندما ينتمي المرء الى بيئة يجمع عقلاؤها على مسار محدد يوصل الى غايات كبرى بها يتحقق خروجها من ظلمات الفقر والعبودية الى نور الحياة والفاعلية.

حينها يكون النقد خروجاً عن الجماعة وتفرداً واستبداداً بالرأي، ومن استبد برأيه هلك، لا سيما إذا كان مضمونه موافقاً تماماً لنصيحة العدو الماكر المدّثر بثياب الواعظين.

لطالما نصحت أمريكا حركات المقاومة بالتخلي عن سلاحها والانشغال بالسياسة المحلية مقدمة لها المغريات والأمنيات الكثيرة، وتجربة حركة فتح شاخصة أمامنا والى أين أوصلت قضيتها عندما ألقت سلاحها وخلعت ثوب كفاحها فأصبحت كرة تتقاذفها المؤتمرات الدولية التي لم تسمن ولم تغن من جوع، مع ما لحق بالذين اتبعوا النهج السلمي من صغار وضعة وإذلال ومنع من حقوقهم.

وتلك نتيجة طبيعية لمن ترك الجهاد وقد ورد في نهج البلاغة:

"أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ الْجِهَادَ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، فَتَحَهُ اللهُ لِخَاصَّةِ أَوْلِيَائِهِ، وَهُوَ لِبَاسُ التَّقْوَى، وَدِرْعُ الله الْحَصِينَةُ، وَجُنَّتُهُ الْوَثِيقَةُ، فَمَنْ تَرَكَهُ رَغْبَةً عَنْهُ، أَلْبَسَهُ الله ثَوْبَ الذُّلِّ، وَشَمِلَهُ الْبَلَاءُ، وَدُيِّثَ بِالصَّغَارِ وَالْقَمَاءَةِ، وَضُرِبَ عَلَى قَلْبِهِ بِالْإِسْهَابِ، وَأُدِيلَ الْحَقُّ مِنْهُ بِتَضْيِيعِ الْجِهَادِ، وَسِيمَ الْخَسْفَ، وَمُنِعَ النَّصَفَ."

إن من ينظّر للحياد أو لفصل الساحات لا يفقه شيئاً من علم السياسة والعلاقات الدولية ولم يطّلع على النظام العالمي القائم حالياً.

فالساحات المحلية والإقليمية والدولية مرتبطة ضمن نظرية منهجية النظم بأطر تكاملية تشكل مخرجات إحداها مدخلات لأخرى.

والتسلح بمواقف سابقة لقادة كبار سابقين لا يفيد لأن التغييرات البيئية تفرض تبدّل المواقف فما كان صحيحاً بالأمس لم يعد كذلك اليوم.

إن الدعوة للتخلي عن نقاط القوة المركزية واللجوء الى سقف القوانين الدولية دعوة حمقاء إذ لا نظام دولي يحترم الضعفاء.

على المرء أن يعرف قدر نفسه ويربع على قدره ولا يقفو ما ليس له به علم تلك نصيحة تقدّم الى كل هؤلاء الناطقين بلسان أعدائنا عن قصد أو عن جهل ولا ينفع الاعتذار بعد أن تكون المواقف قد سبقت وأدّت دورها في إطار الحرب النفسية على مجتمعنا.

 

*أستاذ في الجامعة اللبنانية

ـــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك