( بقلم عباس امامي )
إن سياسة التهميش التي مورست بحق التركمان في العراق منذ تشكيل الدولة العراقية الحديثة بعد سقوط الدولة العثمانية من قبل حكام العراق الذين إستلموا السلطة بدعم مباشر من العم ابو ناجي غير خافية على الجميع، إضافة الى تلك السياسات العنصرية والشوفينية التي لم تكن تتماشى مع مصالح الوطن والمواطنين العراقيين في يوم من الأيام والتي ولّدت حروب أهلية طيلة عشرات السنين وقدم الشعب العراقي بعربه وكرده وتركمانه وبقية مكوناته فلذات أكبادها ضحايا وقتلى على أتون الجبال في قتال أبناء هذا الوطن من المواطنين الكرد باللهجة السياسية المصطلحة إعلاميا حينها في الاعلام الحكومي العراقي [القضاء على التمرد الكردي في الشمال]، والحروب الطائشة التي قامت بها حكومة البعث مع الجارة إيران وإحتلال دولة الكويت، وكانت نتيجة تلك السياسات الخاطئة التي إنتهجتها تلك الحكومة ذات البعد الواحد القومي والطائفي القتل، والتشريد، والتهجير، والفقر، والمرض، والموت، والمقابر الجماعية، وعمليات الأنفال، وتجفيف منابع الخيرات لأبناء الشعب العراقي في الجنوب الأهوار، والعمليات الاجرامية المعروفة بتنظيف السجون، وأحواض التيزاب، والمفارم البشرية في المعتقلات البعثية، وأخيرا الارهاب العربي والطائفي والذي يعتبر من مخلفات تلك الأنظمة الفاشلة التي حكمت العراق طيلة قرابة قرن كامل من السنين والذي بدأ يضرب هذا الشعب في الصميم بتفجير بيوت العبادة والمناطق السكنية الآمنة وقتل الأبرياء لمجرد الولاء لمذهب معين أو الانتماء لقومية معينة، وتفجير أنابيب المياه، وأنابيب مصادر رزق الشعب العراقي، ومولدات الكهرباء، بحجة مقاومة المحتل والتي سموها بالمقاومة الشريفة باسم الدين والدين منهم براء، وأن الشعب العراقي لم ير خيرا ولا إنفتاحا ولا تقدما مع توفر كل مقدمات التقدم والازدهار والرقي والرفاهية التي إكتنزها اللـه تعالى تحت أقدام هذا الشعب الصابر والممتحن بألوان البلاء والاختبار، وقد أصاب التركمان ما أصاب من كل ما مر مان العذاب والارهاب.
واليوم ونحن نعيش في بداية بناء الدولة العراقية بعد سقوط النظام الدكتاتوري الفاشي من جديد ويفترض إشتراك كل أبناء الشعب العراقي في مصادر القرار السياسي للعراق من أعلى سلطة الى أصغر وحدة إدارية في أقصى قرية من قرى العراق بنظام ديمقراطي فيدرالي يقوم على اساس الانتخابات الحرة المباشرة من قبل أبناءالشعب العراقي، ومجلس النواب الحالي خير مثال على العراق الجديد بتعدد ألوان وأطياف الممثلين الموجودين في هذا المجلس سياسياو قوميا وطائفيا ومناطقيا.
وكانت مبادرة تشكيل المجلس السياسي للأمن الوطني وإن كانت خارجة من الدستور ولكن بالفعل السياسي الواقع لقد بات أمرا واقعا في الدائرة السياسية للعراق الجديد يشترك فيه الهيئة الرئاسية ورئاسة الوزراء ونائبيه ورئيس مجلس النواب ونائبيه ورؤساء الكتل السياسية التي إشتركت في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وقد وجهت دعوة الى الدكتور السيد سعد الدين أركيج رئيس الجبيهة التركمانية في العراق بالاشتراك في هذا المجلس كعضو في هذا المجلس وقال سيادته في تصريح خاص نشرته وسائل الاعلام قبل ايام بأنه في صدد مدارسة هذا الطرح، وأنني أقول لجناب الدكتور سعدالدين أركيج مع الاحترام الوافر له: ماذا تنتظر ولماذا لم تعلن إنضمامك الى هذا المجلس كعضو لتمثل التركمان فيه؟ وأنك تعلم بأن السياسة هو عمل الممكن، وأن القاعدة التي يسير عليها العقلاء بمختلف ألوانهم ومشاربهم الطبقية والسياسية والاجتماعية هو: ما لايدرك كله لا يترك جله، فلو لم تستطع عمل ما تتمناه بالكامل ولكنك يمكنك عمل بعض ما تتمناه في الوقت الحالي فما عليك إلا إقتحام هذا الممكن الميسّر حتى تتمكن غدا من تقديم ما هو الأفضل وما تتمناه، وكونك بجنب إخوانك العراقيين في موقع القرار العليا خير من أن تجلس في بيتك ولم تعرف ماذا يدور خلف الستار في ترتيب البيت العراقي في الوضع الراهن. كفانا نقد الآخرين ونحن لانجيد طرق الاقتحام والتقدم والحوار، ونحن التركمان علينا الدخول الى المواقع التي نتمكن منها لكي نتمكن وبمرور الزمان أخذ إستحقاقاتنا الوطنية كاملة، ولا ننتظر الآخرين أن يهبوا لنا بعضا من حقوقنا القومية والوطنية المشروعة، وعلينا نحن التركمان بناء علاقاتنا على أسس جديدة مع بقية المكونات السياسية والاجتماعية في العراق ننظر من خلالها المصالح الخيرة والفاضلة لقومنا ووطنا، وقد مررنا بتجارب قاسية من خلال العلاقات التي لم تبن على أسس مدروسة عقلائية واضحة بعيدا عن التعصب الطائفي والقومي الأعمى.
وإن زمان التهميش قد ولّى وانتهى في العراق، واليوم يوم الحوار، والاقناع، وبناء العراق على أسس ديمقراطية سليمة، ينبغي أن يشترك فيها كل مكونات الشعب العراقي وبإرادته الحرة الكريمة بعيدا عن سياسات الترغيب والترهيب.
https://telegram.me/buratha