المقالات

ضياع القانون في بلد التشريعات


  عباس قاسم المرياني||   منذ خُلق الانسان وتكاثر على وجه المعمورة فتكونت بذلك الكيانات البشرية واستقرت، اصبحت الحاجة ملحة لتقنين العلاقات البشرية لخلق نوع من الانسجام بين افرادها وحل كل انواع الخلافات والنزاعات، وتقييد الفرد بحدود وقوانين معينة.    وعلى اثر ذلك برز في العراق على وجه الخصوص اول المشرعين للقوانين البشرية التي تحكم افراده، مثل الملك اوركاجينيا في القرن ٢٤ قبل الميلاد أحد ملوك سلالة لگش الاولى الذي يعد صاحب أكبر إصلاح اقتصادي واجتماعي لحد الآن.    والملك اورنمو في مدينة اور التاريخية الذي سنَّّ اول التشريعات القانونية في تاريخ بلاد ما بين النهرين والشَّرق الأدنى القديم في القرن ٢١ قبل الميلاد التي أشتملت على تنظيم العلاقات بين افراد المجتمع والسلطة الحاكمة.    ولحقهم بعد ذلك الملك والمشرع المشهور حمورابي الذي شرع اول قانون مسجل فى التاريخ في القرن ١٧ قبل الميلاد في بابل، حيث قُسم قانونه الى (٢٦٢) مادة قانونية تحدد واجبات الافراد وحقوقهم في المجتمع.     ثم جاء بعد ذلك القانون الاسلامي او الشريعة الاسلامية وهو نظام قانوني واسع وشامل في توجهاته ومحيط بكل المسائل وملم بها، ويوصف بالمرونة وعدم الجمود، ويقوم على قواعد كلية شاملة، ويحمل جميع سمات النظام القانوني الشامل المتكامل؛ لقابليته للتجديد والتطوير.   وظهرت في اوربا بعد الثورة الصناعية والتحرر من هيمنة الكنيسة والتطور الذي حصل في جميع الميادين والاصعدة؛ مما حتم عليهم سَّن القوانين والتشريعات فظهر لنا اهم قانونين كان لهما الاثر وهما القانون الالماني الذي يعد اهم قانون اوربي لمرونته وشموله، فضلاً عن القانون الفرنسي ايضاً.    مما تقدم نجد العراق الان يفتقر لهذه القوانين على الرغم من ان اول من سن هذه القوانين وشرعها هم ملوك عراقيون بالاصل مثل اوركاجينيا وارونمو واشهرهم حمورابي، زيادة على ذلك القانون الاسلامي الذي يعد قانون الهي لأن اغلب مواده مستقاة من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وتشريعات ال البيت (عليهم السلام) التي اهمها القانون الجعفري.    من ذلك كله نجد بلد مثل العراق تائه بين عدة قوانين واعراف فلا هو يعتمد القانون المدني المتداول حالياً، ولا القانون الاسلامي، فضلاً عن ذلك ان الاعراف العشائرية اصبحت قانوناً بحد ذاته ولها السطوة على المجتمع وهيمنتها، لذلك تاه العراق ومجتمعه بين هذه القوانين الثلاث، فنجد حالات الظلم والاضطهاد والجور والتسلط منتشرة بشكل واسع وكبير بسبب غياب القانون الحاكم، فمرة السلطة تلجأ للقانون المدني ومرة للقانون الاسلامي، واغلب الاحيان للعرف العشائري، فأصبحنا بذلك كالغراب الذي رأى ﺣﻤﺎﻣﺔ ﺗﻤﺸﻲ ﻓﺄﻋﺠب بطريقة ﻣﺸﻴها، ﻟﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ الاناقة والجمال، حاول ﺃﻥ ﻳﻘﻠﺪ ﻣﺸﻴﺘﻬﺎ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ ذلك، ولما ﺃﺭﺍﺩ ﺍﻟﻌﻮﺩﺓ ﻟﻤﺸﻴﺘﻪ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻧﺴﻴﻬﺎ ﺃﻳﻀﺎً، ثم حاول ﺃﻥ ﻳﻄﻴﺮ لكنه وﻗﻊ ﻓﻲ ﺍﻟماء، ففقد ﻫﻮﻳﺘﻪ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ، ﻓﻼ هو ﻏﺮﺍب ﻭﻻ هو ﺣﻤﺎﻣﺔ.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك