نـــــــــــــزار حيدر
١/ نَحْنُ أَمام [٣] خطابات دَولة وخطاب واحد يمثِّل نبض الشَّارع وأَقصد بهِ الخطاب المرجعي.
لم يتحدَّث أَيٍّ من الخطابات الأَربعة أَو يُشير إِلى وجود مؤَامرة تقودُ الشَّارع، بل على العكسِ من ذَلِكَ فكلُّها أَيَّدت المطالب الدستوريَّة واستنكرت قتل المتظاهرين السلميِّين على حدِّ وصف الخطاب المرجعي، فيما سارعت الرِّئاسات الثَّلاث للإِستجابةِ فوراً لمطالب الشَّعب بإِصدارِ حُزمةٍ ضخمةٍ جدّاً من التَّشريعات والقرارات.
الببغاوات فقط هي التي تغرِّد بالمُؤامرة!.
٢/ العِبارة التَّالية التي وردت في الخطاب المرجعي الأَخير [وحذَّرت (المرجعيَّة) الذين يمانعُون من الإِصلاح ويُراهنون على أَن تخفَّ المطالباتُ بهِ بأَن يعلمُوا أَنَّ الإِصلاح ضرورةٌ لا محيصَ منها وإِذا خفَّت مظاهر المُطالبة بهِ مدَّةً فإِنَّها ستعود في وقتٍ آخر بأَقوى وأَوسع من ذلك بكثيرٍ] والتي تكرَّرت في مرَّاتٍ عديدةٍ سابقةٍ، هي مصدرُ الشرعيَّة لكلِّ تظاهرةٍ تخرج في البلاد بعدَ الشرعيَّة الدُّستوريَّة، فلماذا لا نقول أَنَّ المرجعيَّة هي المحرِّض الأَوَّل على التَّظاهر؟!.
طبعًا هو ليس تحريضٌ وإِنَّما هو تهديدٌ وتحذيرٌ وتحريضٌ للسياسيِّين ليتحمَّلوا مسؤُولَّياتهم على اعتبار أَنَّ الشَّارع هو أَحد أَهم السُّيوف المُسلَّطة على رقابِ مؤَسَّسات الدَّولة في النُّظم الديمقراطيَّة، تُراقب وتُحاسب، لتحسينِ أَداءها، حالهُ حالَ الإِعلام ومنظَّمات المُجتمع المدني وغير ذلك.
٣/ إِذا أَردنا أَن ننشغل في كلِّ مرَّةٍ بالبحثِ عن خيوط المُؤامرة فسوفَ لن نبني دولة ولن يتحقَّق شيءٌ من الإِصلاحِ والتَّغيير وهوَ الأَمرُ الذي يرقصُ لهُ السياسيُّون طرباً.
١٧ عاماً أَشغلونا بنظريَّة المُؤامرة وأَرعبونا بها، ليخلو لهم الجو فيبيضُوا ويصفِروا، وما درَوا أَنَّهم هم المُؤامرة.
أَيُّها العراقيّون؛ غادرُوا نظريَّة المُؤامرة لتواجهُوا الفاسدينَ والفاشلينَ بحزمٍ وتُصلحُوا حالَ البلادِ.
٤/ لقد دمَّر السياسيُّون كلَّ جسور الثِّقة والمصداقيَّة لكَثرةِ ما كذبُوا على الشَّعب، وعدُوا ولم يفُوا، حتى رفعَ العراقيُّون شِعار [كذَّاب كذَّاب....] وطافُوا به في الشَّوارع.
أَتمنَّى أَن لا يتعاملُوا مع حُزَمِهم الإِصلاحيَّة العِملاقة هَذِهِ المرَّة بنفس الطَّريقة والأُسلوب الذي تعاملُوا بهِ في المرَّات السَّابقة [يخرجُون بها من الباب ويدخلُون إِليها من الشُّباك] أَو كما وصفهم أَميرُ المُؤمنِينَ (ع) بقولهِ يصِفُ بَيعة مروان بن الحكم {لاَ حَاجَةَ لِي في بَيْعَتِهِ! إِنِّهَا كَفٌّ يَهُودِيَّةٌ، لَوْ بَايَعَنِي بِيَدِهِ لَغَدَرَ بِسُبَّتِهِ}.
أَتمنَّى أَن لا يغدرُوا هذه المرَّة!.
٥/ عَلى الرَّغم من أَنَّ الخطابِ المرجعي وصفَ المُتظاهرين بالسلميِّين، إِلَّا أَنَّ النَّتيجة كانت أَكثر من ١٠٠ شهيدٍ وآلاف مؤَلَّفة من الجرحى والمُصابين، وهذا دليلٌ واضحٌ على أَنَّ الحكومة تعاملت مع الشَّارع بعقليَّة متشنِّجة ولم تتعامل مع التَّظاهُرات بأَبويَّة وفِي إِطار الدُّستور والقانون! فمَنَ المسؤُول؟!.
٧/ مِن الآن فصاعداً، أَلقمُوا حجراً وشجُّوا جبهة كلَّ مَن ينتقد الأَداء الحكومي ويحرِّض ضدَّ الفساد والفشلِ من الذين لم نرَ منهم أَيَّ موقفٍ إِيجابيٍّ من التَّظاهُرات ولو بحرفٍ أَو بشقِّ كلمةٍ.
٨/ منذُ أَوَّل تظاهرة خرجت في بغداد عام ١٩٢٢ ضدَّ حكومة النَّقيب الثَّالثة ولحدِّ آخر تظاهرة شهدتها العاصمةِ ضدَّ الحُكومةِ الحاليَّة، فإِنَّ الشَّارع مُتَّهم بالتَّآمر ومطعونٌ فِيهِ بعددٍ كبيرٍ من الصِّفات والنُّعوت التي لا تليق بالعراقيِّين.
ولذلكَ أَقترح، من أَجلِ أَن نتأَكَّد بأَنَّ التَّظاهُرات القادِمة سلميَّة ١٠٠٪ ووطنيَّة ١٠٠٪ وهادئة جدّاً ١٠٠٪ لا يندسُّ فيها أَحدٌ ولا تقودُها مُؤَامرة، أَن يُبادر إِليها ويقودها أُولئك الذين صدَّعوا رؤُوسنا بخطاباتهِم وبياناتهِم وكتاباتهِم وأَحاديثهِم عن الإِصلاح والثَّورة والتَّغيير من [عُلماء وخُطباء وكُتَّاب ومثقَّفين متنوِّرين وفلاسفة وثوَّار حقيقيِّين وإِعلاميِّين وعُظماء وزُعماء وحُلماء]!.
خيراً مِن أَن تحرِّضُوا المُستضعَفين المقهورين على الإِنتفاضةِ للمُطالبةِ بحقوقهم، فلمَّا ينزلُوا إِلى الشَّارع تخذلونهُم بصمتِكم، وهو أَقلِّ الكُفر، وبتبريراتِكم السَّخيفة وطعنِكم القاتل، وهو أَشدِّ الكُفر.
٩ تشرِينُ الأَوَّل ٢٠١٩
https://telegram.me/buratha