المقالات

خطابُ الرَّئيس برهَم صالح كانَ عِراقيّاً بامتِياز                    


نــــــــــــزار حيدر

   أ/ بغداد تبذل جُهداً ديبلوماسيّاً متواصلاً لتخفيف أَزمات المنطقة، كونها نجحت لحدِّ الآن في الإِلتزام بسياسة الحَياد الإِيجابي والتَّواصل لبناء علاقات حسنة مع مُختلف الأَطراف، وتحديداً دُول الجِوار، لحمايةِ مصالح العراق أَوَّلاً، ولكن هذا وحدهُ لا يكفي لنجاحِ مساعيها بهذا الصَّدد، لأَسبابٍ عدَّة؛

   ١/ إِنَّ الأَزماتِ معقَّدة جدّاً ومتشعِّبة، لا يمكن تصوُّر أَيَّة حلول بهذه السُّهولة.

    فمثل هَذِهِ المساعي قد تؤَجِّل الأَزمة ولكن لا تحلَّها.

   ٢/ إِنَّ أَصل مُشكلة هذه الأَزماتِ المُتراكمة يكمُن في السِّياسات والسلوكيَّات، فإِذا لم تغيِّر الرِّياض من سياساتِها العُدوانيَّة والتدميريَّة فليسَ بالإِمكان تصوُّر حلولاً للأَزمات.

   صحيح أَنَّ عُدوانها الحالي على اليمن هو المُشكلة الحقيقيَّة الظَّاهرة التي تُثير كلَّ هَذِهِ الأَزماتِ وعدم الإِستقرار السِّياسي والأَمني في المنطقة، إِلَّا أَنَّهُ ليس كلِّ المُشكلة التي تكمُن في السِّياسات والسلوكيَّات غَير المقبولة التي تتبنَّاها الرِّياض ضدَّ مُختلف الملفَّات والقضايا، وكلُّنا نعرف آثارها في العراق ولبنان وسوريا وفلسطين وفِي مناطقَ عدَّة.

   ٣/ قرار الرِّياض في كلِّ ملفٍّ من ملفَّات الأَزمة مركُون في واشنطن، ولذلك فإِنَّ من الصَّعب تصوُّر أَيَّ تأثير عليهِ من دونِ العَودةِ والإِتِّفاق مع واشنطن.

   حتَّى الأَزمة المُتفاقِمة بين الرِّياض وطهران لا يمكنُ حلحلتها من دونِ تواصلٍ من نوعٍ ما بين واشنطن وطهران.

   واشنطن ترفض أَن تُغيِّر الرِّياض سياساتها إِذا شعرت أَنَّهُ يُفضي إِلى تضييعِ فرصةٍ، مهما كانت تافهة، للإِبتزاز والمزيد من حلبِ ضَرع البقرة.

   ٤/ ولا ننسى كذلك فإِنَّ الرِّياض الْيَوْم ترتبط بإِلتزامات وتوافقات مع [إِسرائيل] الغرض منها مُواجهة طهران كما يسمُّونهُ، مُقابل حماية تل أَبيب للرِّياض سياسيّاً وديبلوماسيّاً وإِعلاميّاً. 

   ب/ خطابُ الرَّئيس برهم صالح في الأُمم المُتَّحدة كان عراقيّاً بامتياز نجحَ بشَكلٍ مُلفت للإِنتباه في إِيصال الرِّسالة كاملة وواضحة إِلى المُجتمع الدَّولي.

   لم يغفل الخطاب أَيَّة مُفردة داخليَّة وإِقليميَّة ودوليَّة، إِلَّا وقد أَوضح موقف العراق منها، فالخطابُ كان بارعاً مظهراً ومُحتوى.

   لقد كان حقيقيّاً وواقعيّاً إِستعرض رُؤية العراق المستقبليَّة إِنطلاقاً من ماضٍ قريبٍ حقَّقهُ العراقيُّون بتضحياتهِم عندما لبَّوا نداء فتوى المرجع الأَعلى بالتَّعبئة ضدَّ الإِرهاب لحمايةِ العراق وكلَّ ما فِيهِ وما يمثِّل.

   ج/ الإِجتماعات السنويَّة لهيئة الأُمم المتَّحدة روتينيَّة جدّاً، لدرجةِ أَنَّها تحوَّلت إِلى منصَّةٍ تشبه إِلى حدٍّ بعيد منصَّات وسائل التَّواصل الإِجتماعي ولكن بشَكلٍ أَوسع وأَكبر.

   لا ينبغي أَن ننتظرَ منها الخروج برُؤيةٍ عالميَّةٍ أَو تُقدِّم حلولاً معقولةً لمشاكلِ البشريَّة، فما يقولهُ الزُّعماء من على منصَّة الأُمم المتَّحدة لا يعدو كونهُ إِستعراض للقوَّة والتَّبشير لسياسات الدُّول مع تضخيمٍ واضحٍ، ليس إِلَّا كما فعل الرَّئيس ترامب.

   د/ الرَّئيس ترامب يواجه الآن مُشكلة حقيقيَّة إِثر تسريب نص مكالمتهِ الأَخيرة مع الرَّئيس الجورجي، والتي اتَّضح فيها أَنَّهُ يستخدم السُّلطة لاستدراجِ دولةٍ أَجنبيَّةٍ للتَّأثير على الإِنتخابات الرئاسيَّة القادمة، وهذا يُعتبر بالقانون الأَميركي خيانةً للبلاد، ولذلك أَطلق الديمقراطيُّون، قانونيّاً، إجراءات العزل.

   طبعاً هذا لا يعني أَنَّ الأَمر بهذهِ السُّهولة والبساطة، بالعكس، فالقضيَّةُ مُعقَّدةً جدّاً وعلى مُختلف المُستويات، ولكن، مع ذَلِكَ، فإِنَّ بيدِ خصومهِ الديمقراطيِّين الكثير من الأَوراق القانونيَّة بهذا الصَّدد، رُبما تُفضي مساعيهِم إِلى عزل الرَّئيس.

   ٢٧ أَيلول ٢٠١٩

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك