نــــــــــــزار حيدر
عاشوراء، بغضِّ النَّظر عن البُعد الغَيبي، هي ثورةٌ تصحيحيَّةٌ إِصلاحيَّةٌ بكلِّ التَّفاصيل لذلك خلَّدها التَّاريخ واتَّخذ منها الثوَّار والمُصلحُون نموذجاً يقتدون به، بغضِّ النَّظر عن خلفيَّاتهم.
لقد اشتملت هذه النَّهضة على كلِّ المقوِّمات العقليَّة والمنطقيَّة والواقعيَّة، فلم ينسَ شيءٌ منها السِّبط الشَّهيد (ع) ولَم يتجاهل أَمراً من أُمورِها، فهي اشتملت على؛
*خُططٍ آنيَّةٍ مَيدانيَّةٍ وطويلةِ المدى.
*قيادةٌ حكيمةٌ ذو بصيرةٍ ثاقبةٍ.
*إِعلامٌ صاحبَها منذُ قَبْلَ إِنطلاقتِها وفِي كلِّ المراحل التي مرَّت بها في كربلاء وما بعدَ كربلاء.
*رُؤيةٌ واضحةٌ لم تلتبس عليها الأُمور ولَم تهتم بشيءٍ على حسابِ شَيْءٍ آخر.
*آليَّاتٌ وأَدوات لكلِّ موقفٍ ولكلِّ مرحلةٍ.
*ولم تتجاهل هذه النَّهضة الحِوار وتبليغِ الرِّسالةِ كأَحدِ أَهمِّ أَدوات مشاريع الإِصلاح الحقيقيَّة، باعتبارِ أَنَّ هدفها إِنقاذ الإِنسان من الضَّلالةِ ومِن واقعهِ المرير وتوعيتهِ بالحقيقةِ، فلم تكُن هدفها القتل للقتلِ.
*حتَّى معنويّاً، إِعتمدت عاشوراء على واحدٍ من أَعظمِ المفاهيم التي ينتصر بها المُصلحُون ويحقِّقون بها أَهدافهُم السَّامية، وأَقصُد بهِ قولَ الله تعالى {قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُو اللَّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}.
فانتصرت النَّهضة وحقَّقت أَهدافها الرِّساليَّة الإِلهيَّة.
ولذلك فمَن يسعى للإِستفادةِ من هذه النَّهضة النُّموذج الفريد عليهِ أَن يكونَ صادقاً في دراستِها متفتِّح العقل والذِّهن ليس طائِفيّاً أَو مُنغلقاً.
كما ينبغي أَن يسعى لفهمِ واستيعابِ جوهرِها قَبْلَ مظهرِها، وعِبرتها قَبْلَ عَبرتها، ومحتواها قَبْلَ شعائرها.
وإِذا صادفَ أَن فشلَ مجتمعٌ من المُجتمعاتِ في أَن يتعلَّم منها شيئاً على الرَّغمِ ممَّا يبذلهُ من محاولاتٍ بهذا الخُصوص، فتأَكَّد بأَنَّ المُشكلة فِيهِ وفِي طريقةِ تفكيرهِ وتعاملهِ معها، وليس في عاشوراء.
فعندما يرفع مُجتمعٌ شعار {هيهات مِنَّا الذِّلَّة} وقد أُركِسَ في الذِّلَّة، فهذا يعني أَنَّ الشِّعار لم يتحوَّل عندهُ إِلى دثارٍ وإِنَّما هو مُجرَّد لقلقة لِسان ليس أَكثر.
وعندما يرفعُ مُجتمعٌ شِعار {إِنِّي سِلمٌ لِمَن سالمكُم، وحربٌ لِمَن حاربكُم} ثمَّ تراهُ يلهث راكضاً كالكلابِ السَّئبة خلف سيَّارة [القائد الضَّرورة] و [الزَّعيم الأَوحد] وهو يعرف أَنَّهُما أَفسدُ مَن عليها وأَفشلُ مَن فيها، فهذا يعني أَنَّ المُجتمع ليسَ صادقاً مع نفسهِ فضلاً عن عاشوراء، فالشِّعارُ يمنع الذي يتبنَّاهُ بشَكلٍ حقيقيٍّ من التَّصفيقِ للفاسدينَ والفاشلينَ، أَليسَ كذلك؟!.
نستخلصُ من ذلك نتيجةً مفادُها؛ أَنَّ صدق الإِلتزام بعاشوراء من عدمهِ يظهر في سلوكِ المُجتمعِ وليسَ في حديثِهِ وخُطبِ قادتهِ.
١٢ أَيلول ٢٠١٩
https://telegram.me/buratha