المقالات

كيف لنا ان نقتحم العقبة؟!


طيب العراقي

 

الدولة عبارة عن عالم مصغر، يتألف من عدة مناطق جيوسياسية، تشكل مكونات ذلك العالم الصغير، والدولة لبنة أساسية في بناء العالم ككل، كذلك فإن سياسة البلد الداخلية، مشابهة الى حد كبير، سياسة العالم، فالعالم مكون من مجموعة من الأقاليم، والإقليم مكون من مجموعة من الدول المتجاورة، والدولة مكونة من مجموعة مناطق جيوسياسية، كما أن المجتمع مكون من مجموعة من الأسر.

كل سائس لكيان من تلك الكيانات كبر أو صغر، من الأسرة وحتى العالم؛ لا يمتلك ذلك السائس السلطة المطلقة على أفراد كيانه، الا بما يحفظ كرامتهم وحريتهم وتطبيقه لمبادئ العدالة والمساواة فيما بينهم.

إذا كان الفرد في المجتمع يخضع لسلطة مطلقة، فيفقد بذلك حريته؛ فبالضرورة أن مكوناً ديموغرافياً ما في البلد، منتظم في محافظة أو إقليم، يفقد حريته تجاه الدولة، وبالمنوال ذاته؛ فإن البلد يفقد حريته تجاه الإقليم، والإقليم يفقد حريته تجاه الأقطاب الدولية. وذلك لا يعدو كونه إقراراً بالرق والعبودية!

إن ما جعل الفلاسفة الأوربيين الذين أسسوا الديمقراطية في العصور الوسطى، ان يفترضوا أو يثبتوا مثالية أو بالأحرى سلمية الحالة الطبيعية السابقة للحالة المجتمعية؛ هو التأصيل للقانون الطبيعي الذي يحفظ حرية الإنسان ويثبت له حق العدالة والمساواة.

الفرد في الأسرة يفقد من حريته بقدر إنتظامه في كيان الأسرة، ولا يوجد أي مبرر لفقدانه حرياته الأخرى، ما لم تكن متقاطعة مع حريات الآخرين. كذلك المحافظات والأقاليم المكونة للبلد، تفقد من حرياتها، بقدر التزام الأطراف الأخرى المشاركة لها في البلد، ولن يحد تلك المحافظات والأقاليم عن التمرد؛ سوى التزام الحكومة بالعقد المبرم فيما بينها وبين تلك المكونات. كذلك على مستوى الدول الإقليمية والمجتمع الدولي، توجد عهود ومواثيق وقانون دولي ومجلس أمن ومحكمة لاهاي.

بالإضافة الى ذلك؛ فكما أن العالم يخضع لصراعات القوى والمصالح، فإن البلد الواحد يخضع لذات الصراعات، ولكن على مستوى مكوناته الجيوسياسية. وسواء كان ذلك البلد يتكون من كونفيدراليات، أو فيدراليات، أو إمارات متحدة، أو محافظات متباينة ديموغرافياً أو عرقياً أو دينياً أو مذهبياً، ونحو ذلك من تعدديات مؤثرة وفاعلة.

الواقع العراقي؛ ينقسم فيه البلد الى ثلاثة كيانات جيوسياسية، تمتلك مقومات القوة الذاتية، ولها مصالحها الخاصة، سواء على مستوى مجتمعاتها المدنية أو ما يمثلها من كتل سياسية. وأي حديث عن انعدام توازنات القوى والمصالح بين أي من الأطراف الثلاثة من جهة، وبين الحكومة من جهة أخرى، وكذلك انصياع تلك الأطراف وخضوعها لسلطة الحكومة، مع تماهي قيم الحرية والعدالة والمساواة؛ ما هو الا مقدمة لحصول تمرد وربما إنفصال عن المركز، وما يستتبع ذلك من مؤامرات وإختلال للأمن الوطني وما الى ذلك من تبعات.

الحكومة ملزمة من خلال سياستها الداخلية، بمراعاة تلك المعايير في تعاملها مع المكونات الجيوسياسية للبلد، وكذلك مراعاة التمايز الديموغرافي بين تلك المكونات؛ تأريخياً ووصفياً ونظرياً، ومراعات الجانب البارادايمي لكل منها، وبناء كيان الأمن الوطني على أسس الوحدة الوطنية، والسلم الأهلي، والعدالة الاجتماعية؛ لا التسلط والعنجهية، وإحتكار السلطة، والتلويح بالقوة العسكرية، وتسويف القيم الديمقراطية، وتماهي التكنوقراط في مفاصل الحكم، لصالح الولاءات الضيقة.

أَيَحْسَبُ أَن لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ ﴿7﴾ أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ ﴿8﴾ وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ ﴿9﴾ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ﴿10﴾ فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ ﴿11﴾ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ ...؟!

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك