سلام محمد العامري
نُسِبَ للمفكر العالم محمد الغزالي الطوسي, أنه قال: " إن كان تغيير ألمكروه في مقدورك, فالصبر عليه بلادة, و الرضا به حمق".
يجب الابتعاد عن ألمكروه, والعمل على تغييره الى النقيض, بإيجاد علاج مُناسِبٍ له, فيكون عملاً مرغوباً به, من أغلبية المجتمع, إن لم يكن بالإمكان الحصول, على موافقةٍ تامة.
جرت العادة منذ تشكيل الحكومات العراقية, بعد سقوط نظام الطاغية صدام, أن تكون حكومة توافقية, يشارك بها كافة الأحزاب, المنضوية تحت قبة البرلمان العراقي, وتكون رئاسة مجلس الوزراء, للكتلة البرلمانية الأكبر, مع أنَّ ذلك يُعتبر التفافاً, على ما جاء في الدستور, من قيام الأغلبية البرلمانية بتشكيل الحقيبة الوزارية, وأن تكون بقية الأحزاب معارضة, تراقب الأداء الحكومي.
خلال الدورات السابقة ظهرت ركاكة القوانين, التي تخدم المواطن, واستفحال فسادٍ مالي وإداري, إضافة لفقدان التخطيط المستقبلي, والرقي بالاقتصاد العراقي, في كافة النواحي زراعية كانت أو صناعية, عدا النفط الذي كان سعره عالياً, ويغطي احتياجات العراق, إلا أن ظهور مافيات وحيتان الفساد, كما وصِفَ من بعض الساسة, حال دون استكمال المشاريع, التي رُصدت لها مبالغ طائلة, ومنها تطوير الكهرباء وتأهيل المصانع, ودعم الزراعة ومشاريع الري.
صبر المواطن العراقي, على رداءة الخدمات الأساسية, إلى أن بلغ السيل الزُبى, فالتظاهرات والاِعتصامات السابقة, خلال الأعوام السابقة لم تُجدي نفعاً, مع أن المُتظاهرين اقتحموا, المنطقة الخضراء وبناية البرلمان, ومكاتب رئاسة الوزراء, ما جعل أعضاء البرلمان, يخرجون هاربين خوفاً, من ان تطالهم أيدي المتظاهرين, ألذين ظهروا بحالة من الهيجان, لا يمكن ضبطها لا سيما وأن مطالبهم مشروعة.
وصلنا لعام 2018 أي اِنقضى عقد ونصف؛ من الفشل في الأداء الحكومي والبرلماني, حيث لا خدمات وتزايدٍ بمعدل البطالة, سد أليسا التركي الذي افتتح, لتجف الأهوار ويشح الماء, الذي يعتمد عليه المزارعون, وينقطع ماء الشرب الصالح, لتظهر أزمة زيادة الملوحة, في ماء البصرة والناصرية وباقي محافظات الجنوب, لتعصف بالعراق تظاهراتٍ, طالت بعض المنشآت والشركات النفطية, ووصلت للمنافذ الحدودية والموانئ والمطارات.
المرجعية الدينية في النجف, تكلمت مع بدايات ظهور الفشل, الأمر الذي وصل بها, إغلاق بابها بوجه كل مسؤول حكومي, لتتجه إلى المواطن ناصحة, أن ينتخب القائمة التي تمتلك برنامجاً واضحاً؛ لبناء دولة لا لتكوين حكومة فقط, وذكرت أن يُنتخب المرشح الصالح, ولكن لم يأخذ المواطن, بما أوصت به المرجعية, وبعد استنجاد المتظاهرين مؤخراً, كان ما لم يكن بحسبان الساسة.
قَدَّمت المرجعية من خلال, خطبة الجمعة ليوم 27/7/2018, طالبة من الساسة تقديم رئيس مجلس للوزراء, يتصف بالنزاهة والقوة والحزم, لتجاوز الأزمة الخانقة, وحذرت من تطور أساليب المتظاهرين, لحالة لا تُحمد عقباها, فتقديم الخدمات وتحسين الحالة المعاشية للمواطن, هي من الحقوق الذي توفيرها, قبل أن يفلت زمام الأمن في البلد, لا سيما أن داعش لازالت موجودة, بخلاياها النائمة.
هل سيصحى ساسة العراق؟ الذي كان جل تفكير أغلبهم, بما سيحصلون عليه من غنائم, وكأنهم بحالة حرب, ضد مصالح المواطن العراقي, متناسين بعد الإنتخابات, أنهم لم يجلسوا على مقاعدهم, لولا خروج المواطن يوم الاِقتراع, وهل سيعملون لتسريع خطواتهم, لتكوين الحكومة الجديدة؟
يتصور بعض الساسة والمسؤولين أن هامَةَ المواطن؛ يجب أن تبقى منحنية تحت تَسلطهم, متناسين أن العراق بنظام ديموقراطي, وليس دكتاتوري سلطوي, فهل سيحكمون عقولهم, والرجوع للدستور الدائم؟
قال الفيلسوف والشخصية الرئيسية لمذهب العقلانية, الفرنسي رينيه ديكارت: يكون حكم الدولة أفضل إن كان عندها القليل من القوانين، وهذه القوانين مرعية بصرامة.
https://telegram.me/buratha