يبدو ان المرجعية الدينية أعطت الانذار الاخير الى كبار المسؤولين في الحكومة وزعماء القوى السياسية ، بعد ما ألت اليه اوضاع البلاد وما تعانيه من مشاكل متنوعة وأزمات متشابكة . لقد وصلت الامور منذ مدة ليست بالقصيرة الى حالة من التدهور مالم تتخذ خطوات جادة وحقيقية في سبيل الاصلاح ومكافحة الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية .
لقد وجهت المرجعية الدينية منذ سنوات ماضية النصح للمسؤولين والمواطنين لتفادي الوصول الى الحالة المأساوية الراهنة . ونصحت كبار المسؤولين في الحكومة وزعماء القوى السياسية بأن يعوا حجم المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقهم وينبذوا الخلافات المصطنعة التي ليس وراءها الا المصالح الشخصية والفئوية .ويجمعوا كلمتهم على ادارة البلد بما يحقق الرفاه والتقدم لأبناء شعبهم ويراعوا العدالة في منح الرواتب والمزايا والمخصصات ، ويعملوا للإصلاح ويمتنعوا عن حماية الفاسدين من احزابهم وأصحابهم.
لقد حذرت المرجعية الدينية منذ سنوات بضرورة القيام بالإصلاح ولكن لم يصغ المسؤولون في الحكومة الى خطابها وبقوا يراهنوا على ان تخف المطالبات به ، وقد عادت المطالبة بأقوى وأوسع ما كانت عليه ، وسيصبح موقفهم ( ولات حين مندم ) .
كما نصحت المواطنين كلما حلّ موعد الانتخابات النيابية والمحلية بأن الاصلاح والتغيير نحو الافضل الذي هو مطلب الجميع وحاجة ماسة للبلد لن يتحقق الا على ايديهم فإذا لم تعملوا له بصورة صحيحة فإنّه لن يحصل، والآلية المثلى له هي المشاركة الواعية في الانتخابات المبنية على حسن ألاختيار أي انتخاب الصالح الكفوء الحريص على المصالح العليا للشعب العراقي... والمستعد للتضحية في سبيل خدمة أبنائه وقالت لهم ( المجرب لا يجرب ) ولكنهم ذهبوا الى اختيار المجرب مرة ثانية ، ويطالبوا المرجعية ان تضع لهم حل للخلاص من هؤلاء .. عجيب أمر هذا الشعب !!!
وقد طالبت المرجعية الدينية بأن يكون القانون الانتخابي عادلا ً يرعى حرمة اصوات الناخبين ولا يسمح بالالتفاف عليها ، وان تكون المفوضية العليا للانتخابات مستقلة ولا تخضع للمحاصصة الحزبية، وحذّرت من ان عدم توفير هذين الشرطين سيؤدي الى يأس معظم المواطنين من العملية الانتخابية وعزوفهم عن المشاركة فيها. وبالفعل فقد عزف أغلب الشعب عن المشاركة بالانتخابات البرلمانية لعام 2018 .
ونظرا لما سعت اليه المرجعية الدينية من أجل أن تجري الامور كما تتمناها ،ولكن استمرت معاناة معظم المواطنين بل ازدادت بسبب نقص الخدمات وانتشار البطالة وتراجع القطاعين الزراعي والصناعي بصورة غير مسبوقة، وكل ذلك نتيجة ٌ لاستشراء الفساد المالي والإداري في مختلف مرافق الدولة ومؤسساتها والابتعاد عن الضوابط المهنية في تسييرها وإدارتها..
واليوم الشعب يطلق ثورة الشعبية لتخلص من الزمر الفاسدة بتظاهرات سلمية عمة أغلب محافظات الوسط والجنوب مطالبة بتوفير الخدمات الضرورية من ماء وكهرباء وتوفير فرص للعاطلين عن العمل وخاصة الخريجين ، وإزاحة الفاسدين والفاشلين ، وقدمت المرجعية الدينية بعض التوجيهات والخطوات الاصلاحية التي يجب على الحكومة الحالية والقادمة والبرلمان القادم العمل بها ، وإذا تنصلت الحكومة عن العمل بما تتعهد به أو تعطل الامر في مجلس النواب أو لدى السلطة القضائية فلا يبقى أمام الشعب الا تطوير اساليبه الاحتجاجية السلمية لفرض ارادته على المسؤولين مدعوماً في ذلك من قبل كل القوى الخيّرة في البلد ويكون للمشهد وجهٌ آخر مختلفٌ عما هو اليوم عليه،وبهذا المرجعية الدينية أعطت الانذار النهائي ..
الكاتب والاعلامي / الحاج هادي العكيلي
https://telegram.me/buratha