قد يتصور البعض ان مقاطعة الانتخابات سلوك غير ديمقراطي ، بل هو سلوك انتخابي لا يختلف عن المشاركة في الانتخابات ، ولكون أن الانتخاب حق فأن عدم المشاركة هي حق كذلك يتخذه المواطن ، وهذا ما نوهت عنه المرجعية الدينية .
السؤال الذي يطرح نفسه .. لماذا المقاطعة ؟
والجواب بسيط جداً : لان قانون الانتخابات غير عادل ومصمم لاستحواذ حيتان الفساد الحاكمة على نتائج الانتخابات ، وهذا فعلا ما حصل .
أن المقاطعة حركة شعبية ظهرت قبل الانتخابات وتصاعدت وتيرتها مع قرب موعد الانتخابات ، وإنها تمثل اغلبية الشعب العراقي باعتراف كل الجهات المنظمة والمشرفة على الانتخابات . وتعتبر المقاطعة ردت فعل صارخة اتجاه تدهور الاوضاع في العراق ، وعزوف عن أعطاء التأييد والشرعية المطلوبة للسلطة الحاكمة منذ عام 2003 .
بعد أن رأى المقاطعون ان الانتخابات لم تغير الفاسدين وإنها شبه مستحيلة في ظل دستور ملغوم ،وقانون انتخابي جائر ، ومفوضية انتخابات قائمة على المحاصصة الحزبية للأحزاب الكبيرة التي تتمتع بإمكانيات مالية هائلة نتيجة استحواذها على الثروة في العراق . وأن انعدام امكانية تغيير حيتان الفساد من خلال انقلاب أو ثورة شعبية لذلك اتجه اغلبية الشعب الى مقاطعة الانتخابات لتوجيه نظر الرأي العالمي والإقليمي وحتى الداخلي بأن المقاطعة هي السبيل الوحيد الى عدم وصول الفاسدين والفاشلين الى السلطة من جديد .
ان المقاطعة جاءت كالرصاص الطائش التي لا يمكن ان يحسب له فنزلت عليهم كالصاعقة واستطاعة ان تدك عروش الفاسدين والفاشلين ولكن للأسف الشديد اقلية من الشعب اصطف معهم لمنافعه الشخصية وفقدانه الارادة السياسية وبيعه صوته لهم والتوجه العشائري العنصري الاعمى .
ان ما يعاني منع المقاطعون هو افتقارهم لإمكانيات المالية الضخمة التي نجدها عن الاحزاب الحاكمة الفاسدة ، وكذلك عدم وجود قيادة موحدة قادرة على توحيد المقاطعين ، والضعف الاعلامي المساند لهم ، وانعدام الدعم الاقليمي والعالمي .
ومع ذلك استطاع المقاطعون ان ينقلوا وجهات نظرهم حول الاوضاع في العراق من خلال البيان الاول الصادر يوم 6 / 5 / 2018 والذي نشرته وسائل اعلام ومواقع الكترونية عديدة .
ان المقاطعون يعلنون اليوم انهم ليس جزءا من مسرحية أعادة تدوير الفاسدين والفاشلين ، وان قانون الانتخابات غير عادل وهم يرفضونه ،وانهم يدعون المرجعية الدينية ان تقف مع اغلبية الشعب المقاطع للانتخابات وقبولها كقائد حقيقي للتغيير للوصول بالعراق والعراقيين الى بر الامان .
الكاتب والاعلامي / الحاج هادي العكيلي
https://telegram.me/buratha