المقالات

دولة حقوق وانتاج وخدمة.. لا دولة مكرمات وحروب وعوز


 

لابد من عودة دولة الجباية لتحل محل الدولة الريعية المحتكرة التي تعتمد على الموارد النفطية فقط، والمعطلة للمصالح والمستقوية على المجتمع والشعب، والمنتجة للفساد ولنظام سياسي شمولي فردي استبدادي. ولابد من تطبيق الدستور حول ملكية الشعب للنفط والغاز، بتوزيع سهم لكل مواطن، وفرض "ضريبة نفط"، واقترحنا، افتراضاً، ان تكون نسبتها 80% لتبقى 20% من الموارد النفطية للمواطنين. وانطلاقاً من الواقع المتقلب، افترضنا 50 ترليون دينار كموارد، وعليه ستحصل العائلة (6 أفراد) على 135000 دينار شهرياً تقريباً، ترتفع وتنخفض، حسب نسبة الضريبة، واسعار النفط، وعدد افراد العائلة.

يتساءل بعض الاخوة، هل يكفي هذا المبلغ، والبطاقة التموينية مهلهلة والاسعار مرتفعة. وجوابنا، هذا بمفرده لا يكفي لمعيشة عائلة، بل هو اسناد لها، وهدفها اعادة توزيع الثروة وتنظيم سياسات الدعم لتذهب لمستحقيها فعلاً، وتحريك لعوامل الاقتصاد، التي من شأنها توفير نشاطات اقتصادية تحقق موارد عيش افضل للمواطنين. فالهدف الاساس هو قلب معادلة الدولة الريعية لدولة جبايات وخدمة عامة، واستثمارات وانطلاق النشاط الاقتصادي الحقيقي، والتخلص من احتكار الدولة ومعوقاتها الكثيرة، لنخلص المواطن من مجمل هذا الواقع، لا ان نبقيه عليه. ولاشك ان العودة لاقتصاديات السوق يجب ان لا تعني ولادة احتكارية الشركات ورؤوس الاموال وتحكمها بالاسواق والمواطنين، وارتفاع معدلات التضخم والاسعار.

تمدد الدولة من دولة لها دور سياسي، لتصبح هي السياسة كلها، فاستشرت الشمولية والاستبداد والفردية.. ومن دور اقتصادي لتصبح الاقتصاد كله، فدمر الاقتصاد الوطني والقطاعات الحقيقية.. ومن دور اجتماعي الى المجتمع كله، فحلت مكان المجتمع، واصبحت دولة رعاية اجتماعية باسوء اشكالها واكثرها كلفة وفساداً وغشاً وعرقلة وعجزاً. ويذكر تقرير للبنك الدولي ان وزارة العمل عندما طبقت مشروع الباحث الاجتماعي، وجدت عدم صلاحية 43% من حالات الرعاية، وذكر بعضهم ان من بين الحالات قضاة ومسؤولين وحاملين لعدة شهادات جنسية مزورة. دولة تجاوز عدد الموظفين والمتقاعدين 7 مليون، دون ذكر العقود المؤقتة والمياومين وغيرهم. فالوظيفة ليست للخدمة بل للانتفاع فقط، لذلك يشرع في قانون الموازنة اعطاء اجازة لعدة سنوات براتب، فالراتب هو كمنحة الاعانة لا غير. وهذه امراض خطيرة وواقع قاتل، بكل نتائجه الاقتصادية والاجتماعية الفردية والجماعية السلبية.. وهو واقع سينهار كلياً حتى مع بقاء النفط، واستمرار تراجع القطاعات الحقيقية خصوصاً الزراعة والصناعة التي لا تتعدى نسبتها رقم احادي من الناتج الوطني، وارتفاع معدلات البطالة، وزيادة سكانية لا تقل عن مليون نسمة سنوياً ستتطلب –حسب معدل متوسط دخل الفرد- ما لا يقل عن حوالي 6 مليار دولار اضافية سنوياً.. فما بالك لو انتهى عصر النفط، وما الازمة الحالية سوى تذكير وتحذير للنتائج.

ستساعد عودة دور الدولة كدولة جباية وخدمة عامة لتغيير الاسس التي يقوم عليها تطور البلاد وقدراتها، باتجاه توفير العمل والسكن والتعليم والصحة والخدمات الاساسية ووسائل العيش الكريم والمستقبل الواعد لمواطنيها.. فالبطاقة التموينية بقدر ما هي ضرورة لكثير من المواطنين، في ظرف محدد، هي بدورها تذكير لنا بالضعف وانهيار الاقتصاد السليم. فلقد طبق التموين بعد الحرب العالمية الثانية، واجتياح الكويت، وهو ما يجب الخروج منه بسياسات دعم اكثر رشداً وفاعلية. فاعادة توزيع الموارد هو بداية اعادة توزيع الثروة بشكل اكثر عدالة وانصافاً.

ومن بين امور كثيرة، ستأخذ الضريبة التصاعدية من الميسور، لمصلحة المعسور، لتساعده اما لمواجهة اوضاعه الصعبة بسبب مرض او عطل او عمر صغير او كبير او ظرف مؤقت يمنعه من ممارسة عمل حقيقي، ولتساعده في الاعتماد على نفسه، وليس على الغير. وهناك فرق بين منح المحتاج مالاً يستهلكه ليعود ويحتاج غيره، ومنحه مالاً يؤسس به مشروعاً يعيل به نفسه وعائلته. فالهدف الاساس من تقويم المعادلة هو اعادة الحيوية للمجتمع والشعب، ليصبح هو الاقدر والاقوى الذي تعتاش عليه الدولة، وليس العكس.

 

عادل عبد المهدي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك