توقف الضخ كلياً الى جيهان منذ 17 شباط الماضي بسبب عمليات تخريبية عطلت الانابيب في الاراضي التركية.. وكانت العلاقة النفطية بين الحكومة الاتحادية والاقليم سالكة نسبياً للنصف الاول من 2015، وغير سالكة لبقية العام.. فاتفاق الموازنة يتضمن تسليم "سومو" 550 الف برميل/يوم في جيهان.. مقابل تسديد الحكومة حصة الـ17%.. واستطيع ان ادعي ان الاسعار لو بقيت مرتفعة بمعدلات 2014، او حتى بمعدلات 60 دولاراً للبرميل، لمضى الاتفاق قدماً، رغم الخلافات.. لكن انهيار الاسعار جعل الاموال في بغداد شحيحة جداً، وحاجة الاقليم للاموال ضرورة قاتلة. فبدأ الاقليم بتقليص كميات النفط التي يسلمها لبغداد، وانخفضت الـ17% من الاموال التي تسلمها بغداد لاربيل، لينقطع الاثنان تماماً في ايلول 2015.
رغم ذلك استمرت شركة نفط الشمال بتسليم كميات بمعدل 150 الف برميل/يوم تقريباً، انتظاراً للمباحثات. ولان المعدلات المستلمة عندما توقف التسليم كانت بحدود 300 الف برميل/يوم تقريباً.. ولتراجع كميات ما تتسلمة الحكومة الاتحادية، حتى عن معدلات الحقول الجنوبية لكركوك.. لذلك بدأنا بالتصريح ان هذا الوضع غير مقبول، سواء امام لجنة الطاقة البرلمانية، ومع قيادات الوزارة، والسيد رئيس الوزراء ومسؤولي الاقليم.. وصدرت بيانات رسمية تبين حراجة الموقف، وهو ما توج بمذكرة رفعت لرئيس الوزراء في 10/12/2015 تتضمن ان المفاوضات ان لم تجر سريعاً، فاحدى الخيارات توقف شركة نفط الشمال تسليم الكميات التي تنتجها، ما لم يقابلها تسليم كميات في "جيهان"، خصوصاً ان رواتب منتسبي الشركة هو حوالي 25 مليار دينار/شهر، دون ذكر التكاليف الاخرى. لذلك عندما صوت البرلمان – ومنهم الكتلة الكردستانية- على الاتفاق النفطي، كان الاعتقاد ان "سومو" ستبدأ باستلام الكميات المقررة، وان بغداد ستبدأ بدفع الـ17% المقابلة.
لم يحصل شيء من ذلك، ولم تجرِ مباحثات جدية.. وعندما توقف الضخ بسبب العمل التخريبي، اتخذت الوزارة قراراً علنياً بتوقف شركة نفط الشمال تسليم اية كميات اضافية ما لم تجرِ تسويات مقابلة.. فلا توجد اسرار او مفاجئات، كما صرح البعض.. كما لا يوجد اي مسعى للتدخل في اية خلافات سياسية سواء في الاقليم، او خارجه. فالوزارة وزارة اتحادية مسؤولة عن نفط العراق كله، وسلوكها وخططها هو الوصول لاهداف محددة في اطار هذه المسؤولية، ولمصلحة الجميع، وليس اي امر اخر
الوضع حساس ومعقد ويهدد بتطورات سلبية ويحتاج الى حلول ومساع جدية، وامامنا خياران:
1- ان نعود لاتفاق الموازنة النفطي ونسعى لتحسينه على ضوء الثغرات التي تخللته في 2015.. وهو الحل السريع والمباشر والمتفق عليه.
2- الذهاب لاتفاق جديد وفق الدستور والقانون، وهناك افكار عديدة، احداها التعامل بالكميات لتجاوز مسألة المدفوعات المالية واشكالاتها عند زيادة او انخفاض الاسعار، او مشكلة الصادرات. ولتحقيق الامر هناك متطلبات اساسية مسبقة ومنها..
1- نفوس الاقليم لضبط المعدلات الصحيحة وفق الدستور، وضوابط الشفافية والمعلوماتية الصحيحة والتي تسمح بالتحاسب الاصولي..
2- الية تحمل النفقات السيادية والحاكمة..
3- الية التعامل المشترك في المناطق المتنازع عليها، ومنها كركوك..
4- السلطة السيادية في التعامل مع الخارج..
5- امكانية ادخال مصالح اضافية كالكهرباء والمصافي والغاز والمشتقات النفطية والسياحة ومستحقات الشركات، والالتزامات الدولية الخ التي يحتاجها هذا الطرف او ذاك للخروج من المعادلات الجامدة الى معادلات اكثر مرونة لا تحصر الموضوع بالنفط فقط، بل بمصالح موازنة وتعويضية اخرى.
رغم كل ما يطرح من خلافات ودعوات للاستقلال الجزئي او الكلي، يؤكد الاقليم بتياراته المختلفة اكثر من اي وقت مضى بان بغداد هي الاقرب لتحقيق مصالحه.. وانه يتحمل جهداً استثنائياً في محاربة "داعش" وفي ايواء ملايين النازحين، وانه يواجه ازمة مالية حادة.. وواجبنا كمسؤولين وكمواطنين بذل كل الجهود بما يحقق اعلى مستوى من المصالح لكافة العراقيين، ولترصين الوحدة الوطنية وتفكيك المشاكل وايجاد الحلول لها لا تعقيدها، وفق اسس العدالة والدستور والوقائع التي على الارض واحتمالات المستقبل.
https://telegram.me/buratha