المقالات

حلبجة ..رمز الظلم المستبد

4890 10:04:00 2006-03-17

اقتسم الجنوب و الشمال من اهل العراق جرعة الظلم والقهر والتشريد والموت ونسمات الكيمياوي الصدامي , لذلك تراهم اكثر الناس شعورآ بحجم التحول التاريخي الكبير الذي يشهده العراق اليوم واكثر حرصآ على ضمان حقوقهم من خلال أليات قانونية ودستورية تحفظ لهم ولاجيالهم حياة كريمة تشكل بعناصرها جدار صلب ضد اي غفلة تاريخة اخرى قد تلد وليد غير شرعي اسمه الصنم و بكل مايحمل من معاني ومفردات دنيئة وسوداء ( بقلم : محمد الوادي )

 

تمر هذه الايام الذكرى السنوية لابشع جريمة في التاريخ العراقي الحديث , واكبر سابقة تاريخية على مستوى العالم والتاريخ الانساني , تقوم بها حكومة بحق جزء من شعبها وذلك باستخدام اسلحة الدمار الشامل ضد المدنيين والعوائل دون استثناء نساء واطفال شباب ورجال وشيوخ .أنها جريمة ومذبحة مدينة حلبجة عام 1988 التي قام بها نظام ابن العوجة الساقط حيث استهدفها بالسلاح الكيمياوي دون سابق انذار او حتى تحذير و لتنقطع روح وانفاس الارض والهواء والبشر في لحظات قليلة ولتسجل في هذه اللحظات القليلة اكبر واعتم صور الظلم والاجرام والحقارة لنظام فاقد الاهلية القانونية والدستورية وحتى الاخلاقية . ولتضاف الى عذابات ومأسي الاكراد في العراق , جريمة كبرى اخرى لن تغتفر ولن ينساها التاريخ البشري والانساني الحقيقي. ومثلما كانت دائمآ صفة الغباء تلازم كل حكم ديكتاتوري , فان الصنم الساقط , تصور انه بجريمته الشنيعة هذه سيقضي على نضال اكراد العراق الشرفاء لنيل حقوقهم الانسانية والتاريخية , فكانت النتيجة عكس ذلك تماما حيث زادت من وتيرة قوتهم واصرارهم على نيل حياتهم الكريمة وحقوقهم المسلوبة انذاك . وذهب الصنم الى حفرته الحقيرة وبقيت كردستان جميلة وزاهية باهلها الطيبين , وبجبالها ووديانها الجميلة  التي تصنع جمال الحياة وزهوها الرائع . وليبقى شهداء حلبجة وكل شهداء كردستان ذكرى معطرة تهب وتنير الحياة لمن بعدها , وليسقط الصنم في مستنقع الوحل والهزيمة والانحطاط التي عرف فيها . اقتسم الجنوب و الشمال من اهل العراق جرعة الظلم والقهر والتشريد والموت ونسمات الكيمياوي الصدامي , لذلك تراهم اكثر الناس شعورآ بحجم التحول التاريخي الكبير الذي يشهده العراق اليوم واكثر حرصآ على ضمان حقوقهم من خلال أليات قانونية ودستورية تحفظ لهم ولاجيالهم حياة كريمة تشكل بعناصرها جدار صلب ضد اي غفلة تاريخة اخرى قد تلد وليد غير شرعي اسمه الصنم و بكل مايحمل من معاني ومفردات دنيئة وسوداء . ولايعيبهم بذلك ويزايد عليهم الا اصحاب العقول المريضة والاحلام العقيمة الذين يتصورون ان عجلة التاريخ من الممكن ان تعود الى الخلف ولو بصنم اخر جديد يحمل على صدره شعار الديمقراطية وبين جنابته سيوف الغدر وخناجر السم للشرفاء والمذبوحين والمظلومين من اهل العراق الحقيقين . مازالت ارض حلبجة وقصب الاهوار شاهدآ حيآ وناطقآ فصيحآ على حجم الكارثة التي مرت على اهل العراق . لذلك من يريداليوم ان يقلل من حجم الجرائم ويشكك بها , ان يستنفر ضميره الانساني  في حال بقي منها شيئآ يستنفر . وان يعي الحقيقة الجديدة في العراق الجديد التي يقررها الواقع على الارض وليس البهائم البشرية الانتحارية تلك التي جعلت اجسادها النتنة جسورآ لتحقيق احلامهم المريضة والمستحيلة . وايضآ الى بعض الذين يستكثرون على بعض الرموز السياسية الكردية بعض المناصب الرسمية في العراق الجديد , ان لاتختلط عليهم الاوراق وان يفرقوا بين بعض الامور والمواقف السياسية لبعض الشخصيات الكردية وبين الحقائق التاريخية التي تقول ان الاكراد في كردستان العراق هم جزء اساسي ورئيسي من الشعب العراق وليس ولايمكن ان يكونوا مواطنيين من الدرجة الثانية . وطالما كانت هذه الحقيقة ثابتة اذن يجب التعامل مع رموزها بكل احترام وتقدير حتى في حالة الاختلاف السياسي والنظر الى الامور كلآ حسب زاويته التي يقف فيها ومصالحه الشخصية والفئوية التي يراها مناسبة , حتى وان كانت بعض المواقف تشكل نوع من الصدمة وخيبة الامل عند البعض . ففي السياسة لايوجد ثوابت او مقدسات بل توجد مصالح متبادلة , فعليكم بها واتركوا هذا السجال الذي سحب بعض شركاء الظلم والموت المشترك الى ساحة الشتم والسب ومحاولة النيل من الاخر . وهذا بالضبط مايسعى اليه الذباحون والمجرمين وازلام الصنم الساقط . دعونا نجعل من ظلمنا المشترك مركب للعيش المشترك والتلاقي ولو في الوسط الذي يخدم مصالحنا الفئوية والوطنية المشتركة على حد سواء , وليس بذلك خطأ او عيب . بل انه نوع من فهم حركة التاريخ والاستفادة من دروس تلك السنيين العجاف التي مرت علينا . وغير ذلك سيكون نوع من الانتحار السياسي والمجازفة بمستقبلنا ولو بشكل بطيء من خلال تمكين اتباع الصنم والذين بعضهم يتوسط العملية السياسية الحالية للنيل من مكتسباتنا الحالية والمستقبلية ولن يكون من رابح بعد ذلك على مستوى كل العراق .  اليوم حلبجة الجريحة تقف وعيونها يغرقها الدمع والالم وهي تبتسم بفرحة ازالة الصنم , ووقوفه خلف قطبان المحكمة حيث ينتظره مصيره المحتوم . تشاركها نفس الفرحة كل قصب وبردي الاهوار في الجنوب , وهي تمد اليد لبناء عراق جديد يسوده الأمل والتفاول بغد افضل , وفي بناء بلد يحكمه القانون والدستور بعيدآ عن الاهواء والنزوات الشخصية الزائلة . سيبقى العراق اكبر من الجميع ويحتوي الجميع , ومثلما احتضنت ارضه مقابر الظلم الجماعي , ستحتضن كل العراقيين دون استثناء وأمالهم الجميلة , الا اولئك الاوباش الذين اتخذوا من دماء وارواح الابرياء طريقآ مظلمآ ودنيئآ لجني مكاسب سياسية طائفية وشخصية .  محنة العراق الجديدة اليوم .. حلها الاكيد بيد ابنائه .. من اخلال أستلهام العبر والدروس من سيرة ايام ظلم الصنم المزمن والمستبد . واحترام نتائج صندوق الانتخابات واصوات الملايين التي خرجت للتصويت وعدم محاولة الالتفاف عليها بطرق بائسة .  وغير ذلك سيكون عبارة عن تعبيد طرق جديدة تقودنا الى ظلم اخر واستبداد اكبر ولو بوجوه وعنوانين اخرى جديدة. محمد الواديal-wadi@hotmail.com
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك