محسن الجابري
تعددت العوامل واجتمعت لتؤدي بالنتيجة لهلاك السفاح الزرقاوي، ورغم إن الجهد الاستخباراتي المكثف لاصطياده كان له دوره في عملية العثور على وكر هذا السفاح إلا إن هذا الجهد ما كان له أن يوفق لولا اخطاء أمنية قاتلة ارتكبها على المستوى الأمني هذا السفاح، والعجيب أنها من صنف الأخطاء الابتدائية في ساحة كالساحة التي ولغ فيها هذا الارهابي.
أول هذه الأخطاء مغامرته المجنونة التي قام بها ممنذ حوالي الشهر إذ برز على شاشات التلفزيون وهو يتكلم وبكامل قامته وشكله، ومن يريد أن يتابع مثل هذا السفاح يعدّ هذا الفلم من الكنوز المهمة التي أهداها الزرقاوي إلى متابعيه وصائدي رأسه، فمن المعلوم أن الأجهزة التي كانت تتابعه لا تتمتلك عنه إلا صورا قديمة ومبهمة وفي تلك الصور بدا الزرقاوي بقد غير القد والوجه الذي برز على شاشة التلفزيون مما سمح بتحديث أساسي في المعلومات للأجهزة التي تتابعه. ولاشك ولا ريب أن عملية قتله التي جاءت بعد فترة وجيزة جدا من عملية تصوير هذا الفلم وكشفه ما كان لها ان تكشف هوية المقتول بسهولة لولا ذلك الفلم الذي زود المتعقبين لهم بثروة مهمة في هذا المجال.
ولا أستغرب لو أن من أغرى الزرقاوي بأن يصوّر مثل هذا الفلم وسوّغ له عملية كشف وجهه بهذه الشكل كان مندساً أو قريباً من عناصر مندسة كانت تعمل على ايقاعه في الفخ، أما لو كان الأمر متعلقاً فقط في الزرقاوي وإرادته فإنه يكشف ولا ريب عن تصرف فيه الكثير من الرعونة والخفة لشخصية افترضوها قيادة لعمل يريدون أن يحققون فيه أحلاما كبيرة.
الخطأ الثاني يعود إلى التسجيل الصوتي الذي تصاحب مع الفلم، فقد سمح هذا التسجيل لأجهزة التعقب والتنصت أن تسجل له شيفرة صوتية واضحة ونظيفة مما يمكن هذه الأجهزة من تعقب أي مكالمة صادرة منه بغض النظر عن طبيعة التلفون المستخدم، وهذاما جعله صيدا قريبا من هذه الأجهزة التي لها أن تتمكن بالتدريج من رسم مسارات تحركه من خلال تعقب مسار المكالمات.
أما الخطأ الثالث والكبير فهو استخدامه لجهاز الثريا المتميز في أنه كان يحمل خاصية تحديد المواقع، فمع الهدية الزرقاوية بتزويد أعدائه بشفرته الصوتية، ومع استخدامه لهذا الجهاز غدا ممكنا تحديد الموقع بطرق أسهل، وهنا لن أستغرب لو أن جهازه قد تم دسه له من قبل مندسين ليتم من خلاله تشغيل (آي سي) خاص ومخفي لهذا الغرض، وصراحة انا استبعد أن يكون قد تم التدليل على مكانه من قبل أشخاص عاديين (اللهم إلا أن نقول بفرضية الاندساس المعادي له داخل تنظيمه والتي لا نستبعدها) لأن البيئة التي كان يتنقل فيها هي بيئة حاضنة له أو مرتعبة منه.
يبقى أن ألفت النظر إلى ما رشح من أنباء بانه لم يمت مباشرة وإنما بقي مدة وأنه حاول الهروب، وأن جهازه (اللاب توب) والقرص المدمج الذي يحوي على كل أسرار التنظيم، فهذه الأخبار تبرز كم كان الرجل خائنا لتنظيمه إذ أوهمهم بأنه سينتحر لو تمت مداهمته، ولذلك لبس حزاما ناسفا ولكن ترى لماذا لم ينتحر طالما أن القوات العراقية والأمريكية وصلت إلى الموقع بعد مدة زمنية كافية لتحقيق فرضية الانتحار!!
أسئلة وعلامات استفهام نضعها بين يدي القاعديين على قائدهم ومؤسسهم أشد لعائن الله وغضبه
وكالة أنباء براثا (واب)
https://telegram.me/buratha