كثيراً ما كانت أضحك عند سماعي لقصة ذلك الشرطي "الصعيدي" من اخواننا المصريين عندما يقف امام الضابط ليخبره بكل ثقة انهم استطاعوا ان يمسكوا المَقتول، وما زال البحث عن القاتل، لكنني لم أتصور في يوم من الايام، أن أشهد تطبيقاً عملياً لتلك القصة على أرض الواقع، في زمن الصحافة الالكترونية، والتواصل الاجتماعي، والحقائق المصورة، في كل زاوية وركن.
فبعد ليلة تابع احداثها الكثيرون ممن صعقوا من الاخبار العاجلة، بتبادل النائب عن دولة القانون "كاظم الصيادي، أطلاق النار مع المتحدث الرسمي لائتلاف المواطن "بليغ ابو كلل" في مقر قناة دجلة الفضائية.
ثم ظهور التصريحات الرسمية من مكتب القناة، وشهادة كوادرها، بأن ما حصل هو إعتداء من طرف "الصيادي" ضد "أبو كلل" بشكل مفاجئ وغير مسبوق، بصورة تشبه عملية الاختطاف، والشروع بالقتل العمد مع سبق الاصرار والترصد، وبدلالة الجرم المشهود، والاثار العينية للإطلاقات النارية في مقر القناة.
لكن ما أثار الاستغراب الكبير، هي تلك الاصوات النشاز، التي تحاول أن تصفي حساباتها السياسية، وبغضها النفسي، تجاه شخص يختلف معهم في الفكر أو الرؤية السياسية، فبدأوا بحملة الدفاع عن المُعتدي "الصيادي"، وتبرير فعلته، والدفع باتجاه التصعيد ضد المُجنى عليه "أبو كلل"، في سابقة غريبة جداً لا يمكن قبولها دينياً وقانونياً وعرفياً، ببلدنا مثل العراق يحمل القيم والعادات التي علمت الدنيا أصولها.
أن كل من حاول ان يخلط الحقائق، ويقلب الوقائع، ويتصيد في مياه حقده العكرة، عليه أن يفهم أمراً واحداً، "كاظم الصيادي" الذي ينتمي لدولة القانون النيابية، لا يحمل شيئاً من فكر الدولة التي تحترم القانون، وقد نسى انه عضو في السلطة التشريعية، التي من جُل واجباتها أن تحمي القانون وتحاسب المتجاوزون، لا أن تكون قوة، تُسيء للمواطن، وتتحدث بإسم القتل، والخطف والارهاب، فأسلوب العصابات، والجريمة، لا يمكن له ان يجتمع مع من تكلف بمهمة حفظ القانون.
أما دولة القانون، فهي مطالبة ببيان موقفها، والتجرد من صرعاتها السياسية، ومعالجة الازمة التي افتعلها "الصيادي"، والتأكيد على رفضها القوي لمثل هكذا افعال غير مسبوقة في دولة العراق الحديثة.
وعلى أئتلاف المواطن والكتل البرلمانية الاخرى، رفع الحصانة عن النائب "كاظم الصيادي"، والاتجاه نحو تشريع قانون يُجرم البرلماني والمسؤول الذي يُسيء استخدام سلطته وصلاحياته، في أرهاب الناس وتخويفهم، وان يأخذ القضاء دورة الحقيقي، والابتعاد عن التدخلات السياسية والضغوطات التي تعرقل تحقيق العدالة، وتجعل المواطن في ريبة من احترام القانون.
https://telegram.me/buratha