نقلت صحيفة الحياة اللندنية, في عددها الأخير خبرا, أن حكومة حيدر ألعبادي, وبعد نقاش حاد وطويل بين أعضائها,واتصالات مكثفة, مع عدة مكونات سياسية, أرجئت البت في توجيه طلب إلى روسيا, بشان مشاركة الطيران الروسي, في قصف عناصر تنظيم داعش الإرهابي, داخل الأراضي العراقية,وأضافت الصحيفة حدث هذا تحت ضغط هائل من الولايات المتحدة, التي ترى في دخول روسيا الساحة العراقية, تجاوزا لخط احمر أمريكي, وخروجا غير مقبول عن قواعد اللعبة.
الحقيقة الأولى المهمة إن تحالف أمريكا وخلال عام, لم يقدم شيء حقيقية في حرب داعش, بل كان أداءه ضعيفا, وكان احد أسباب تمدد داعش جغرافيا, بالإضافة إلى عمل أمريكا, على عرقلة إيصال السلاح للعراق, مما يعني, أنها كانت تريد للعراق إن يغرق, في فتنة داعش, هذا الأمر ليس خافيا عن الحكومة العراقية, خصوصا إن استمرار الحرب, يعني غرق العراق بسبب تكاليفها الباهظة, مما يوجب عدم الركون للإدارة الأمريكية, لأنه يعني الضياع التام.
أمريكا تعتبر أي تدخل في العراق, من دون الرجوع لها خط احمر, بحسب اللعبة العالمية بين القوى الكبرى, التي قسمت البلدان بينها, فلا يمكن لروسيا أن تتدخل إلا بطلب عراقي, هكذا هي أصول اللعبة.
ألعبادي يعاني كثيرا هذه الأيام, نتيجة عدم قدرته التوصل لقرار صحيح, بفعل الضغوطات الأمريكية, التي تطالبه برفض العرض الروسي, وبين جهات سياسية تطالبه بان يكون شجاعا ويقبل الطالب الروسي, وعندها ستنسق روسيا مع أمريكا, لكنه بقي خائفا مرتبكا, لا يقوى على اتخاذ قرار اكبر منه, فالصدفة هي التي أتت به لهذا الموقع, مما يعني انه سيضيع علينا الزمن, وفرصة ذهبية للخلاص السريع من الدواعش.
نظرة سريعة للإحداث في سوريا, نجد إن الضربات الروسية بأيام, حققت ما لم يحققه التحالف الأمريكي, بسنة وثلاث أشهر, أي إن روسيا جادة في حرب الإرهاب الداعشي, ومن هنا تأتي المخاوف الكبيرة, لأمريكا وأعوانها في الداخل العراقي والدواعش.
بعض ساسة أهل السنة, وجودهم السياسي مبني على استمرار وجود داعش, , فهؤلاء يتاجرون بقضية أهل الستة, فالفوضى الحالية لمناطق تواجد أهل السنة, تسمح لهم بالاستمرار سياسيا, مع فشلهم وفسادهم, إلا إن الوضع القلق أبقاهم, هؤلاء ترعبهم روسيا, لأنها جادة في ضرب داعش, مما يعني عودة مناطقهم إلى الاستقرار, وبالتالي قد يتركهم الناس وينتخبوا غيرهم, خصوصا مع فشلهم السياسي الفاضح, والذي يدركه أهل السنة اليوم, لكن العجيب موقف ألعبادي, وسيعيه لإرجاء الموافقة.
البعض الأخر من ساسة السنة, يعتاشون على وجود داعش, اقتصاديا وسياسيا, نتيجة مبيعات السلاح والنفط المتبادلة, وهي مكاسب يومية بالمليارات, بالإضافة إلى أنهم لديهم اتفاقات مع داعش, تعطيهم قوة كبيرة في المناطق السنية, فان وافق ألعبادي على طلب روسيا, يعني غلق باب المكاسب, وغروب شمس قوتهم, لذا يسرعون إلى الرفض, وتعطيل الموافقة على الطلب الروسي, والغريب إن يستجيب ألعبادي لضغوطهم.
البعض الأخر من ساسة أهل السنة, يعتبر نفسه في محور أمريكا, فهو يرفض ما ترفض, ويقبل ما تقبل, لذا يعتبر إيران عدو, ويعتبر سوريا الأسد عدو, ويعتبر روسيا عدو, لذا طبيعيا إن يسرع هؤلاء, للرفض والضغط لإفشال مشروع القضاء على داعش, والأغرب إن يوافقهم ألعبادي ضمنا, من خلال موقفه المرتبك.
ألعبادي اليوم بين خيارين, إما إن يتحول لبطل تاريخي, وهذا يتطلب جرأة في اتخاذ القرار, أو يغرق مع فريق داعش, عند استسلامه للضغوط.
https://telegram.me/buratha